في ظل تراجع الإسلام السياسي.. يُعاد إحياؤه من جديد، لماذا؟

11

الجزء الثاني

غياب الأيديولوجيات الكبيرة وضعف الرؤى الوطنية والقيادات المدنية أسهم بشكل كبير في فتح المجال أمام الإسلام السياسي لملء هذا الفراغ .
1. غياب الأيديولوجيات الكبيرة:
مع انتهاء الحرب الباردة وتراجع الأيديولوجيات الكبرى، مثل الاشتراكية والقومية، فقدت المجتمعات العربية أنماطاً فكرية كانت تشكل الإطار العام للنضال السياسي والاجتماعي. أدى هذا إلى:
فقدان البوصلة الفكرية: تحولت المجتمعات إلى البحث عن بدائل تملأ هذا الفراغ، فوجدت الحركات الإسلامية فرصة للطرح كبديل أيديولوجي يستند إلى مرجعية دينية .
الإحباط من البدائل السابقة: فشل القومية العربية في تحقيق الوحدة أو التنمية، وتراجع الاشتراكية أمام النيوليبرالية، جعل الناس يبحثون عن رؤى جديدة، حتى لو كانت تعتمد على الشعارات الدينية.
2. غياب الرؤية الوطنية:
ضعف المشروع الوطني: الأنظمة العربية ركزت على البقاء في السلطة بدلاً من بناء رؤية وطنية جامعة تعزز الانتماء وتواجه التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
الفساد والاستبداد: تفاقم الفساد السياسي والاقتصادي في غياب رؤى وطنية حقيقية أدى إلى تزايد الغضب الشعبي، وهو ما استغلته الحركات الإسلامية لتقديم نفسها كبديل أخلاقي يدعو للعدالة ومحاربة الفساد.
3. انعدام القيادات المدنية:
فقدان الثقة في النخب السياسية: النخب المدنية التي كان من المفترض أن تقود المجتمعات، إما تماهت مع الأنظمة الاستبدادية أو فقدت قدرتها على التواصل مع الشارع.
غياب الكاريزما والفعالية: قيادات المجتمع المدني افتقرت للقدرة على تقديم خطاب شعبي قوي ومؤثر، ما أعطى فرصة للحركات الإسلامية التي تمتلك خطاباً بسيطاً وشعبوياً للسيطرة على المشهد .
الإسلام السياسي كبديل مؤقت:
هذا الفراغ الذي أحدثه غياب الأيديولوجيات والرؤى الوطنية جعل الإسلام السياسي يظهر كحل جاهز. لكن تجربته أثبتت أنه ليس الحل الأمثل، إذ فشل في تقديم بدائل عملية تحقق التنمية والاستقرار. ومع ذلك، فإنه يستمر في جذب الدعم بسبب ضعف البدائل الأخرى.
إن غياب الأيديولوجيات الكبرى والرؤية الوطنية والقيادات المدنية جعل الساحة مفتوحة أمام الإسلام السياسي، لكنه ليس الحل المستدام. المطلوب هو إعادة بناء رؤية وطنية جامعة تعتمد على قيادات مدنية كفؤة وأيديولوجيات مرنة تراعي التحولات المعاصرة وتقدم حلولاً عملية لمشاكل الشعوب .

التعليقات معطلة.