إقبال الأحمد
عبارة غيَّرت اليوم مشهد الشهرة وفلسفتها.
اليوم، أصبحت الشهرة تُباع كما السلع في سوق السوشيال ميديا، لا فرق بين فكرٍ نير وعقل حكيم ورفيعٍ، وعرضٍ باهت سريعٍ، يخلو من المضمون والإبداع، غزير بالتفاهات والشكليات والماديات.
المشهور، اليوم، هو الإنسان الذي يسعى لأن يُرى، لا لأن يُفهم، ضجيج وألوان وقهقهات دون فائدة تُرجى.
في منصات التواصل الاجتماعي التي اصبحت اليوم، للأسف الشديد وبشكل عام، سوقًا للتفاهة، وأصبحت مصدراً رئيسياً لها، والتنافس اليوم لم يعد التنافس على من يصنع القيمة، بل من يستهزئ بها ويقلل من قدرها.
ويكفي اليوم أنك تصبح وبسهولة «حديث الساعة»، في ظرف لحظة، ولو ليومٍ واحد.
المؤلم في الموضوع أن التفاهة تقضي في طريقها على كل مفكر وصاحب مبدأ، لأن هذا الإنسان تنظر له هذه الجموع والأغلبية من جمهور السوشيال ميديا «للأسف الشديد»، بشكل مخالف، فالمفكر، والمثقف أصبحا مملين، وصاحب الرأي الصادق أصبح خارج زمانه.
تحوّلنا إلى جمهورٍ يبحث عن التسلية أكثر من الحقيقة، وعن الصدمة أكثر من الفكرة، وما مشاهدة الناس، في معظمهم، وقد انحنت رؤوسهم على شاشات الهواتف الشخصية، متناسين وجود بعضهم مقابل بعض في مطعم، أو فرصة لقائهم في جلسة أسرية وعائلية.
تصفيقنا اليوم، وللأسف للمرة الألف، لمثل هذه التفاهات أكثر منه للمضمون الحقيقي والفاعل، لأننا نرغب عن التفكير… بالنهاية.
وعلينا أن نعترف اننا «نحن» من صنعنا هذا الواقع المؤسف، بمشاركاتنا بالمشاهدة، حتى وان كان من باب «العلم بالامر» وابداء الاعجاب، والمشاركات. فمجرد الوقوف عند الفيديو يرتفع رقم المشاهدات، ليصبح مَن امامنا مشهورا.
النقطة الأهم في هذا الموضوع انه حين يفتقد الشباب القدوة، يبحث عن البديل في المؤثرين، وحين تغيب اصوات المنابر الفكرية الحقيقية، تملؤها الأصوات العالية بأي مضمون.
فما الحل؟
بالتأكيد ليس بإلغاء هؤلاء، أولاً لأن ذلك ليس حلاً جذرياً، وثانياً انه يستحيل نجاح هذا الحل، فلكل زمانٍ ابطاله ورموزه.
نحتاج اليوم الى إعادة بناء الذوق العام، وتكثيف العمل على ترسيخ الوعي في المدارس في الساحتين التربوية والإعلامية، وقبلها بالتأكيد في المجتمع بشكل عام.
يجب أن نغرس في الجيل الجديد أن «الشهرة» أن تكون معروفًا بما تُقدّم من معنى والتفوق العقلي، والثراء في المضمون الشخصي المفيد… وان العظمة والشهرة ليستا أن يُعرف اسمك، بل أن يبقى أثرك مفيداً وينير العقول.
إقبال الأحمد

