في ظل تراجع الإسلام السياسي.. يُعاد إحياؤه من جديد، لماذا؟

3

الجزء الثالث

تركيز المجتمع الدولي على تسهيل مهمة الإسلام السياسي والجماعات المسلحة المرتبطة به للوصول إلى السلطة في بعض البلدان المهمة يثير الكثير من التساؤلات. هذا التوجه لا يبدو عشوائياً، بل يبدو مدفوعاً بمزيج من المصالح الاستراتيجية والتكتيكات قصيرة المدى.
1. الإسلام السياسي كأداة لتنفيذ أجندات دولية
التحكم في المشهد السياسي: الإسلام السياسي، رغم خطابه المناهض للغرب أحياناً، يُعتبر في بعض الأحيان أكثر قابلية للتفاوض مع القوى الدولية مقارنة بالقوى الوطنية التي تسعى للاستقلالية الحقيقية.
تفتيت الدول: دعم هذه الجماعات يساهم في إضعاف الدول الوطنية وتقسيمها إلى كيانات أيديولوجية وطائفية متناحرة، مما يسهّل السيطرة عليها واستغلال مواردها.
إضعاف البدائل الوطنية: القوى الوطنية غالباً ما تكون غير مستعدة لتقديم تنازلات تمس السيادة الوطنية، بعكس الحركات الإسلامية التي يمكن استغلال خطابها الأيديولوجي لشرعنة التبعية أو القبول بشروط دولية.
2. استثمار الصراعات الداخلية
احتواء الأزمات: المجتمع الدولي يتعامل مع الإسلام السياسي كأداة لإدارة الأزمات بدلاً من حلها جذرياً، حيث يُسمح لهم بالوصول إلى السلطة مقابل السيطرة على الحركات المسلحة المرتبطة بهم.
التفاوض مع الفاعلين المسلحين: دعم الجماعات الإسلامية المسلحة للوصول إلى الحكم يُستخدم كوسيلة لاحتواء التهديد الأمني الذي تمثله تلك الجماعات على المصالح الدولية.
3. إضعاف القيادات والقوى الوطنية
تشويه القوى الوطنية: القوى الوطنية التي تدعو إلى الاستقلالية والسيادة تُهمش غالباً عبر حملات إعلامية أو عقوبات اقتصادية، لتُظهر أمام الشعوب كقوى ضعيفة أو فاشلة .
غياب الدعم الدولي:
القوى الوطنية لا تحظى بالدعم الدولي الكافي بسبب رفضها التنازل عن مصالح شعوبها لصالح القوى الخارجية، ما يجعلها تبدو أقل فعالية في مواجهة التحديات.
4. المصالح الاقتصادية والجيوسياسية
تأمين الموارد: الجماعات الإسلامية غالباً ما تكون أكثر انشغالاً بالأجندات الداخلية (الشريعة، بناء الدولة الإسلامية) مما يمنح القوى الدولية مجالاً أكبر للوصول إلى الموارد الطبيعية دون عوائق وطنية.
إبقاء المنطقة في حالة اضطراب: دعم الإسلام السياسي يُبقي الدول في حالة صراعات داخلية، مما يُضعف منافستها على الساحة الدولية ويمنعها من تحقيق الاستقرار الذي قد يُهدد المصالح الغربية.
5. البديل الوطني: لماذا يتم تهميشه؟
تهديد للاستقلالية الدولية: القوى الوطنية غالباً ما تكون مصممة على حماية سيادة دولها وإقامة علاقات متوازنة مع القوى الدولية، مما يُعتبر تهديداً لنفوذ الدول الكبرى .
ضعف التنظيم: غياب التنظيم الموحد والرؤية الواضحة بين القوى الوطنية يجعلها غير قادرة على تقديم نفسها كبديل قوي للإسلام السياسي.
غياب الدعم الشعبي: القوى الوطنية غالباً ما تواجه تحدياً في كسب تأييد الشعوب، خاصة في ظل الحملات الإعلامية التي تصورها على أنها عاجزة أو مرتبطة بالمصالح الخارجية .
تركيز المجتمع الدولي على الإسلام السياسي لا يعكس بالضرورة اعتقاداً بفعاليته، بل يُظهر استخدامه كأداة لتحقيق أهداف قصيرة المدى وإدارة الصراعات الإقليمية. ومع ذلك، فإن هذا النهج قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار على المدى البعيد. المطلوب هو تمكين القوى الوطنية القادرة على بناء دول مدنية قوية تحترم مصالح شعوبها وتحقق الأمن والاستقرار، وهو أمر يعتمد على إرادة داخلية ودعم دولي مخلص لهذه الغاية .

التعليقات معطلة.