كيف يؤثّر الخوف على دماغنا وجسمنا؟

3

يعرّف الخوف على أنه استجابة بيولوجية فطرية تهدف إلى حماية الإنسان من المخاطر. يتفاعل الجسم مع هذا الشعور من خلال تحريك سلسلة من العمليات الوظيفية كي تكوِّن ما يُعرف بـ”استجابة الكرّ أو الفرّ” (Fight or Flight). يتضمن ذلك تنشيط الجهاز العصبي الودي، ما يؤدي إلى إفراز هرمونات مثل الأدرينالين والكورتيزول. تعمل هذه الهرمونات على تسريع ضربات القلب، وزيادة تدفق الدم إلى العضلات، وتحفيز الحواس، ما يجعل الجسم مستعداً للتعامل مع التهديدات الفورية.

في ظل الأوضاع التي يعيشها لبنان، نتعرض يومياً إلى حوادث مفاجئة تُشعرنا بالخوف والهلع، وتفاقم حالة التوتر ما يؤثّر على دماغنا بشكل كبير. وفي ذلك الصدد، يُلفت إلى أنّ ردّة فعل الدماغ عند مشاهدة فيلم رعب شبيهة لتفاعله عند التواجد في مأزق حقيقي. في الحالتين، يؤثّر القلق سلبياً على الدماغ الذي يفرز حينئذ مواد كيمياوية في الجسم، تتسبب بردات فعل فيزيولوجية متنوعة.

يُعرّف الخوف على أنه استجابة بيولوجية فطرية تهدف إلى حماية الإنسان من المخاطر. يتفاعل الجسم مع هذا الشعور من خلال تحريك سلسلة من العمليات الوظيفية كي تكوِّن ما يُعرف بـ”استجابة الكرّ أو الفرّ” (Fight or Flight). يتضمن ذلك  تنشيط الجهاز العصبي الودي، ما يؤدي إلى إفراز هرمونات مثل الأدرينالين والكورتيزول. تعمل هذه الهرمونات على تسريع ضربات القلب، وزيادة تدفق الدم إلى العضلات، وتحفيز الحواس، ما يجعل الجسم مستعداً للتعامل مع التهديدات الفورية.

 

استجابة الكرّ والفرّ

تؤكّد مديرة معهد الأبحاث للطب السلوكي في كلية الطب التابعة لجامعة ولاية أوهايو جانيس كيكولت غلاسر لمجلة “ناشيونال جيوغرافيك” أنّ الجسم يستجيب للخطر من خلال آليّة مدمجة رافقت أسلافنا منذ آلاف السنين. وآنذاك، اضطر البشر  إلى الهروب من الحيوانات المفترسة كالنمور مثلاً. ولكن، رغم أنّ هذه الآليّة المزدوجة تحمينا من الخطر، يجب ألّا نتعرض للقلق أو المخاوف باستمرار، لأنها ترهق الجسم وتستنفد طاقته بدنياً ونفسياً.

تبدأ استجابة الكرّ أو الفرّ في منطقة متخصصة فيها داخل الدماغ [تسمّى اللوزة  amygdala ] تتولى مسؤولية التعرّف على التهديدات ومعالجة العواطف. وحينما تكتشف “اللوزة” الخطر أو التهديد، ترسل إشارة استغاثة إلى منطقة أخرى في وسط الدماغ،  تعطي مجموعة أوامر للجهاز العصبي والغدد الصماء بإفراز هرمونات ومواد تؤثر على الأعصاب على غرار الكورتيزول والدوبامين والنورادرينالين والأدرينالين. ويمنحنا الهرمون الأخير الفرار بسرعة أو النهوض بمواجهة ضارية.

وأوضح عالم الصحة السلوكية الحيوية في جامعة ولاية بنسلفانيا مارك دينغمان، أنّ إفراز تلك الهرمونات والمواد المؤثرة عصبياً يترافق مع تحرك غدة موجودة على الكلية تفرز هرمونات تسهم في تلك العملية أيضاً.

وقد أشارت الأبحاث إلى أنّ تلك الهرمونات والمواد المؤثرة عصبياً تعمل معاً لتسريع عملية التنفس وتتيح للقلب ضخّ الدم الغني بالأوكسيجين بشكل أسرع إلى العضلات والأعضاء. وبهذا الشكل، تنسّق العضلات والدماغ استجابة سريعة ضدّ الخطر والتهديد. ففي حالة الخوف هذه، تشتدّ عضلاتنا وتتوسّع حدقتا العينين وتصبح حاسّة السمع أقوى.
وكذلك تفيد أستاذة الطب السلوكي في كلية الطب في جامعة نوتنغهام في إنكلترا هولي بليك، أنّ استجابتنا البيولوجية المباشرة للخوف تبقى عينها، سواء كان الخطر حقيقياً أو لا، ولكن الدماغ يفرّق بينهما سريعاً.
ويظهر الخوف على مرحلتين: تُعتبر الأولى تلقائية والثانية منطقية. في المرحلة الثانية، تتحرك منطقة متخصصة في الدماغ تساعد في التفكير بشكل منطقي كي يتمكن من التمييز بين الواقع والخيال.

الخوف ومواجهة الحقيقة

حينما تُفرز تلك الهرمونات لفترات طويلة، قد يشعر الجسم بالإرهاق، ويؤدّي ذلك إلى مشاكل في ضغط الدم والقلب والهضم والمناعة، بما أنّ الجسم في وضعية “التأهّب” المستمرة. ولذلك، على الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية أن يتفادوا الخوف، لأنّ هرمون الأدرينالين يتلف أنسجة القلب.
بالإضافة إلى مشاكل القلب، قد يتسبّب الخوف (حتى من دون وجود خطر حقيقي) بازدياد التشنّجات العضلية وتفاقم أعراض آلام الظهر. وقد يتفاعل من يعانون حالات معيّنة مثل الاضطراب ما بعد الصدمة أو الوسواس القهري أو القلق، بطريقة دراماتيكيّة ويتأثرون أكثر من غيرهم.

ومن المستغرب أن ثمة أشخاصاً يصرّون على تكرار مشاهدة أفلام الرعب بشكل مفرط، لكن ذلك يجعلهم أقل تفاعلاً تجاه الخوف، وقد يخفّض من قدرتهم على الاستجابة إلى خطر بشكل صحيح. وهذا يكفي لبرهنة أنّ الحياة تدور حول الاعتدال، حيث يُعتبر التوازن عنصراً أساسيّاً،  فيما الهلع المستمرّ مضرّ، وكذلك غيابه التامّ.

التعليقات معطلة.