كلام الرموز.. رموز الكلام

3

د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي

أصحاب الأيادي البيض، حكاماً ومحكومين، في كويت الخير كُثُر ولله الحمد والمنة، فما أروع مواقفهم الخيرية الرائدة، وحرصهم الجميل على البر والإحسان وبذل المعروف، وما أجمل الشهادة عندما تأتي من رجل فاضل، مثل فضيلة د. عبدالرحمن حمود السميط رحمه الله تعالى، هذا الرجل المعطاء، الذي وفقه الله تبارك وتعالى لأن يسطر بحروف من نور مسيرة العطاء الخيري الكويتي في القارة الأفريقية، فكانت مبادراته الدعوية والخيرية المباركة فاتحة خير ونماء عليه، وعلى وطنه، وعلى الإسلام والمسلمين، بل على البشرية جمعاء.
أما شهادة د. عبدالرحمن حمود السميط رحمه الله تعالى، فقد جاءت في حق رجل من رجالات الكويت الكرام، عُرف بحبه الكبير للخير والبذل والعطاء، فكانت أياديه البيض ممتدة دوماً بالخير والعطاء داخل دولة الكويت وخارجها، إنه أمير القلوب صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، الأمير الأسبق لدولة الكويت، طيب الله تعالى ثراه، وجاءت هذه الكلمات الطيبة في إحدى المقابلات التلفزيونية المسجلة مع د. عبدالرحمن حمود السميط رحمه الله تعالى، وجاء فيها: «الشيخ جابر رحمة الله عليه، كنت أعتبره الأخ الأكبر بالنسبة لي، وهو من أبرز أهل الكويت الكرام، الذين تبرعوا لي بمبالغ كبيرة، فقد تبرّع لي رحمه الله تعالى بمبالغ يزيد مجموعها على 14 مليون دولار، هذه فقط المبالغ التي أذكرها الآن وأنا أتحدّث، وربما التي لا أذكرها أكبر من ذلك بكثير، ولكن الأهم من أموال الدنيا كلها هي نصائحه لي، حيث تعهدني الشيخ جابر رحمه الله تعالى بالنصيحة بين الحين والآخر، فكان رحمه الله تعالى يفتح قلبه متحدثاً لي، متناسياً أنه أمير البلاد، وأني مواطن بسيط، وكانت هذه النصائح الطيبة تكاد تستغربها من رجل دولة، مثل الشيخ جابر رحمة الله تعالى عليه، منها قوله لي: «ابتعد عن البيروقراطية الحكومية، لا تصير جزءاً من هذه البيروقراطية، الآن نبارك لك أن تصير حرًا في عملك الخيري»، وغيرها من هذه النصائح الطيبة، التي استفدت منها، حقاً وأثرت كثيراً في مسيرتي.

وكنت بدوري أفرح وأسعد كثيرًا بمثل هذه النصائح النابعة من القلب، والهادفة إلى مصلحة العمل الخيري والدعوي، الذي نقوم به، وآخذ بما جاء بها، ممتنًا للشيخ جابر رحمه الله تعالى بالفضل في توجيهي بهذه النصائح الغالية».

وعندما سأله الأخ المذيع: «ماذا قال لكم الشيخ جابر، عندما سمع بالمخاطر التي تواجهكم؟»، فكان جواب د. عبدالرحمن السميط رحمه الله تعالى: «فاجأني الشيخ جابر بقوله: «يا ولدي سمعت ان السيارة انقلبت بكم أكثر من مرة، وانك أصبت بالملاريا، وأنكم تسيرون وحولكم الأفاعي والوحوش، وقد هاجمكم لصوص مسلحون، وأُطلقت عليكم النار، وتفجرت فيكم الألغام.. ليش تعرّض نفسك لهذه المخاطر؟». ثم يستطرد د. عبدالرحمن السميط رحمه الله تعالى في حديثه قائلاً: «لا أستطيع أن أصف اللذة، عندما ترى طفلاً يتيماً، كيف كانت ملابسه ممزقة وحافي القدمين، ثم يتحول بمشيئة الله تبارك وتعالى، ثم بفضل هذا العمل المبارك، ليصبح مسؤولاً كبيراً في الدولة، أو ضابطاً كبيراً أو طبيباً معروفاً، فهذه غاية السعادة».

ثم سأله الأخ المذيع قائلاً: «وماذا عن وزير الدفاع في دولة مالاوي؟»، فيجيب د. السميط رحمه الله تعالى بقوله: «هو أحد الأطفال الأيتام، الذين اهتمت بهم جمعية العون المباشر، وأصبح الآن نائباً لرئيس الجمهورية في مالاوي، وغيره الكثيرون بالعشرات، بل بالمئات، الذين اهتمت بهم جمعية العون المباشر، ثم أصبح لهم دور ومكانة بارزة في المجتمع بفضل الله تعالى، ثم بفضل هذه الجهود المباركة».

ويستكمل د. عبدالرحمن السميط رحمه الله تعالى حديثه بقوله: «لذلك أوجه كلامي لجميع إخواني وأخواتي الكرام، الذين يتبرعون لنا، انني أتمنى لو تأتون معنا في رحلاتنا في أفريقيا، لتشاهدوا بأعينكم ما نشاهده نحن بأعيننا، وتستشعرون ما نستشعره نحن بقلوبنا أثناء هذا الرحلات المباركة».

هنا سأله المذيع: «هل توجه الدعوة لهم كي يذهبوا معك؟»، فأجابه د. عبدالرحمن السميط رحمه الله تعالى: «هذا يوم مبارك وساعة مباركة، حياهم الله، شريطة أن من ينوي الذهاب معنا يستكمل الرحلة للنهاية، ولا يتراجع في المطار أو في منتصف الطريق، أو يعتذر لأي سبب من الأسباب، وأنا أعده أن يكون في غاية السعادة، عندما يرى ثمرة جهده وبذله ومعروفه، وهي تصل إلى إخوانه وأحبابه هناك».

هكذا كان كلام الكبار عن الكبار، وشهادة أهل الخير عن باذلي الخير، فكانت هذه الكلمات الطيبة من رجل الخير والبر والإحسان د. عبدالرحمن حمود السميط، رحمه الله تعالى، في حق صاحب الأيادي البيض سمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله تعالى ثراه، والتي سلطت الضوء على الجانب الخيري والإنساني في حياة «أمير القلوب» رحمه الله تعالى، وأظهرت لنا طيفاً من عطائه المعنوي والمادي الكريم.

وبذلك يكون: «كلام الرموز… رموز الكلام».

رحمهما الله تعالى رحمة واسعة، وأسكنهما فسيح جناته هما وأهل الخير والعطاء من أبناء هذا البلد الكريم.

 

التعليقات معطلة.