مقالات

كيان البحر الأحمر .. أمان البحر يبدأ من الأرض

 
 
هيثم العايدي
 
يشكل الإعلان عن تأسيس كيان لدول البحر الأحمر وخليج عدن اقرار بأن أمن الملاحة في البحر الأحمر ـ وما يضمه من ممرات مائية تمثل شريان حياة عالمي ـ يبدأ من معالجة أي تهديدات تتشكل على الأرض المشاطئة لهذا البحر.
فالبحر الأحمر يعتبر واحدا من أهم طرق الملاحة الرئيسية في العالم حيث إنه يعد مع قناة السويس رابطا بين البحار المفتوحة كالمحيط الهندي والبحر المتوسط كما أنه يربط بين ما يعرف بقارات العالم القديم (أفريقيا وآسيا وأوروبا) ويعتبر المنفذ الرئيسي الذي تمر عبره تجارة هذه القارات وما تحويه من أسواق كبرى.
كذلك فإن البحر الأحمر يعد معبرا رئيسيا لتصدير نفط الخليج إلى الأسواق العالمية كما أن قاع البحر نفسه يحوي ثروات هائلة حيث إن هناك اتجاها لاستكشاف النفط والغاز بالإضافة إلى الكشوفات المعدنية.
ومع تعاظم الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر تتعاظم أيضا التهديدات التي تواجهها الملاحة في البحر سواء كان من خلال عمليات القرصنة التي تولدت نتيجة عدم الاستقرار في الصومال أو من خلال الصراع اليمني الذي ألقى بظلاله على الملاحة في البحر الأحمر.
ولأن هذه مواجهة هذه التهديدات مسؤولية مشتركة للدول المشاطئة للبحر الأحمر جاء في الإعلان عن الكيان الذي يضم كل من المملكة العربية السعودية والأردن ومصر والسودان وجيبوتي والصومال واليمن أن الكيان سيعمل على تعزيز الأمن والتنمية في هذه المنطقة
وجاء هذا الإعلان خلال اجتماع وزراء خارجية الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن في الرياض قبل أيام حيث ستتولى هذه الدول “التنسيق والتعاون بينها ودراسة السبل الكفيلة بتحقيق ذلك في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية والأمنية فيما سيعقب هذا الاجتماع اجتماع آخر في القاهرة لمواصلة بحث كافة التفاصيل ذات الصلة مع التركيز على الجوانب الأمنية.
ووفقا للاعتبارات الجيوسياسية والتاريخية فستكون مصر والسعودية هما ركيزتا هذا الكيان كما أن وجود جيبوتى والصومال واليمن يعزز من ضمانات حماية مضيق باب المندب وخليج عدن ومن ثم قناة السويس كما أن وجود الأردن والسودان يعد تعزيزا لهذه الحماية.
ومع التأكيد على التعاون في الجانب العسكري لمواجهة التهديدات إلا ان ما يستكمل هذا الجانب العسكري هو الدخول في مشاريع اقتصادية تعمل على تعزيز التنمية في الدول المشاطئة للبحر الأحمر بحيث تجمع هذه الدول مصالح اقتصادية مشتركة ترسخ من تعاونها في مواجهة التهديدات علاوة على توفير فرص عمل تربط الشباب بهذه المصالح المشتركة .. فوجود الأيدي العاملة والمهارات المدربة في هذا الدول بالتأكيد سيكون محركا للتكامل الاقتصادي بينها.