قادة فوضويون

4

د. محمد حسين الدلال

ابتلي العالم في منتصف القرن الماضي بعدد من القادة الفوضويين أمثال هتلر وموسوليني، وتم وصفهم بأوصاف عديدة منها الإجرام وخالقي الفوضى لأسباب عديدة، من أبرزها دورهم التدميري في الحرب العالمية الثانية، ولم يستطع العالم وبالأخص أوروبا تنفس الصعداء إلا بعد التخلص من تلك العقول الفوضوية العابثة بالعالم، ولأن التاريخ يعيد نفسه، فاليوم ابتلي العالم المعاصر بعدد لا يستهان به من القادة الفوضويون، منهم قادة أقل شأناً على المستوى العالمي ولكنهم يعاملون ويعملون كصناع حروب ورؤساء للعصابات ومرتزقة يتم توجيههم لخلق حالات الفوضى والدمار، وهم يديرون دولهم ومجتمعاتهم أيضاً بعقلية الفوضى والتدمير والعنف مع الآخر، ومن أبرزهم قادة الكيان الصهيوني المحتل وعلى رأسهم مجرم الحرب نتانياهو.
يتبنى القادة الفوضويون في عصرنا الحاضر نهج المادية المصلحية، وهو فكر دعا له مفكرون غربيون أمثال ميكافيلي ونيتشه وداروين وغيرهم، وقد رسخ في عقول وفكر العديد من قادة الغرب والشرق هذا النهج العبثي الذي يتبنى فكر البقاء للأقوى، وإعلاء شأن دول الشمال على حساب دول الجنوب، وهو نهج يقاد بعقلية عنصرية لا تعبأ بالآخر المختلف، نهج يجعل الفوضى في استخدام السلاح والاعتداء والعنف والتهديد وعدم الاستقرار وسلب الحقوق هي الأساس في إدارة الدول أو التعامل مع الدول الأخرى والمجتمعات، وهو بذلك بعيد كل البعد عن الديموقراطية الحقة أو قواعد ومبادئ حقوق الانسان ومن ثم احترام السلام والقانون الدولي.

الهجوم الصهيوني الأرعن على دولة قطر الشقيقة بهدف الإضرار بدولة قطر وانتهاك أراضيها واغتيال قادة المقاومة الفلسطينية مثال صارخ على الفكر الفوضوي، فهل يعقل أن تتم مهاجمة قطر الدولة الوسيطة في مفاوضات السلام بشأن فلسطين، وهل غاب عقل الساسة الأمريكان للسماح بالمساس بدولة كدولة قطر والتي كان لها دور كبير في العديد من الملفات الإقليمية والدولية بالتعاون مع الامريكان، وهي من جانب آخر تعد دولة حليفة للولايات المتحدة الامريكية بحسب الظاهر والمعلن، ومع ذلك كله وبكل وقاحة وسوء تقدير تم الاعتداء على دولة قطر في تجاوز صارخ للمواثيق وقواعد القانون الدولي.

نحن في عصر مختلف، عصر ودع العالم فيه الكلام وتبنى لغة السلاح والقوة، نحن نعيش زمن الفوضى، الذي يقاد بشخصيات فوضوية وذات أهداف استعمارية وتوسعية ومصلحية خاصة، وبالتالي كما تورع الفوضويون بالهجوم على دولة قطر الشقيقة على الرغم من تحالفاتها مع الغرب، فان جنون وفوضى هؤلاء القادة ومن يتبعهم لن يمنعهم مستقبلاً رغم التحالفات والاتفاقيات والكلام الكاذب المسموم من المساس باستقرار وأمن ومصالح كل دول المنطقة، فهل دولنا وشعوبنا مستعدة لهذا الجنون وتلك الفوضى؟!

هؤلاء الفوضويون ينبغي التصدي لهم بذكاء وحزم، وينبغي على دول المنطقة العربية فرادى أو عبر تحالفات جماعية إقليمية العمل على إيقاف خطر قادة الفوضى وبيان خطر مخططاتهم وبفضح ممارساتهم وألاعيبهم، والحيلولة دون تحقيق أهدافهم بتدمير المنطقة العربية والإضرار بمصالح دولها وشعوبها، يقول المفكر العربي مالك بني نبي رحمه الله «الحضارة تبدأ بالنظام وتنمو بالحرية وتموت بالفوضى».

 

د. محمد حسين الدلال 

 

التعليقات معطلة.