دعا “معهد كوينزي” الأمريكي، مع حلول الذكرى السنوية الـ20 لقانون “تفويض استخدام القوة العسكرية ضد العراق” (ايه يو ام اف)، الى انهائه مع انتفاء مبرراته، منتقدا أن السلطة الامريكية استخدمته من أجل تبرير خوض نزعات لا مبرر لها.
وأشار المعهد الأمريكي في تقرير له الى ان ايام التفويض القانوني للعام 2002 بغزو العراق، قد أصبحت معدودة، مذكرا بان الأحد 16 تشرين الأول/أكتوبر تصادف الذكرى العشرين للقانون الذي أجاز للسلطة التنفيذية في واشنطن، غزو العراق.
واعتبر التقرير أنه مع تزايد الإجماع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة، فإن الكونجرس قد يكون على وشك الغاء هذه السلطة الممنوحة بموجب هذا التفويض لشن الحرب.
وذكّر التقرير بأن الكونجرس اقر الاذن باستخدام القوة العسكرية حول العراق، استجابة لطلب من الرئيس جورج بوش في تشرين الأول/أكتوبر العام 2002، وهو جاء بعد 13 شهرا من قانون تفويض استخدام القوة العسكرية للعام 2002 الذي استخدم ضد المسؤولين عن هجمات 11 أيلول/سبتمبر ضد نيويورك وواشنطن.
إلا أن التقرير اعتبر أن التفويض المتعلق بالعراق، جرى استخدامه لهدف مختلف، موضحا ان القانون سمح للرئيس باستخدام القوات المسلحة عندما يكون “ضروريا ومناسبا” من أجل “الدفاع عن الأمن القومي للولايات المتحدة ضد التهديد المستمر الذي يشكله العراق” و “تطبيق جميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بشأن العراق”.
وذكر التقرير بأن هذه القرارات تتعلق باتهام النظام السابق بحيازة أسلحة دمار شامل، فيما خلصت اجهزة الاستخبارات الامريكية لاحقا أن ذلك اتضح عدم صحته، منتقدا فكرة هذا الادعاء الخاطئ تحول إلى “مسألة ثانوية في السجل التاريخي للحرب التي تلت ذلك”.
ولفت التقرير الى ان “القتال استمر” برغم الاطاحة السريعة بصدام حسين واعلان بوش ان “المهمة انجزت” وانتهاء العمليات القتالية الرئيسية في 1 مايو/أيار العام 2003، واعدام صدام حسين في العام 2006.
وتابع التقرير أنه مع حلول الوقت الذي أعلن فيه الرئيس باراك أوباما رسميا انتهاء حرب العراق وسحب كافة الجنود الأمريكيين في كانون الأول/ديسمبر العام 2011، كان نحو 126 ألف مدني عراقي قد قتلوا، بالاضافة الى 4500 جندي أميركي، في حين أصيب 32 الف جندي آخر في هذه الحرب التي تكبد فيها دافعو الضرائب الأمريكيين قرابة 800 مليار دولار.
وقال التقرير إنه في ظل انتهاء حرب العراق رسميا منذ نحو 11 عاما ، فانه يطرح السؤال حول النقاش المتعلق بالقانون الذي سمح بوقوع هذه الحرب.h
ولفت التقرير الى مفارقة مفادها ان في حقبة ما قبل هجمات 11 سبتمبر/أيلول، نادرا ما كان يجري نقاش حول قوانين التفويض بالحروب واعلانها، أو حتى تترافق مع دعوات من أجل إلغائها، موضحا أن إلغاء مثل هذه القوانين لم يكن في السابق ضروريا من اجل انهاء استخدام السلطة التنفيذية لها، مشيرا الى ان الادارات الامريكية السابقة كانت تتقبل فكرة ان نهاية النزاع تعني عمليا نهاية الحالة التي سمحت به.
وعلى سبيل المثال، قال التقرير ان الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت لم يلجأ بتاتا الى الاعتماد على إعلان الحرب الصادر في العام 1917 ضد المانيا، من اجل ان يبرر الحرب ضد نظام هتلر النازي بعد ذلك ب 24 عاما، وان الرئيس روزفلت سعى وقتها من أجل الحصول على تفويض جديد من السلطة المخولة دستوريا “إعلان الحرب”.
واضاف ان هذا الحال لم ينطبق فيما يتعلق بالتفويض المتعلق بحرب العراق، إذ برغم أن نية الكونجرس من وراء القرار كانت واضحة، الا ان الادارات المتعاقبة قامت بتفسير القانون بما هو ابعد من هدفه الأصلي.
وفي هذا السياق، اشار الى ان هذه هذه التفسيرات الفضفاضة بدأت في العام 2014، عندما سمح الرئيس باراك أوباما بنشر قوات امريكية في العراق من اجل محاربة تنظيم داعش حيث اعتبرت إدارة أوباما أن قانون التفويض حول العراق للعام 2001، يتضمن إذنا من الكونجرس لتنفيذ هذه المهمة الجديدة، وهو يشكل أيضا بديلا قانونيا بإمكان الرئيس الاعتماد عليه من أجل القيام بعمل عسكري في العراق.
وتابع التقرير؛ أن تفويض العام 2011، فسرته إدارة أوباما لاحقا، وتحديدا في ديسمبر/كانون الأول العام 2016، على انه يتيح لها القيام بعمليات عسكرية ضد داعش في سوريا حيث اعتبرت أن تفويض حرب العراق للعام 2011، يعزز السلطة للقيام بعمليات عسكرية ضد داعش في العراق وفي أماكن اخرى بالقدر اللازم لتحقيق هذا الهدف.
كما أن ادارة الرئيس دونالد ترامب ذهبت في العام 2018 إلى أبعد من ذلك، حيث اعتبرت أن تفويض العام 2011، يسمح باستخدام القوة للتصدي لكل من “التهديدات الموجهة الى العراق او النابعة منه”، وهو ما تسبب في توسيع نطاق القانون بشكل كبير وسمح بتبرير استخدام القوة العسكرية ضد اي عدد من التهديدات الإقليمية للعراق، سواء من جانب تنظيم أو من جانب دولة، وفي هذا السياق سمحت لنفسها باغتيال قائد قوة القدس الايراني الجنرال قاسم سليماني في كانون الثاني/يناير 2020، أي بعد 18 سنة على إقرار القانون.
وبينما أشار التقرير إلى ان رفض الفقهاء القانونيين هذا التبرير من جانب ادارة ترامب، فان الكونجرس رد بإصدار قرار يقضي بتجميد الاعمال العدائية ضد ايران، وذلك باغلبية من الحزبين في مجلسي الكونجرس، لكن في نهاية المطاف تم رفض القرار من قبل ترامب مستخدما “الفيتو” الرئاسي.
وفي هذا الإطار، قال التقرير انه خلال السنوات الماضية، تزايد الإحباط بين غالبية النواب من الحزبين في الكونجرس بسبب استيلاء السلطة التنفيذية على السلطات الدستورية للكونجرس في اتخاذ قرار ما إذا كانت واشنطن ستخوض الحرب ومتى وضد من.
وتابع التقرير ان نوابا كالنائبة الديمقراطية بابرا لي تقدمت بطلب تعديل تبناه مجلس النواب من اجل الغاء قانون التفويض بحرب العراق. كما تقدم السناتور الديمقراطي تيم كين والسناتور الجمهوري تود يونغ تعديلا مماثلا إلى مجلس الشيوخ.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن الأكثر أهمية منذ لك هو أن إلغاء قانون تفويض حرب العراق للعام 2002، يحظى بدعم ادارة بايدن. في يونيو 2021، حيث أصدر البيت الأبيض بيانا ينص بشكل حاسم على أن “الإدارة تدعم إلغاء قانون تفويض العام 2002″.
والى جانب ذلك، يؤيد هذه التحركات العديد من الجماعات والمنظمات التي تعكس دعم الكونجرس من الحزبين، بما في ذلك جماعات المحاربين القدامى، بالاضافة الى عائلات ضحايا 11 سبتمبر/أيلول، وهو ما يعكس أيضا مشاعر الشعب الامريكي اذ ان اكثر من 80 % من الجمهور يؤيدون تقييد سلطات الرئيس في شن الحرب وتعزيز إشراف الكونجرس على قرارات استخدام القوة.
وخلص التقرير الى القول الى انه في الذكرى ال20 لقانون تفويض حرب العراق للعام 2002، فإنه من المهم أن يتم التفكير في كلفة وعواقب هذا القانون، حيث انه بعد سنوات من سفك الدماء وانفاق مليارات الدولارات ، وخضوع السلطة الدستورية، يبدو أن الكونجرس اصبح مستعدا اخيرا لإلغاء تفويض الحرب حيث عفا عليه الزمن.
وأضاف ان الوقت أصبح مناسبا تماما لـ”طي هذه الصفحة” بالنسبة الى الجمهور الذي أنهكته الحرب، والمتلهف لأن يقوم ممثلوه المنتخبون بإعادة فرض الضوابط والتوازنات الدستورية.