يعتبر التهاب الكبد ببعض أنواعه من الأمراض الفيروسية السهلة الانتقال. هذا ما يفسر ارتفاع عدد الحالات في المجتمعات التي تنخفض فيها معدلات النظافة. ومؤخراً، سجّل ارتفاع ملحوظ في معدلات الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي، خاصة في مخيمات اللاجئين السوريين، ما استدعى اتخاذ إجراءات صارمة للحد من انتشار المرض ومن تفشيه إلى المجتمعات خارج إطار هذه المخيمات. وفق ما يوضحه الطبيب الاختصاصي بالأمراض الجرثومية في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية – مستشفى سانت جون الدكتور مجد رستم، ثمة تفاوت في معدلات خطورة التهاب الكبد بمختلف أنواعه، كما تختلف طرق الانتقال أيضاً لكن في كل الحالات ثمة إجراءات معينة يشدد عليها للحد من انتشار المرض، بمناسبة الشهر العالمي للتوعية حول التهاب الكبد الفيروسي.ما أنواع التهاب الكبد الفيروسي؟التهاب الكبد هي سلالة من الفيروسات التي تسبب التهابات في خلايا الكبد، وثمة أنواع عديدة من هذا الالتهاب، لكن أكثرها شيوعاً وانتشاراً التهاب الكبد الفيروسي “أ”، وهو في الوقت نفسه يسبب أعراضاً أكثر من باقي الأنواع. أما التهاب الكبد بنوعيه “ب” و”ج” فلا يسببان أثراً مزمناً في خلايا الكبد بشكل ينتج منه تليف الكبد أو التشمع كما يحصل مع النوع الأول.
كيف تنتقل عدوى التهاب الكبد الفيروسي؟في نوعيه “ب” و”ج”، ينتقل المرض عن طريق الدم من خلال العلاقات الجنسية أو من خلال الحقن المستخدمة مرات عدة من قبل مدمني المخدرات. كما كان ينتقل من خلال نقل الدم الملوث قبل مرحلة التسعينات، وفق ما يوضحه رستم، فيما لم يعد ذلك ممكناً بعدما أصبحت الفحوص تجرى للدم للوقاية من انتقال المرض. هذا، ومن وسائل انتقال المرض أيضاً الوشم في حال استخدام إبر غير معقمة. لكن يبقى الكباد “أ” أكثر أنواع المرض انتشاراً حالياً في لبنان خاصة بما أن انتقاله بالعدوى سهل من خلال الأكل في حال عدم غسل اليدين الملوثتين قبل تحضيره أو لمسه. هو يرتبط بقلة النظافة وبتلوث الماء، وقد ينتقل أيضاً عبر الأسطح الملوثة. وتكمن المشكلة في أنه في نسبة 30 في المئة من الحالات، لا تظهر أي أعراض للمرض ويكون قابلاً للانتقال عندها بسهولة ومن دون أن يعرف المريض أنه مصاب. علماً أن فترة حضانة المرض طويلة نسبياً وتمتد خلال شهر.
هل يعتبر الكباد “أ” من الأمراض الخطيرة؟في معظم الحالات، يشفى المريض تلقائياً تماماً. لكن في حالات قليلة بنسبة 1 في المئة يمكن أن يؤدي المرض إلى فشل في الكبد لا يمكن معالجته عندها إلا بزرع الكبد. لذلك، وكونه يصعب تحديد من سيصاب بالفشل في الكبد من المرضى، من الضروري أن يخضع كل مريض للمتابعة الطبية والفحوص للتأكد من عدم تطور حالته، وإن كان المريض يتعافى في نسبة 99 في المئة من الحالات. هذا، ويمكن أن يزيد جفاف السوائل في الجسم من الخطر على خلايا الكبد، من هنا أهمية تجنبه قدر الإمكان. وكانت هذه الحالات قد زادت بحسب رستم في فترة الجائحة عندما أكثر الناس من تناول الباراسيتامول بمجرد حصول أي ارتفاع في الحرارة ودون استشارة الطبيب. إذ إن الباراسيتامول على الكبد في حال المبالغة بتناوله.ما الأعراض الناتجة من التهاب الكبد؟- ارتفاع الحرارة- التعب- الغثيان- وجع البطن- التقيؤ- خفض الشهية – اصفرار العينين بعد أيام من ظهور الأعراض الأولى- تحول الخروج إلى لون فاتح، وهو من الأعراض التي قد تستمر خلال 3 أو 4 أسابيع
ما الإجراءات الواجب اتخاذها في حال ظهور أعراض؟يجب استشارة الطبيب مباشرة لدى ظهور أعراض لإجراء كل الفحوص اللازمة والتصوير للمرارة ومجرى الكبد وفحص الكباد “أ”، للتأكد مما إذا كان المريض قد التقط العدوى الآن. ومن الممكن أن تكون هناك حاجة إلى دخول المستشفى للاستعانة بالمصل والمراقبة وتجنب جفاف السوائل. أما في حال تطور الحالة، فلا يمكن إلا اللجوء إلى زرع الكبد. وكونه من الصعب تأمين العضو، ترتفع معدلات الوفيات عندها. في الوقت نفسه، في حال الإصابة يمنع تناول الكحول والباراسيتامول إلا محدوداً.ويعتبر اللقاح من وسائل الوقاية الفاعلة التي يمكن اللجوء إليها أيضاً في المجتمعات التي ينتشر فيها الفيروس للحد من انتشاره. كما أن كل إجراءات النظافة مطولة وأساسية للوقاية والحد من الانتشار، فيما يوضح رستم أن عزل المريض ليس ضرورياً، بل يمكن الاكتفاء بأن يستخدم حماماً خاصاً وأن يحرص على النظافة منعاً لانتقال العدوى إلى المحيطين.