اقتصادي

قطاع الأعمال البريطاني يحتاج إلى طلاب أجانب

أصحاب الشركات يعانون من نهج الحكومة الشامل في التعامل مع الهجرة

كريس بلاكهرست 

تنسيب طلاب أجانب إلى التعليم العالي ضرورة (رويترز)

في مجلس العموم مساء الخميس، لم يكن هناك أي مؤشر يُذكَر على وجود أي وزراء. كان الأمر مؤسفاً، لأنني كنت أتمنى لو أنهم ساروا أمام أبواب غرفة طعام النواب المزدحمة ونظروا إلى الداخل.

كانت “إي تو إي”، المنظمة المتخصصة في إقامة علاقات بين الشركات وتوجيهها، تنظم عشاء لإطلاق “إي تو إي إنترناشيونال [الدولية] 100″، المبادرة المصممة لمتابعة الشركات البريطانية الصغيرة والمتوسطة المئة الأكثر نجاحاً. هذا هو المسار الثالث من نوعه، وقد أُنتِجت كلها بالتعاون مع صحيفة “اندبندنت”، وهو يأتي بعد “إي تو إي فيمايل [السيدات] 100″ و”إي تو إي تك [الشركات التكنولوجية] 100”. وستليه مبادرات تدور حول “إنشاء الوظائف” و”الديناميكية” و”الربح”.

تتلخص معايير “إنترناشيونال 100” في بيع الشركة العضو صادرات تفوق قيمتها خمسة ملايين جنيه استرليني (6.2 مليون دولار) خلال السنتين المنصرمتين وتحقيق مبيعات إجمالية تزيد على 10 ملايين جنيه.

في الغرفة اجتمع كثر من أفضل رواد الأعمال الواعدين، أشخاص شكلوا أعمالهم الخاصة وباتوا يبيعون منتجاتهم الآن في الخارج. وتراوحوا بين القطاعات كلها، من الأغذية والمشروبات، إلى أكسسوارات السيارات، والبيانات، والتكنولوجيا، والخدمات المهنية، إلى البضائع الترفيهية (كانت الأرقام الخاصة بمورّد لأحواض المياه الساخنة مثيرة للإعجاب في شكل خاص). كانت مجموعة متألقة من المواهب التجارية البريطانية معروضة في مكان واحد. كان الجو صاخباً وحيوياً، كما قد يتوقع المرء.

لو أن أحد الوزراء مر بالمكان، لما اطمأن فقط إلى أن ثقافتنا المؤسسية لا تزال حية ومزدهرة إلى حد كبير، بل كان سيسمع مناشدات من أجل تقليص الروتين الإداري، وحكايات عن شركات يمكن أن تشهد أداء أفضل فقط لو استطاعت العثور على موظفين مناسبين.

ولم يكن من الممكن ألا يلاحظ أيضاً وزير عابر التنوع العرقي الواسع، في اليوم الذي كشفت فيه الحكومة عن أحدث أرقام الهجرة الصافية والوعد بحملة قمع أخرى.

كانت هذه نقطة أثارها كاران بيليموريا، الخطيب الرئيسي. إذ أشاد بيليموريا بشاليني كيمكا، الحائزة على وسام رتبة الإمبراطورية البريطانية، المؤسِّسة الرائعة لـ”إي تو إي”، سلط الضوء على حقيقة أن شاليني، مثله، من المهاجرين. لقد جاءت إلى المملكة المتحدة من الهند، وهي في الخامسة من عمرها، وتدير الآن “إي تو إي”، المنظمة التي تفتخر بـ23 ألفاً من قادة الأعمال المستقبليين في صفوفها.

أما بيليموريا، كما هو معروف جيداً، فأنشأ “بيرة كوبرا” وأصبح واحداً من شخصيات الأعمال الأكثر نجاحاً وبروزاً في المملكة المتحدة. وكان عضواً في العديد من الهيئات، بما في ذلك فترة تولى فيها رئاسة اتحاد الصناعة البريطاني.

اقرأ المزيد

ولطالما كان شعاره تشجيع الآخرين إلى جانب الامتنان للفرصة التي منحته إياها المملكة المتحدة.

ومع ذلك، في هذه الأمسية بالذات، زخر شعاره بالإحباط – والغضب. في وقت سابق من اليوم، عندما أصدرت الحكومة إحصاءات الهجرة، رد بيليموريا في مجلس اللوردات بالإشارة إلى اجتماع كان قد عقده للتو مع أصحاب فنادق بارزين. “سيفتتح أحدهم قريباً واحداً من أفضل الفنادق في لندن ويستهدف إشغال أقل من 100 في المئة منه: لا يمكنه توظيف الأشخاص الذين يحتاج إليهم”.

إنه جنون، بناء فندق فخم متطور بتكلفة ضخمة في واحدة من كبرى المدن في العالم وعدم استهداف إشغال 100 في المئة منه – في أي مكان آخر يضطر صاحب فندق إلى القيام بذلك؟ إن الفندق عبارة عن استثمار في بريطانيا، ووضع لثقته في هذا البلد، لكننا في المقابل، لا نزود الفندق بكل ما يحتاج إليه للعمل بأكبر قدر ممكن من النجاح.

قال بيليموريا إن الحكومة “يجب أن تنشط العمل بقائمة المهن التي تعاني من نواقص”. إن الاعتراف بأن بعض القطاعات والوظائف تشوبها شواغر كبيرة لا يمكن شغلها إلا من خلال تشجيع العاملين على المجيء من الخارج يسهل قوله أكثر من فعله في حين يركز حزب المحافظين وأصدقاؤه في وسائل الإعلام على الحد مما يرونه آفة الهجرة.

يستبعد نهجهم الشامل مجالاً ضئيلاً للمرونة، ما يؤدي إلى معاناة قطاع الأعمال، محرك الاقتصاد، من دون داع.

يمتد هذا الموقف إلى جانب آخر أثاره بيليموريا في العشاء، وفي ذلك اليوم في مجلس اللوردات. هو الرئيس المشارك للمجموعة البرلمانية الممثلة فيها الأحزاب كلها والمخصصة لشؤون الطلاب الدوليين، والرئيس الفخري لجامعة برمنغهام. رأى أن بريطانيا “في سباق عالمي على الطلاب الدوليين”. وقال بيليموريا: “نحن في مواجهة أستراليا والولايات المتحدة وكندا على وجه الخصوص، فهذه البلدان توفر فرص عمل أفضل بكثير مما نفعل. نحن نعرض عملاً لسنتين؛ أستراليا تعرض أربع وخمس وست سنوات”.

أضف إلى ذلك الأسلوب الذي تنظر به الحكومة إلى الطلاب الأجانب. “لماذا نواصل إدراج الطلاب الدوليين في أرقام الهجرة الصافية لدينا؟ إنه خطأ وخداع للجمهور”، على حد تعبيره.

في أماكن أخرى، كما هي الحال في الولايات المتحدة وأستراليا، “يعاملونهم كمهاجرين موقتين، وهذا هو ما هم عليه. إذا استثنينا الطلاب الدوليين من أرقام الهجرة الصافية، ربما ستصل الحكومة إلى المستهدفات التي تريد تحقيقها منذ سنوات عدة”.

هناك سبب محسوب وراء بذل بلدان أخرى قصارى جهدها لجذب الطلاب الأجانب ومعاملتهم على أنهم منفصلون عن أرقام الهجرة الرسمية. هم يساهمون في البحوث والابتكار والتوظيف وقوة اقتصادنا. نحن بالتأكيد نريد عقولهم والإمكانيات التي يجلبونها.

نحن لا نجعلهم يشعرون بأنهم غير مرغوب فيهم فحسب، بل من خلال إدراجهم في إحصاءات الهجرة الصافية، نجعلهم أيضاً يغذون الحجة لمصلحة اتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة – والتحرك ضد الأجانب الراغبين في الدراسة في المملكة المتحدة. إنها حجة دائرية ومدمرة. ينتهي الأمر باستهداف الطلاب لأن الأرقام سيئة للغاية لأن الطلاب مدرجون في هذه الأرقام، وما إلى ذلك.

قطاع الجامعات لدينا هو واحد من أعظم قصص النجاح خاصتنا، وواحد من أفضل صادراتنا. في ليلة نال فيها إنجاز الصادرات ثناء، كانت تلك نقطة أثارت تصفيقاً متواصلاً. لو أن الحكومة كانت تستمع فقط.

© The Independent