بقلم : صلاح الساير
لأسباب تتعلق بخصائص الخشب تطفو الاخشاب على سطح الماء بعكس الحديد وسائر المعادن التي تغرق في الماء. وقد استمرت الأحوال فوق سطح هذا الكوكب على ذلك المنوال دهورا دهيرة.
ووفق هذه المعطيات الطبيعية أبدع الإنسان في صناعة السفن الخشبية وطورها ورفع فوق متونها الأشرعة كي تجري السفن بما تشتهي الرياح حتى جاء الإنجليز وفرضوا معطيات أخرى على وجه الأرض وأصبحت المعادن تطفو على سطح البحر الذي شهد سفن الحديد التي تسير بما تشتهيه الآلة البخارية بصرف النظر عن شهوة الريح واتجاهاتها.
***
لم يكتف الانجليزي بتحدي الطبيعة في عرض البحر بل شخص بنظره إلى السماء حتى طار الحديد في الفضاء رغم حقيقة الجاذبية الأرضية، وبعدها تسابق العلماء نحو الفضاء الخارجي حيث تسبح المركبات الفضائية باثقالها الثقيلة خارج الغلاف الجوي للأرض.
صنع الإنسان الطائرات والسفن العملاقة والتلسكوبات العملاقة مثلما صنع المناظير متناهية الصغر التي تتسلل داخل الأوردة والشرايين في جسد الادمي وتسعى إلى ترميمه من تصدعات العلل والأعطال والعيوب والأمراض.
تكبر الحاجات فيكبر الإنسان، وحين تتضاءل المواقع يصغر حجم المنتجات البشرية ويتضاعف مفعولها أكثر.
***
خرج الذكاء الاصطناعي من غرف البحث والمختبرات العلمية وأمسى في أيدي الشركات التجارية التي حولته إلى خدمات أعجوبية لا تصدق فالتطبيقات الصحية في الهواتف الذكية تعد خطواتك اليومية وترشح لك الوجبة المناسبة.
وبعد أن فاقت محركات البحث في الانترنت قدرة الإنسان على التذكر والحفظ تم ربط عقله البشري (المحدود) بمحرك البحث في «غوغل» وأمسى بمقدور الإنسان البسيط أو الجاهل الإجابة على أصعب الأسئلة بعد أن أضحى عالما نحريرا في كل العلوم. فماذا بعد؟!