هيكل هيكل
هذا كاتب يعرف الكثير عن هيكل.
اسمه خالد عبدالهادى، فلسطينى يعيش حاليا فى الأردن.
لم أكن أعرف عنه الكثير، قبل أيام صدر كتابه «علامات على طريق طويل.. هيكل لمحات إنسانية» عن مركز الأهرام للترجمة والنشر.
من مقدمته تعرف أنه كان مقربا من الأستاذ هيكل، كان تلميذا وصديقا، لم يقل لنا كيف تم هذا القرب، ولا مبرراته، لكن ما رواه عبر صفحاته، التى بلغت ٣٤١ صفحة من القطع الكبير، يشى بأنه ورغم تغريبته فى الخليج وغيره، إلا أنه التقى بهيكل كثيرا، وسمع منه كثيرا، ونقل عنه كثيرا أيضا.
يعرف أصدقاء هيكل أهمية خالد عبدالهادى.
فى نوفمبر من العام ١٩٩٧ كان خالد فى زيارة للقاهرة، قابل هيكل ومجموعة من رفاقه، وبعد اللقاء خرج الكاتب والروائى يوسف القعيد ليودعه على باب فندق سميراميس، وقبل أن يسحب يده من يد خالد، سأله: هل نرى قريبا كتابا تتناول به الأستاذ هيكل ورؤيتك عنه؟
ارتبك خالد، فقد اعتاد على مجالسة المثقفين، وقراءة كتبهم وإنتاجهم الفكرى والسياسى، لكن الكتابة عنهم كانت بالنسبة له بحرا غامضا ومجهولا.
فى العام ٢٠٠٣ حاول القعيد مرة أخرى مع خالد عبدالهادى، وقتها كان يجمعهما عمل ضمن فريق شبكة تليفزيون دريم، خلال الإعداد لبرنامج بمناسبة بلوغ هيكل الثمانين.
ظلت فكرة كتاب عن هيكل تقبل وتدبر فى عقل خالد عبدالهادى، حتى كان يوم الفراق، ١٧ فبراير ٢٠١٦، غاب الصديق والتلميذ عن جنازة الأستاذ، التى خرجت من مسجد الحسين طبقا لوصيته، وحضر بأحزانه ليشارك أسرة الراحل العزاء بعد ساعات قليلة من غياب الرجل الكبير، الذى كان يلتف الجميع حوله.
بعد خمسة أيام فقط وفى مساء ٢٢ فبراير، وجد خالد نفسه أمام لحظة الحقيقة التى لا يستطيع الفرار منها، استضافته لميس الحديدى ليتحدث عن هيكل فى برنامجها «هنا العاصمة»، وجدها تقدمه بأنه «الرجل الذى يملك كنز هيكل».
المعلومة المتماسكة بالنسبة لى أن خالد هو المسئول عن إدارة الصفحة التى تحمل اسم هيكل على شبكة التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، يعاونه فى ذلك صديقه معتمر أمين، وأعتقد أن هذه الصفحة كانت بمبادرة شخصية منه، وعندما تراجعها ستعرف أنه بالفعل يعرف عن هيكل الكثير.
لن أخفيكم سرا عندما أقول لكم إننى لم أجد كثيرا مما لا أعرفه عن هيكل، قد تكون هناك بعض المواقف، العبارات الخاصة التى سجلها خالد وراء الأستاذ، لكن الكتاب فى العموم ليس مليئا بالأسرار، فعلى ما يبدو أن هيكل كتب وتحدث للآخرين، بما لا يجعل هناك أسرارا كثيرة مخفية فى حياته.
لكن وحتى أعطى خالد عبدالهادى حقه، فلابد أن أعترف له، بأنه كشف مساحة جديدة فى حياة هيكل الصحفية والمهنية، فلأول مرة أجد أمامى سجلا كاملا بما يمكن أن نسميه الكتب السرية فى حياة هيكل، وقبل أن تعتقد أن هذه الكتب طبعت وتم تداولها بشكل سرى، سأقول لك إنها كتب انتهى منها هيكل أو انتهى من بعضها، لكنها لم تر النور من الأساس، ولكل كتاب ظروفه ودوافع صاحبه لعدم طباعته.
وهذه بعض حكايات عن بعض ما جرى.
الأول: لماذا لم يكتب قصة ناصر كاملة؟
فى العام ١٩٩٤ كان اللقاء الأول بين خالد عبدالهادى وهيكل.
سأل خالد: لقد انتهيت توا يا أستاذ من رباعيتك «حرب الثلاثين عاما»، فما هى مشروعاتك القادمة؟
رد هيكل: توثيق ومراجعة حياة جمال عبدالناصر، وأنا أظن أنى الأقدر بحكم أننى كنت أحد أقرب الناس إليه، ولن يكون الكتاب عن تاريخ ناصر ولكن سيرة له، وهو مشروعى الثابت والأصيل.
وأضاف هيكل: نعم الرباعية تناولت جزءا من سيرته فى ٥٦ و٦٧ و٧٣، لكن الكتاب الذى أنوى كتابته عنه سيتناول سياسته العربية، وسياسته الداخلية، والتكوين النفسى والثقافى له، ورؤيته الاجتماعية وغيرها من الموضوعات المتعلقة به. توقف هيكل قليلا ثم قال: لقد كتبت أجزاء مهمة من الكتاب، ولم يتبق إلا بعض الرتوش والإضافات، وبالطبع الكتاب به ملحق وثائقى ليدعم ويساند.
بوفاة هيكل كان قد مر على هذا الحديث ٢٢ عاما كاملة، دون أن يظهر هذا الكتاب إلى النور، فهل أكمله هيكل، أم توقف عن استكماله، وأين تقبع الآن الأجزاء التى كتبها عن ناصر؟.. أعتقد أن أسرته صاحبة الحق فى الإجابة عن هذا السؤال، وأرجو ألا تمتنع عنها.
الثانى: محاولة قضت عليها مبادرة السادات
من بين الكتب صاحبة الحظ السيئ فى حياة هيكل، كتابه الذى انتهى منه دون أن يظهر للنور، عن أحول العالم العربى، كان قد بدأ فى إعداده فى العام ١٩٧٥، بعد أن انتهى من كتابه الشهير «الطريق إلى رمضان»… وخلال العمل به، قام برحلة موسعة إلى مغرب العالم العربى ومشرقه باستثناء ليبيا حتى لا يستفز الرئيس السادات الذى كان الشقاق بينه وبين القذافى قد بلغ مداه وقتها.
حاول هيكل بهذه الرحلة أن يجدد معرفته، ويلتقى وجها لوجه بالتيارات المؤثرة فى العالم العربى، وبالرجال الذين يوجهون مصائره.
فرغ هيكل من إعداد مسودة الكتاب فى منتصف العام ١٩٧٦، وكان مفروضا أن يبدأ طبعه ونشره بداية العام ١٩٧٧، لكن تطورات الحوادث فى لبنان (مذبحة الكرنتينا – مجزرة الدامور – انتخاب الرئيس إلياس سركيس – دخول قوات الردع العربى بقيادة الجيش السورى وبمشاركة قوات سعودية وإماراتية وسودانية ويمينة – مجزرة تل الزعتر – اغتيال كمال جنبلاط) دعته إلى إعادة النظر فى بعض فصول الكتاب، وقام فعلا بذلك، وفرغ من إعداد نص معدل ونهائى له قرب نهاية العام ١٩٧٧، ليكون معدا للنشر فى ربيع العام ١٩٧٨.
فى أكتوبر من العام ١٩٧٧ كان هيكل فى لندن، وراجع هناك بروفات الكتاب للمرة الأخيرة، ووضع توقيعه على غلافه وعلى كل صفحة من صفحاته، وعاد إلى القاهرة مطمئنا إلى أنه لم يبق غير دوران المطابع فى اسكتلندا ليرى الكتاب النور، لكن بعد عودته إلى القاهرة، فجر السادات قنبلة مبادرته لزيارة إسرائيل، فبعث هيكل إلى ناشريه فى لندن ورجاهم تأجيل كتاب العالم العربى، لأن مفاجآت الحوادث تجاوزت كثيرا ما كتب، خصوصا عن الصراع العربى الإسرائيلى.
لم ير هذا الكتاب النور أبدا، كان هيكل قد سلم مخطوطته إلى جريدة التايمز ودار نشر كولينز، ولا أحد يعرف مصيرها حتى الآن، هل بقيت المخطوطة لديهما، هل تم استردادها، وإذا كان هيكل استردها، فهل عادت معه إلى القاهرة أم لاتزال فى لندن حتى الآن؟
الثالث: هيكل يتراجع عن فضح العالم العربى
كان هيكل قد انتهى من كتابه «خريف الغضب»، وهو الكتاب الذى أثار من حوله الكثير من الغبار بسبب تعرضه للسادات بما يسىء على أساس أصله وفصله ولونه، شغلته المعركة قليلا، خاصة أن الصحف المصرية شنت عليه هجوما طاغيا، لكن هذا لم يمنعه من وضع خطة عمل للعام ١٩٨٤.
أفصح هيكل لخالد عبدالهادى عما جرى، يقول: «بعد فراغى من كتاب خريف الغضب، حاولت أن أكتب لمجموعة من الناشرين الذين يملكون حق نشر كتبى فى العالم عن ظهور وتراجع القوة العربية، وبدأت المحاولة فعلا، ثم كنت أنا الذى تراجعت مؤقتا عما اعتزمت، فقد وجدتنى أصف عالما عربيا كل أحواله تدعو للرثاء، ولم أشأ أن يكون ما أكتبه سهما جديدا تتكسر به النصال على النصال».
كان كلام هيكل غامضا بعض الشىء، فهو الذى لم يتراجع أبدا عما يريد أن يكتبه أو يقوله، يتحدث بما يشبه التهويم، ليكون لدينا كتاب لهيكل قضت عليه مبادرة السادات، وكتاب آخر قضت عليه أحوال العالم العربى التى تدعو إلى الرثاء.
الرابع: الأستاذ يتراجع عن زيارة التاريخ مرة أخرى
من بين أهم الكتب التى أنتجها هيكل «زيارة جديدة للتاريخ»… يمكن أن تقول عنه إنه كتاب معلم، سجل فيه الأستاذ حواراته ولقاءاته مع عدد من الشخصيات التى لعبت دورا مهما فى تشكيل العالم، عبر تحكمهم فى مفاصل التاريخ، فى العام ١٩٩٧، فكر هيكل أن يكتب جزءا ثانيا من «زيارة جديدة للتاريخ».
كان الجزء الأول قد ظهر فى العام ١٩٨٥، وبعد فراغ هيكل من ثلاثيته عن المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل، بدأ التفكير بإصدار جزء ثان، لكن يبدو أن تدافع الحوادث وقوة تأثيرها شدته إلى مجالها فلم يتسن له الكتابة، وبما خطها بأمل نشرها يوما ما، لكنه لم يفعل، فقد كان حساسا م
ن إرهاق الناس بقصص وحكايات أمام مداهمات الحوادث وسرعة جريانها.
الخامس: الكرادلة الذين رفض كشف أسرارهم
كان هذا الكتاب من بين خطة عمل العام ١٩٨٥، بدأ هيكل فى الكتابة عن عشرة أسماء من الشخصيات الغامضة التى لعبت أدوارا مهمة من وراء الستار فى السياسة العربية، وقد قابلهم جميعا، ومن بينهم كمال أدهم ومهدى التاجر (رفض هيكل أن يفصح عن الأسماء الثمانية التى تكتمل بها قائمة العشرة)، لكن فجأة غير رأيه، وأحجم عن نشر الكتاب.
اعتذر هيكل للناشر أندريه دويتس الذى كان يلح فى طلب الكتاب، فقد كان يرى أن هناك فى المنطقة وقتها قضايا أسبق إلى الاهتمام من عشرة رجال غامضين مارسوا أدوارهم من وراء ستار على مسرح سياسى تجرى أخطر وقائعه وراء الضوء وبعيدا عن عيون الناس.
يسجل خالد عبدالهادى ملاحظته: طالما أن الأستاذ قد قابل العشرة رجال الغامضين، فإن محضر لقاءاته معهم موجود، فهو يقوم بتفريغ مجريات يومه على الورق قبل أن يستسلم للنوم، عن اعتقاد صحيح بأن الذاكرة خوانة، كى لا تشحب الكلمات وتبهت الصور من مخيلته.
ثم يتساءل: ترى أين استقرت هذه المحاضر، هل بقيت فى لندن فى مكان ما؟ أم التهمتها نيران الحقد والكراهية، عندما أقدمت مجموعة من الشياطين على حرق بيته الريفى فى برقاش فى أغسطس ٢٠١٣؟ (فى إشارة إلى ما جرى بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة).
السادس: سر «السيف والهلال» الغامض
فى نهاية العام ١٩٩٠ كان هيكل قد اتفق مبدئيا مع دار «هاربر كولينز» على طبع ثلاثة كتب، ظهر منها اثنان بالفعل هما «حرب الخليج: أوهام القوة والنصر» و«المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل»… واختفى الكتاب الثالث تماما، وكانت المفاجأة أنه كان عن الإسلام السياسى، وكان اسمه المقترح هو «السيف والهلال».
المفاجأة الأكبر أن هيكل كان قد عمل بالفعل فى الكتاب، وقضى أكثر من سنة فى جمع المعلومات واللقاءات، قال هو عن ذلك إن ما جمعه من معلومات أفاده كثيرا، ثم توقف كل شىء دون سبب واضح، لاحقت دار النشر هيكل، طلبت منه الكتاب أكثر من مرة، واستمرت محاولاتها تلك حتى أبريل من العام ٢٠٠١، لكن دون فائدة على الإطلاق، والغريب أن هيكل لم يتحدث عن هذا الكتاب أبدا، ولم يبرر تراجعه عن العمل فيه.
السابع: أسرار هزيمة ٦٧ فى حدود السلاح
يروى خالد عبدالهادى أنه كان فى ضيافة هيكل فى نوفمبر ١٩٩٧، وذكره وقتها بأن كتابه الضخم عن حرب ١٩٥٦ «ملفات السويس» صدر فى الذكرى الثلاثين على نشوبها فى العام ١٩٨٦، وأشار إلى أنه دون على جزءين أجواء وخلفية ١٩٦٧ «سنوات الغليان» فى العام ١٩٨٨ و«الانفجار» فى العام ١٩٩٠، لكن هناك مجموعة ضخمة من الوثائق قد أفرج عنها، فضلا عن مذكرات قد دونت، وبرامج التاريخ الشفهى الوثائقية قد بثت.
كان رد هيكل واضحا، قال إنه يفكر فى كتاب يتناول فيه ما استجد من حقائق، وما ظهر من وثائق، رغم أن كتاب «الانفجار» لم يكن كلمة افتتاحية، بل توغلا فى الدهاليز، وشعاع ضوء على التعاون الإسرائيلى الأمريكى، مركزا على خط الصراع فى المنطقة وعليها، لكن يبدو أن الكتاب توقف لدى هيكل عند مرحلة التفكير فقط.
الثامن: مات.. وأسرار الربيع العربى معه
لم يكن أمر هذا الكتاب سريا، كشف هيكل نفسه عن جانب منه.
كانت دار هاربر كولينز قد عرضت على هيكل فى مطلع العام ٢٠١٣، عنوانا جديدا يحل مكان الكتاب الذى رفض الاستمرار به «السيف والهلال»، يتناول فيه ما استجد من أحداث فى المنطقة العربى مع بداية حقبة جديدة من القرن الواحد والعشرين، والذى عرف سياسيا بالربيع العربى.
بدأ هيكل العمل بالفعل، عقد سلسلة لقاءات مع مسئولين عرب ومعارضين فى أغلب الدول العربية التى شهدت ما سمى ثورات الربيع العربى (تونس – مصر – سوريا – البحرين – اليمن) وأيضا مع الجهات التى حرضت ودعمت قيام تحركات هنا وهناك، ومع جهات إقليمية ودولية فاعلة.
ورغم أن هيكل جمع تقريبا كل المادة التى يحتاجها لإنجاز هذا الكتاب بشكل كامل، وأصبحت فى يديه مجموعة كبيرة جدا من الوثائق والدراسات والمذكرات، مكنه ذلك كله من استكمال الصورة بمشاهدها حتى الغامض منها، إلا أنه آثر التوقف عند نقطة معينة، وقال وقتها إنه ترك ما كتبه لقابل الأيام لو سمحت بذلك المقادير، وهو ما يعنى أن هناك ما كتبه هيكل عن ثورات الربيع العربى، وإنه موجود لدى أسرته بالتأكيد، والسؤال: هل يفرجون عن هذه الكتابات قريبا؟، أم أن الأستاذ ترك فى وصيته ما يخص هذه الكتابات؟ فليس بعيدا أن يكون أوصى بأن تظهر هذه الكتابات فى وقت بعينه، فمن يعرف هيكل جيدا، لا يستطيع أن يتوقع ما يذهب إليه أو ما يريده بسهولة.
التاسع: المعركة الأخيرة مع الرأسمالية
جرت هذه الواقعة فى أبريل من العام ٢٠١٥، قبل وفاة هيكل تقريبا بعشرة شهور.
زاره خالد عبدالهادى، وكان هذا آخر لقاء بين الأستاذ والتلميذ، كانت على مكتب هيكل عشرات الوثائق والأوراق.
سأل الزائر عن هذه الوثائق والأوراق، فرد المقيم بأنه يفكر فى كتاب عن الرأسمالية وتغولها، فقد كان يراها هيكل منفردة بحق الثروة، لدرجة أنها حولت المجتمعات منذ سقوط الاتحاد السوفيتى (وقبل ذلك) إلى غابات وحوش وزواحف عبر نظرية السوق.
واصل هيكل شرح فكرته: فبعد الاحتكار لابد من الانتشار، وهكذا ظهرت الشركات العابرة للقارات (هى القوة الاقتصادية الثانية بعد الولايات المتحدة وليس الصين)، وهى تحولت لدولة ولكن بلا وطن، وإمبراطورية تمارس نفوذها على العالم بأكمله لا على إقليم بعينه.
الشرح يتواصل: فالرأسمالية استطاعت عبر الإعلان والإعلام وغيرها من الوسائل أن تطلق ما يمكن تسميته «ثورة الاستهلاك»، قد يقول أحد إن الاستهلاك منذ فجر التاريخ، هذا حقيقى، لكن فى الأزمنة المتغيرة وتوحش الرأسمالية تحول الاستهلاك لنوع جديد: شراء ما لا حاجة لك به، وأن تدفع بما لا تملكه (عبر بطاقات الائتمان والقروض والجيون)، ولم يعد مقتصرا على الأفراد بل على المؤسسات والشركات (سندات لتمويل قروض سابقة فى الأغلب ولعمليات توسعة) والدول (سندات الخزينة)، فالكل يسعى للدين، ويعمل بالدين، بل ويتاجر بالدين، وتحول الاقتصاد إلى أوراق تطارد أوراقا أخرى.
ويتساءل خالد عبدالهادى للمرة الأخيرة، ونتساءل نحن معه أيضا: لا أعرف إلى أى مدى وصل الأستاذ بهذا الكتاب، الذى يبدو أنه كان مقررا أن يكون كتابه الأخير، فقد تعرض هيكل بعد أسابيع من هذا اللقاء لحادثة فى منزله بمنتجع الغردقة، أدت إلى ضرورة انتقاله للندن لإجراء عملية جراحية، ثم العودة إلى القاهرة، مع ضرورة الراحة التامة، وبعدها بشهور قليلة غاب تماما عن المشهد.