تناول محرر شؤون الأمن القومي في مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية مارك أيبسكوبوس محاولات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لفك العزلة الغربية من طريق زيارته لإيران قبل أيام، قائلاً إن بوتين أعطى الضوء الأخضر للتوصل إلى إتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، وهو الاتفاق الرئيسي الأول بين روسيا وأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير (شباط).
والاتفاق، الذي جرى التفاوض عليه بين أوكرانيا وتركيا وروسيا والأمم المتحدة، يضع إطاراً لمعاودة شحن الحبوب من أوكرانيا. وهو ينص على إنشاء “مركز مراقبة” في اسطنبول يديره فريق يضم مسؤولين من الأمم المتحدة وتركيا وروسيا وأوكرانيا، لتنسيق تصدير الحبوب عبر ممر بحري آمن من الموانئ الأوكرانية في أوديسا وتشيرنومورسك ويوجني.
ولم تنشر تفاصيل الخطة على الفور. وسبق للمسؤولين الروس أن أصروا على أن السفن الأوكرانية التي تحمل الحبوب يجب أن تخضع لتفتيش البحرية الروسية في طريق عودتها، متحدثين عن احتمال استخدام هذه السفن لتهريب تجهيزات عسكرية إلى أوكرانيا. وبموجب النسخة النهائية من الاتفاق، فإن السفن الأوكرانية ستخضع لتفتيش من قبل البحرية التركية.
الضوء الأخضر للاتفاق انتظر بوتين
وكانت الأطراف الأربعة توصلت إلى إتفاق مبدئي الأسبوع ما قبل الماضي، لكن تعين أن يعطي بوتين الضوء الأخضر لتنفيذه. واجتمع الرئيس الروسي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أوائل الأسبوع الماضي في طهران لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق وشكره على الجهود التي بذلتها أنقرة في الأشهر الأخيرة على هذا الصعيد.
وكان بوتين زار طهران للقاء مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي. وأصدرت إيران بياناً أعربت فيه عن دعم الحرب الروسية في أوكرانيا. وحضر بوتين قمة ثلاثية مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وأردوغان لمناقشة النزاع في سوريا.
وتوج اتفاق الحبوب أسبوعاً من التحركات الروسية الرامية إلى إظهار أن الحملة الغربية لعزل موسكو اقتصادياً وسياسياً قد فشلت. وقال المحلل في معهد السلام الأمريكي جون درينان لشبكة “سي إن بي سي” الأمريكية للتلفزيون: “أعتقد أن الروس عقدوا الاجتماع للقول إنهم ليسوا معزولين، وإنهم ما زالوا لاعباً رئيسياً في الشرق الأوسط.. لكن بالنسبة إلى (الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي)، فإن الاجتماع هو عمل يائس من قبل الروس للحصول على دعم عسكري إيراني”. وأضاف درينان أن زيارة طهران “تظهر شعور بوتين وروسيا بالعزلة المتزايدة”.
ظاهرة غير مستقرة
وعلى رغم أن روسيا تخضع لعزلة متصاعدة في الغرب وفي أوساط المؤسسات التي يسيطر عليها الغرب، فإن اجتماعات بوتين في طهران تشير إلى ظاهرة عامة غير مستقرة حتى الآن. ذلك، أنه على رغم جهود صانعي السياسات في أوروبا والولايات المتحدة لتأسيس جبهة عالمية موحدة ضد الكرملين، فإن جزءاً جوهرياً من العالم غير الغربي، لا يزال يحافظ على حياده، كما هو الحال مع الصين وإيران، اللتين تؤيدان صراحة السردية الروسية حول النزاع الأوكراني.