بغدادعادل النواب15 مارس 2022
أرجأ القصف الإيراني على مدينة أربيل، شمال العراق، فجر أمس الأول الأحد، لقاءين كانا مقررين بين ممثلين عن قوى سياسية عراقية يومي الأحد والإثنين الماضيين، في بغداد، لاستئناف الحوار للخروج من أزمة تشكيل الحكومة الجديدة، وذلك بعد أيام قليلة من مبادرة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تجاه قوى الإطار التنسيقي.
وكان اتصالان هاتفيان بين الصدر ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي قد أنهيا قطيعة بينهما تعود إلى 2014، عقب اجتياح تنظيم “داعش” مساحات شاسعة من البلاد، وتحميل الصدر للمالكي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية في البلاد.
ووفقاً لمصادر سياسية مطلعة في بغداد، أحدها عضو في التيار الصدري، فإن لقاءين بين ممثلي قوى سياسية عن التحالف الثلاثي، الذي يضم التيار الصدري وتحالف “السيادة” والحزب الديمقراطي الكردستاني، بالإطار التنسيقي أرجئا بسبب القصف على أربيل، وما أعقبه من ردود فعل متباينة من مختلف القوى السياسية، التي اعتبر بعضها “القصف الإيراني حق مشروع لها”، في إشارة إلى شخصيات وكتل داخل الإطار التنسيقي.
محما خليل: القصف الإيراني قد يكون حمّال رسائل سياسية
وأعلنت أن التيار الصدري ألغى مؤتمراً صحافياً كان يفترض الإعلان فيه عن جملة من التطورات أيضاً.
وأكد أحد المصادر، لـ”العربي الجديد”، أنه “من غير المعلوم متى يتم استئناف الحوارات”. وأشار إلى أن “موقف بعض القوى المؤيد للهجوم الإيراني تسبب بردود فعل غاضبة من القوى الكردية، وكذلك من التيار الصدري، الذي طالب زعيمه مقتدى الصدر حكومة (مصطفى) الكاظمي بالتوجه إلى الأمم المتحدة وتقديم مذكرة احتجاج، واستدعاء السفير الإيراني في بغداد رداً على القصف”.
انقسام عراقي حيال القصف الإيراني
وشهد الموقف السياسي العراقي انقساماً حيال القصف الإيراني. ففي الوقت الذي ندد فيه التيار الصدري وتحالف السيادة والحزب الشيوعي والتيار المدني وحركة امتداد وأحزاب وكتل مختلفة بالقصف، ووصفته بالإرهابي والغادر، اعتبر بيان للإطار التنسيقي، الذي يضم القوى السياسية العراقية الحليفة لطهران، أن “مدينة أربيل تعرضت إلى قصف صاروخي استهدف أحد الأماكن التي تضاربت الروايات حول حقيقتها”. وطالب “بلجان تحقيقية برلمانية وحكومية” للوقوف على المواقع المستهدفة بهدف منع “استخدامها للاعتداء على دول الجوار”. تقارير عربية
تطورات متسارعة في العراق: الصدر يُنهي مقاطعة دامت سنوات مع المالكي
واعتبر المتحدث باسم “الحشد الشعبي” عن المحور الشمالي علي الحسيني، الأحد الماضي، أن قصف أربيل بالصواريخ رد طبيعي من إيران على مقتل اثنين من عناصر “الحرس الثوري” في سورية، وقال إن “الجمهورية الإسلامية لديها أهداف ومعلومات، وما حصل في أربيل هو رد باعتقادهم على موقع فيه وجود أميركي أو أجنبي”.
وقال النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محما خليل، لـ”العربي الجديد”، إن “القصف الإيراني على أربيل أثّر بشكل كبير على عمليات التفاوض بين القوى السياسية”.
واعتبر أن “موقف الإطار التنسيقي من عملية القصف لم يكن على مستوى المسؤولية والحدث، بل إنه أعطى مبررات لهذه العملية، التي انتهكت سيادة العراق وهددت أمنه واستقراره”.
وبين خليل أن “عملية القصف الإيراني على الأراضي العراقية، أوقفت عملية التفاوض بين الكتل السياسية. كما أنه ليس من المستبعد أن هذا القصف يحمل رسائل سياسية، هدفها عرقلة سير التفاوض والحوار التي تهدف إليها القوى السياسية، خصوصاً التحالف الثلاثي، الراغب بتشكيل حكومة الأغلبية“.
الحوارات ربما تعود خلال يومين
وأضاف أن “الحوارات ربما تعود خلال اليومين المقبلين، فهناك رغبة بالإسراع في عملية تشكيل الحكومة الجديدة، من أجل مواجهة الأزمات التي يمر بها العراق، خصوصاً الاقتصادية والتحديات الأمنية على المستويين الداخلي والخارجي”.
في المقابل، أقر القيادي في “الإطار التنسيقي” علي الفتلاوي، في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، بتعطل الحوارات بعد أحداث فجر الأحد، وقال: “نأمل ألا تطول مدة هذا التوقف كثيراً، وألا تعود الأمور إلى الجمود مرة أخرى”.
لكن الفتلاوي ناقض خليل بكون القصف الإيراني له رسائل سياسية، وقال إن “عملية القصف الإيرانية على أربيل لا علاقة لها بأي جانب سياسي عراقي على مستوى حوارات تشكيل الحكومة الجديدة، أو غيرها، بل عملية القصف جاءت لوجود مقرات إسرائيلية هددت وتهدد إيران”.
وأعلن أن موقف “الإطار التنسيقي واضح جداً، ولا نعرف سبب انزعاج التحالف الثلاثي من هذا الموقف، خصوصاً أنهم على علم ودراية بموضوع المقرات الإسرائيلية داخل إقليم كردستان العراق”.
وأضاف أن “قوى التحالف الثلاثي مطالبة بإعلان موقفها الرسمي من هذا الوجود، بدل الانزعاج من المواقف الصريحة، والتي هي بعيدة عن كل المصالح الشخصية والسياسية”.
وقال المحلل السياسي العراقي أحمد الشريفي، في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”، إن “التطورات الأمنية دائماً ما تؤثر على العملية السياسية. قصف إيران لمدينة أربيل حدث أمني كبير وخطير، وبكل تأكيد ألقى بظلاله على حوارات عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بين الكتل، وخصوصاً بين التيار الصدري والإطار التنسيقي”.
تأثير القصف على تقارب التحالف والإطار
وبين أن “القصف الإيراني أدى إلى انقسام المواقف السياسية بشأن القصف، فهناك قوى رافضة بشدة لهذه العملية، وهناك من يبررها. وهذا الأمر سيكون له تأثير كبير على التقارب الأخير بين التحالف الثلاثي والإطار التنسيقي، خصوصاً أن الحزب الديمقراطي الكردستاني منزعج جداً من مواقف القوى القريبة لطهران، والتي بررت عملية القصف. بل هناك جهات رحبت بهذا القصف، من قيادات وأعضاء الإطار التنسيقي، وفق تصريحات إعلامية لهم”.
أحمد الشريفي: التطورات الأمنية دائماً ما تؤثر على العملية السياسية
ورجح الشريفي ألا تطول فترة الجمود الحالية بين القوى السياسية، معتبراً أنها “ستأخذ أياماً وتعود، لكن القصف الإيراني لمدينة أربيل ربما يغير في مواقف قوى سياسية، وتحديداً الحزب الديمقراطي الكردستاني، تجاه بعض الشخصيات والجهات السياسية الحليفة والمقربة من طهران، خلال عملية تشكيل الحكومة أو مجمل العملية السياسية في قادم الأيام”.
ويسود التوتر المشهد السياسي العراقي منذ الأيام الأولى التي أعقبت إجراء الانتخابات البرلمانية في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وما نتج عنها من تصدّر التيار الصدري نتائجها على حساب الأحزاب والكتل السياسية الحليفة لإيران، والمنضوية ضمن الإطار التنسيقي، ورغبة الصدر في تشكيل حكومة أغلبية، واستبعاد قوى معينة منها، أبرزها تحالف المالكي، وهو ما ترفضه قوى أخرى منضوية في “الإطار”.تقارير عربية