كيف يمكن للغرب دعم المحتجين في إيران

1

سخر محلل شؤون الشرق الأوسط حميد بهرامي من العقوبات الرمزية التي فرضها الغرب على مسؤولين إيرانيين بعد حملات القمع التي استهدفت المحتجين الغاضبين بسبب مقتل مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق.

وكتب بهرامي في “معهد غيتستون” أن الارتباك السياسي أدى تاريخياً إلى ردود غير مناسبة على الأزمات الدولية وهي ردود ذات عواقب كارثية. حسب بهرامي، من الواضح أن النزاع داخل إيران سيتعمق أكثر حيث تسلط الاحتجاجات الحالية الضوء على إمكانات حقيقية وقوية للإطاحة بالنظام الثيوقراطي الأمر الذي يتطلب سياسة إيرانية جديدة مناسبة للوضع الحالي في إيران.

لم يفهموا رسائل المحتجين
بالرغم من أن كندا والولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين حاولوا الضغط على طهران من خلال فرض عقوبات جديدة على النظام بسبب انتهاكاته حقوق الإنسان، يبدو أن القادة الغربيين لم يفهموا تماماً الرسالة الأساسية للاحتجاجات في إيران. بينما شهد العالم استعداد الإيرانيين للتضحية بأرواحهم من أجل الإطاحة بقامعيهم وتأسيس ديموقراطية علمانية مبنية على القيم الليبيرالية، دخلت إدارة بايدن اتفاقاً مع النظام الإيراني لاستعادة مواطنين أمريكيين مزدوجي الجنسية.

زعم موقع نور نيوز المقرب من المجلس الأعلى للأمن القومي أن النظام الإيراني حصل على مليارات الدولارات مقابل الإفراج عن الرهينتين. نفت إدارة بايدن التقارير الإيرانية عن أن الاتفاق أدى الى رفع التجميد عن أصول إيرانية في الخارجية. لكن الكاتب يسأل: إذا لم تقم الولايات المتحدة برفع التجميد عن الأصول الإيرانية، فما الذي أعطي إليهم في مقابل الإفراج عن الرهينتين؟

الأسوأ أنه وحتى مع ممارسة النظام حالياً للقمع الوحشي ضد شعبه، لا تزال إدارة بايدن والموفد الأمركي الخاص إلى إيران روبرت مالي يسعيان إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي القاتل كما يعيدان تطمين الملالي بأن ليس للولايات المتحدة “سياسة لتغيير النظام”.

عقوبات أمريكية وكندية غير منطقية
أضاف بهرامي أن الولايات المتحدة بالكاد فرضت عقوبات غير فعالة على سبعة مسؤولين إيرانيين من بينهم وزير الداخلية أحمد وحيدي ووزير الاتصالات عيسى زارع بور بسبب قطع الإنترنت والقمع الوحشي للتظاهرات السلمية. لقد كان وحيدي على القائمة الحمراء للإنتربول منذ سنة 2007 بسبب مشاركته في تفجير مركز لجمعية يهودية في الأرجنتين سنة 1994. يرى الكاتب أنه ليس من الصعب فهم أن امتلاك وحيدي نية السفر إلى الولايات المتحدة أمر غير مرجح.

ويبدو أن كندا تسير على الطريق نفسه. قال رئيس الحكومة جاستين ترودو إن حكومته تتخذ خطوات لمنع أعضاء من الحرس الثوري من دخول كندا. من الواضح أن كبار أعضاء الحرس لن يسافروا إلى كندا أو يقوموا باستثمارات هناك. وليس مؤكداً كيف سيكون جواب ترودو على الأسئلة بشأن نهجه الناعم تجاه إيران.

استرضاء
تابع بهرامي أن القادة الأوروبيين والبريطانيين لا يزالون يتبعون سياسة استرضاء. حصر الاتحاد الأوروبي نفسه بتحركات رمزية وأصدر بيانات تدين انتهاك النظام الإيراني لحقوق الإنسان. على سبيل المثال، قصت وزيرة الخارجية البلجيكية شعرها تضامناً مع المحتجين الإيرانيين بينما سعت الحكومة البلجيكية إلى إجراء تبادل سجناء مع طهران. وحسب الكاتب، تم الإفراج عن الموظف في السفارة الإيرانية في فيينا أسد الله أسدي الذي أدين بعشرين سنة سجن بسبب تخطيطه لتفجير تجمع كبير لمجموعة إيرانية معارضة في فرنسا سنة 2018.

سؤال عن السلوك الإيراني
بينما لا يريد الغرب محاسبة النظام الإيراني، يبذل الحرس الثوري المصنف على قائمة الإرهاب الأمريكية أقصى جهوده لإعادة فرض القمع مثيراً مخاوف بشأن المزيد من إراقة الدماء في إيران والخارج. ويسأل بهرامي: إذا كانت إيران تعامل مواطنيها بهذه الطريقة، فلم سيتوقع أي أحد أن تعامل الآخرين بطريقة أفضل؟

ويتأسف الكاتب لأن الولايات المتحدة وحلفاءها يواصلون استخدام كل مورد سياسي وديبلوماسي لإحياء الاتفاق النووي الفتاك الذي سيسمح للنظام الإيراني بتخصيب اليورانيوم لامتلاك ترسانة من القنابل النووية والصواريخ الكفيلة بتسليمها خلال بضعة أعوام، وكل ذلك بغية الحفاظ على مصالح الغرب الاقتصادية وإمدادات الطاقة التي تمتلكها الولايات المتحدة بوفرة.

لإنهاء التفاوض
إن إخفاق الرئيس بايدن وفريقه لشؤون السياسة الخارجية في أفغانستان ورسالتهم التمهيدية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن “توغلاً صغيراً” سيكون مسموحاً قوضا أي ردع موثوق لتثبيط بوتين عن غزو أوكرانيا. الآن، يبدو أن سياسات إدارة بايدن تكرر الكوارث نفسها مع إيران. لدعم الشعب الإيراني، ينبغي على البيت الأبيض إعلان أن الاتفاق النووي لن يعاد إحياؤه والإعلان عن إنهاء المفاوضات التي لا تقودها الولايات المتحدة بل روسيا التي عرضت ببطولة الاحتفاظ بـ”فائض” اليورانيوم المخصب لدى إيران كي تتمكن افتراضاً من استخدامه في المستقبل.

الحاجة إلى موفد آخر
وعلى بايدن أيضاً استبدال مالي بشخص يفهم حقد النظام الإيراني لا على شعبه وحسب وإنما أيضاً على دول أخرى في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية. وتحتاج كندا أيضاً إلى تصنيف الحرس الثوري على قائمة الإرهاب كما فعلت الولايات المتحدة سنة 2019 ومحاسبة طهران على إسقاط رحلة الخطوط الجوية الأوكرانية 752. ويقترح الكاتب أيضاً استدعاء البريطانيين والأوروبيين سفراءهم، وأن تفرض حكومة رئيسة وزراء بريطانيا ليز تراس إجراءات عقابية على جيش النظام وقواته الأمنية إضافة إلى تصنيف الحرس الثوري على قائمة الإرهاب خصوصاً أن لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم سبق أن أوصت بذلك.

التعليقات معطلة.