مايكل نايتس
في الساعات الأولى من يوم الأثنين 16 تشرين الأول/أكتوبر، شقّ الجيش العراقي الاتحادي طريقه إلى أجزاء كثيرة من مدينة كركوك والمرافق العسكرية ومنشآت الطاقة المجاورة. [وفي أعقاب لذلك] استولت “دائرة مكافحة الإرهاب”، بدعم من دبابات الجيش والشرطة الاتحادية والقوات الخاصة (ولكن ليس من «قوات الحشد الشعبي») على القاعدة العسكرية K1، وقصر المحافظ، ومقر “مجلس محافظة كركوك”، ومقري “شركة نفط الشمال” و “شركة غاز الشمال”، و”قاعدة كركوك الجوية الإقليمية”، وتقاطعات الطرق الرئيسية. ولم تُظهرالقوات الكردية المحلية سوى مقاومة رمزية، ويعود ذلك على ما يبدو إلى أن الفصيل السياسي المسؤول عنها – «الاتحاد الوطني الكردستاني» – لم يكن مصمماً تماماً على مقاومة هذا التحرك. وحتى الآن لم تُعارض أي هيئة دولية أو دولة هذا الإجراء، ففي اليوم نفسه أشار الرئيس الأمريكي ترامب إلى أن الولايات المتحدة لن “تنحاز إلى أي طرف” في هذا النزاع.
ونتيجة لذلك، استعادت [الحكومة الاتحادية في] بغداد أجزاء من كركوك كانت تحت سيطرة قوات «الاتحاد الوطني الكردستاني»، والتي كانت [بغداد] تحتفظ بها قبل انهيار الجيش العراقي عام 2014. حتى أنها استعادت الوصول إلى بعض المناطق الحضرية التي لم يكن أفراد الأمن الاتحاديون يذهبون عادة إليها في السنوات الماضية. وتتحرك القوات الاتحادية الآن نحو حقول النفط في منطقة دبس التي كان يسيطر عليها «الحزب الديمقراطي الكردستاني» منذ عام 2014. وتنتج هذه الحقول275,000 برميل من النفط يومياً، أو ما يقرب من نصف إنتاج «حكومة إقليم كردستان» البالغ 620,000 برميل يومياً.
ولم تعترض الولايات المتحدة على عودة [سلطة الحكومة الاتحادية في] بغداد إلى كركوك، وتم صياغة هذه الخطوة جزئياً في إطار إعادة الوضع الذين كان قائماً قبل اندلاع أزمة تنظيم «الدولة الإسلامية». ولكن إذا لم يتم عن كثب رصد الحقائق على أرض الواقع، فبإمكانها أن تؤدي إلى [قيام] سلطة اتحادية على كركوك تتجاوز بكثير التوازن الذي كان قائماً قبل عام 2014.
على سبيل المثال، لطالما تم التعامل مع مدينة كركوك كمنطقة منزوعة السلاح جزئياً – حيث أُعطيت للشرطة الأولوية فيما يتعلق بالأمن الحضري، في حين لم يُسمح لقوات الجيش الاتحادي والبيشمركة الكردية بالانتشار داخل المدينة تماماً. وقد أدّى دخول القوات الخاصة الاتحادية هناك إلى إنهاء ذلك الوضع القائم في الوقت الحالي. بالإضافة إلى ذلك، كان أمن كركوك في أفضل حالاته عندما تمت إدارته من قبل مقر الأمن المشترك الذي ضم القوات الكردية والاتحادية؛ ولكن اعتباراً من السادس عشر من تشرين الأول/أكتوبر، تتولى القوات الاتحادية وحدها إدارة المقر الرئيسي K1. وبالمثل، لم تكن بتاتاً الحاميات العسكرية النموذج المثالي لأمن حقول النفط، بل أن قوة من الشرطة [مخصصة] لحقول النفط كانت تقوم بذلك؛ وينطبق الشيء نفسه على البنية التحتية الأخرى للطاقة وللمباني الحكومية.
بعبارة أخرى، إذا كان البندول يتأرجح بعيداً جداً في اتجاه استبعاد القوات الكردية تماماً، فمن المؤكد أن [الحفاظ]على أمن مواطني شمال العراق، ومؤسسات الدولة، ومرافق النفط، سيعاني من بعض الصعوبات. وبناء على ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة اتخاذ أربع خطوات فورية:
مساندة تشكيل “آلية أمنية مشتركة” لكركوك. يجب على المقر الرئيسي K1 أن يضم بسرعة ممثلين عن قوات الأمن المحلية مثل “دائرة شرطة كركوك”، و”وحدات دعم الطوارئ” و”فرقة العمليات الخاصة” [Task Force Black]. وينبغي أيضاً إضافة “فريق مكافحة الإرهاب” لأنه قوة كردية غالباً ما عملت السلطات الاتحادية إلى جانبها في منطقة كركوك.
بعث رسالة حول الرغبة الملحة للولايات المتحدة في تخفيف حدة التصعيد. أثناء تعليق الرئيس ترامب على العمليات القتالية، أشار إلى “أننا لا نحب نشوب الصراع بينهم”. ولتقليل خطر وقوع المزيد من الاشتباكات، ينبغي على “قوة المهام المشتركة” بقيادة الولايات المتحدة إرسال ضابط كبير إلى [المقر الرئيسي] K1 وغيره من مناطق الانفجار المحتملة (مثل سنجار)، ظاهرياً للاجتماع مع مستشاري فرق العمل الموجودين بالفعل هناك، ولكن أيضاً لبعث رسالة بأن واشنطن تركّز بشدة على طبيعة التقدم [العسكري] العراقي في المستقبل وردود فعل البيشمركة. وبغض النظر عمّا يقوله الدبلوماسيون أو يفعلونه، ليس لأي [قوة تأثير] على صانعي القرار الأمني المحلي كما للوجود الأمريكي على الأرض، حتى ولو كان ذلك مجرد زيارة رمزية يقوم بها ضباط على مستوى القيادة.
الضغط [من أجل تعيين] حاكم مؤقت لكركوك. إذا كان المنصب يُعتبر حالياً شاغراً كما أفادت بعض التقارير، يجب على واشنطن أن تشجع مجلس المحافظة على تعيين حاكم كردستاني بسرعة. ومن شأن ذلك أن يحافظ على الاتفاق الأساسي لتقاسم السلطة الذي تفاوض حوله قادة المجتمعات المحلية في كركوك عام 2007. وهذه الخطوات الرمزية للاستمرارية تقلل من خطر اندلاع موجات جديدة من القتال داخل مدينة كركوك، حيث لا ينبغي الاستهانة بخطر قيام تكتل من المقاومة ضد القوات الاتحادية .
تشجيع الاستمرارية في اتفاقات تقاسم النفط. تستفيد كل من بغداد وكركوك و«حكومة إقليم كردستان» من تقاسم النفط الحالي في المحافظة. وعلى الرغم من أن العديد من حقول النفط في كركوك قد أصبحت الآن تحت سيطرة [الحكومة] الاتحادية، إلّا أنّ ذلك لا يغير الأساس المنطقي للاتفاق وهو، أن «حكومة إقليم كردستان» تمتلك خط أنابيب التصدير الفعال الوحيد [في المنطقة]، وأن لمصافي «إقليم كردستان» القدرة الاحتياطية التي تفتقر إليها الحكومة الاتحادية لإنتاج منتجات النفط التي تشتد الحاجة إليها في المناطق المحررة في محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى. إن الحفاظ على هذا الترتيب يمكن أن يشكل “مكسباً” مستمراً [لكلا الجانبين] من شأنه أن يسهّل المفاوضات المستقبلية بين بغداد و«حكومة إقليم كردستان»، لذلك لا ينبغي السماح بإبطال العمل به.