كيف يمكن الحيلولة دون وصول حزب الله إلى السلطة في لبنان؟

2

ـ طارق العليان
في ظل الانهيار الاقتصادي العميق والفساد المتفشي في لبنان، يواصل حزب الله تعزيز حضوره في الحياة السياسية والاجتماعية، مستفيداً من عجز الدولة عن تقديم الخدمات الأساسية. ويرى الكاتبان ديلاني سوليداي، الباحثة المساعدة في برنامج أمن الشرق الأوسط بمركز الأمن الأمريكي الجديد، وآدم كوسيه، الباحث الخريج في مركز سياسة الأمن القومي بجامعة فيرجينيا، أن مفتاح تقويض نفوذ الحزب يكمن في استعادة الدولة لزمام الخدمات الاجتماعية التي تمثل أساس قوته الحقيقية، وليس فقط مواجهة جناحه العسكري.
خدمات الحزب الاجتماعية
وقال الكاتبان في مقال مشترك بموقع مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية: إن انتخاب الرئيس جوزيف عون في يناير (كانون الثاني) 2025 مثّل ضربة سياسية لحزب الله، لكنه لم ينجح في تقويض مصدر قوته الرئيس، وهو شبكة الخدمات الاجتماعية التي يديرها جناحه المدني.
وأضاف الكاتبان أن منظمات مثل مجموعة الجهاد للبناء، والمنظمة الإسلامية للصحة، وكشافة الإمام المهدي، تقدم بنية تحتية وتعليماً ورعاية صحية للفقراء والمناطق الريفية، مما يعزز الولاء الشعبي للحزب حتى مع تراجع سمعته العسكرية.
الفساد: البيئة المثالية لتمدد الحزب
وأوضح الكاتبان أن الفساد المستشري في مؤسسات الدولة هو المحرك الأساسي لأزمة لبنان الاقتصادية وعجزه عن تمويل الخدمات العامة، واستشهدا بقضية حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، المتهم بتهريب 330 مليون دولار، كدليل على حجم الفساد الذي يستفيد منه حزب الله رغم عدم انتماء سلامة للحزب.
وتابع الكاتبان أن نفوذ الحزب في الوزارات يمكّنه من توزيع الموارد بشكل غير عادل وتفضيل أنصاره، مما يجعله بمثابة “حكومة ظل” تقوّض دور الدولة.
إصلاحات عون بحاجة للدعم
أشار الكاتبان إلى أن حكومة عون حققت في أبريل (نيسان) إصلاحاً مصرفياً مهماً يتعلق بالشفافية، وهو مطلب أساسي لصندوق النقد الدولي منذ 2022. لكنهما شددا على أن الدعم المالي والفني من الشركاء الإقليميين والدوليين سيُسرّع هذه الإصلاحات ويعزز قدرة الحكومة على منافسة حزب الله في ميدان الخدمات الاجتماعية.
البنية التحتية والكهرباء.. ورقة ضغط الحزب
أكد الكاتبان أن أزمة الكهرباء تمثل ساحة نفوذ جديدة للحزب، حيث يعتمد 90% من اللبنانيين على مولدات خاصة، ويستغل الحزب هذه الثغرة لتقديم حلول بديلة، كما فعل عام 2021 حين استورد الأمين العام حسن نصر الله الوقود من إيران.
وأضافا أن معالجة هذه الأزمة تتطلب استثمار المساعدات الدولية، ومنها الـ250 مليون دولار التي أقرها البنك الدولي، في إعادة الإعمار بعد حرب 2024، واستغلال استثناء قانون قيصر للوصول إلى الغاز العربي.
أوضح الكاتبان أن بيروت يمكنها إعادة تفعيل المقترح القطري لعام 2024 لبناء ثلاث محطات طاقة متجددة ترفع الإنتاج بنسبة 25%، مع ضمان تنفيذه بشكل متعدد الأطراف لتفادي المخاوف من النفوذ القطري. كما يمكن الاستفادة من صناعة الطاقة الشمسية عبر شراكات مع منتجين في الخليج والأردن والمغرب، بما يضمن استدامة الطاقة وتقليل آثار التغير المناخي.
الدور الأمريكي: دعم بيروت لاستعادة زمام المبادرة
تابع الكاتبان أن الولايات المتحدة تمتلك القدرة على توجيه جهود المساعدات نحو استثمارات خاصة تعزز البنية التحتية والخدمات في لبنان، في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تغيرات كبرى مع إضعاف النفوذ الإيراني وسقوط نظام الأسد.
وشددا على أن النجاح في نزع سلاح حزب الله يتطلب ضرب أساس دعمه الشعبي المتمثل في الخدمات الاجتماعية، وإلا فسيظل الحزب يمارس نفوذه ويقوض شرعية الحكومة المركزية.
واختتم الكاتبان بالقول إن المعركة ضد حزب الله في لبنان لن تُحسم بالسلاح وحده، بل عبر معركة موازية على الخدمات والفرص المعيشية التي تحوّل الحزب إلى بديل فعّال عن الدولة في نظر أنصاره. فإذا نجحت بيروت في استعادة هذا الدور، يمكنها أن تضعف قبضة الحزب على المجتمع اللبناني وتعيد بناء مؤسسات الدولة على أسس شرعية وقوية.

التعليقات معطلة.