21-08-2021 | 07:
المصدر: النهار العربيرستم محمود
بشار الأسد مستقبلاً فالح الفياض
A+A-قبل أيام قليلة من انعقاد “قمة بغداد لدول الجوار العراقي”، المقررة أواخر الشهر، تصاعدت علامات صراع سياسي تدور رحاه في أروقة مؤسسات صناعة القرار في العراق، بشأن دعوة النظام السوري الى حضور هذه القمة من عدمه. ففي وقت أنهى فيه رئيس هيئة “الحشد الشعبي” العراقي فالح الفياض زيارته للعاصمة السورية دمشق، ومع إعلان وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” إن الرسالة التي نقلها الفياض للأسد من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تتعلق بالتنسيق بين البلدين بشأن قمة بغداد، سارعت وزارة الخارجية العراقية إلى نفي إرسال العراق أي دعوة إلى سوريا بذلك الشأن، مشددة على أن الحكومة العراقية مخولة توجيه الدعوة إلى الأطراف المشاركة. موقف الخارجية العراقية تمت مواجهته بحملة سياسية وإعلامية مكثفة من قِبل فصائل “الحشد الشعبي” العراقية وجهاتها السياسية، وطاولت الاتهامات حتى شخص رئيس الوزراء واتهمته بالخضوع للشروط الأميركية لإنجاح القمة أو حضورها. حتى أن بعض المراقبين أشاروا إلى خطر أمني قد يلحق بالقمة في ظلال هذه الأجواء، حيث تسيطر فصائل “الحشد الشعبي” على الكثير من المفاصل الأمنية في البلاد. لكن أطرافاً سياسية وشخصيات حكومية عراقية أوضحت أن عدم توجيه الدعوة لرئيس النظام السوري هي تفادياً للإحراج، لأن العديد من الدول المدعوة قد ترفض الحضور لقمة بغداد بناء على ذلك. لوجستياً، أنهت المؤسسات الحكومة العراقية الاستعدادات لاستضافة قمة “زعماء دول الجوار العراقية”، بالإضافة إلى ست دول أخرى مؤثرة في الوضع العراقي، والتي من المتوقع أن تُعقد في أواخر شهر آب (أغسطس) الجاري، كما أفاد مصدر حكومي عراقي اتصل به “النهار العربي” بينما بقيت المضامين السياسية لهذه القمة غير واضحة حتى الآن، إذ إن الحكومة العراقية لا تزال غير متأكدة من مستويات تلبية هذه الدول للدعوة العراقية، والأوراق المبدئية التي يُمكن أن يُتفق عليها قبل انعقاد القمة، فمن بين كل الدعوات، أكدت ست دول فحسب حضورها. الدول التي تمت دعوتها للقمة، هي الدول الخمس المجاورة للعراق، إيران وتركيا والأردن والكويت والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى دول قطر ومصر والإمارات العربية المُتحدة، كدول عربية مؤثرة، إلى جانب الدول الثلاث ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي، فرنسا وبريطانيا والولايات المُتحدة الأميركية. المصدر الحكومي العراقي الذي تواصلت معه “سكاي نيوز عربية” قال إن الولايات المُتحدة وفرنسا هُما الدولتان الأكثر تشجيعاً لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للدعوة إلى هذه القمة. فهاتان الدولتان تعتقدان إن العراق قادر على الخروج من دائرة التنازع عليه في حال توصل القوى الإقليمية والدولية إلى تفاهمات بشأن مصالحها المُشتركة القادرة على التعايش في ما بينها، كذلك فأنهما تعتقدان إن مثل هذا الحدث سيشكل ضغطاً إقليمياً ودولياً في مواجهة الدولة الإقليمية المحاولة للسيطرة على القرار الاستراتيجي العراقي. القمة التي من المأمول أن تدوم ليومين كاملين، من المتوقع أن تشهد مختلف أنواع اللقاءات السياسية، سواء ثنائية أم ثلاثية. فالحكومة العراقية الراهنة تسعى منذ فترة الى أن تكون بمثابة صلة وصل بين إيران والمملكة العربية السعودية في ما خص التباحث بشأن القضايا الإقليمية. كذلك تأمل بأن يكون لها دور في خلق توافقات ثنائية أميركية إيرانية، في ما خص الشأن العراقي العالق بينهما على الأقل. الكاتب والباحث العراقي هيمن نهران، شرح في حديث مع “النهار العربي” دوافع إيران لحضور مثل هذه القمة التوافقية، وإمكان ضغطها على فصائل “الحشد الشعبي” للتقليل من مزاحمتها للحكومة العراقية بشأن القمة، بعدما بقيت الأوساط المراقبة للشأن العراقي تشكك لفترة طويلة في إمكان تلبية إيران الدعوة الى القمة، التي لن يُدعى اليها النظام السوري، والتي تخلق منصة توافقية تُقلل من مستويات تدخلها في الشأن العراقي. يقول نهران: “من جهة تعتبر إيران أن مثل هذه القمة ستكون بمثابة اعتراف إقليمي ودولي بشرعة ومكانة رئيسها الجديد إبراهيم رئيسي، بعدما تصاعدت الحملات الدبلوماسية والإعلامية المناهضة له منذ انتخابه، وذلك لاتهامه بالمسؤولية عن أحداث الثمانينات، التي أودت بحياة عشرات الآلاف من المعارضين السياسيين المدنيين في إيران. وهذا بذاته مكسب سياسي استراتيجي لإيران على المستوى الإقليمي. وهي في سبيل ذلك مستعدة لحضور القمة واستخدام كل نفوذها لإنجاحها”. وحول الكيفية التي يُمكن بها للحكومة العراقية أن تعوض الجانب السوري عن عدم إرسال الدعوة إليه، يقول نهران: “في حال نجاح القمة، وتحقيقها المرامي السياسية لرئيس الوزراء وتوجهات حكومته، وتعويضاً للضرر السياسي والرمزي الذي قد يلحق بالطرف السوري، فإن الكاظمي سيبدو مستعداً للتعهد بزيارة سوريا عقب ذلك، للإيحاء والاعتراف بشرعية النظام السوري”.