لا تُصلح الكويت ما أفسدته قطر

1

فيصل العساف
من الواضح أن التعامل مع الأزمة القطرية لا يختلف عن الطريقة التي تتعامل بها السعودية مع الفاسدين. فكما أن على الفاسد إعادة الأموال المنهوبة إلى خزانة الدولة، فإن قطر مطالبة بإعادة الأمور إلى نصابها قبل انقلاب الابن على أبيه، وتسنّم رئيس وزرائها الأسبق حمد بن جاسم مقاليد التفكير نيابةً عن القطريين جميعاً، وقبل «الجزيرة» و «الإخوان»، واعتلائهم منبر التحريض، تحضيراً لتحقيق حلم تسلقهم كرسي الزعامة الكبير، على أنقاض عالمنا العربي.
أن تنعقد القمة الخليجية أم لا، فإن ذلك في الواقع لم يعد من بين اهتمامات المواطن الخليجي، الذي ردّد: «خليجنا واحد»، حتى انقطع به الرجاء في ظل تغريد قطر خارج سرب التعاون. ما الفائدة من الاجتماع ما دامت القلوب قد تفرقت؟!
فالمجلــس الـــذي عجــز عــن بلورة التطلعات عندما كانت الأوضاع أفـضـــل، لن يخرج بجديد في ظل مقاطعة بعض أعضــائــه قطر، علــماً بأن «فلاشات» الكاميرات لا تعمّق الصـــداقة ولا تصلح الذي تكسّر، إذ ليس من المعقول أن يتحمل عقلاء الخليج تكاليف المراهقــة السياسية القطرية التي جاوزت حدود الصبر إلى حدود الدم واستقرار الأوطان.
هذه القمة قد تكون الأخيرة، هذه هي الحقيقة التي يفر من مواجهتها الجميع، فشهور المقاطعة لم تُثنِ قطر عن المضي في ممارساتها العدائية تجاه الأطراف المتضررة، بدليل اصطفافاتها الأخيرة التي عمّقت هوّة الخلاف.
قطـــر ليست جادة على الإطلاق في اتخاذ قــــرار العــودة إلى بيت الخليج الكبير، بناءً عليه، فإنه لا يمكن مطالبة الآخرين بعدم مؤاخذتها، فوجود طرف في مجلس ما بحساباته الأحادية الخاصة التي تضر في مجملها ببقية الأعضاء، يعد ضرباً من ضروب المداهنة على حساب الآخرين، إذ لا يتصور تفعيل الاتفاق الأمني الذي يخول أعضاءه مشاركة البيانات الخاصة بالمواطنين، مع طرف آخر يحمل في أعماقه بذور الفتنة والشقاق.
إن الاتحاد الخليجي الذي نادى الراحل الملك عبدالله بتحقيقه، لم يكن ترفاً، وإنمـــا كـــان القشة التي قصــمت ظهـــر التراخـــي عـــن بلوغ مرامات شعوب الخليج، فإما اتحاد يسر الصديق، أو لنحمل هذا المجلس بكل التـــوقير علـــى الأكتاف إلى مثواه الأخير. ماذا حقق المجلس لمواطنيه منذ أول اجتماع سنة ١٩٨١ إلى اليوم؟ إلا أن تم اعتبار السماح بالتنقل بالبطاقة الشخصية بين الدول الأعضاء إنجازاً! حتى هذا لم يتحقق إلا بـــعد أكثر من ٢٥ عاماً من الدراسة وطول النظــــر! مـــاذا عن المصير المشترك؟ هل ينبغي على السعـــودية والإمارات والبحرين فقط دفع فاتـــــورته الباهظة، فيما يقف الآخرون بين التلوّن والحيــاد! في الحقيقة «الشق أكبر بكثير من الرقعة»، ومحاولات الترميم لم تعد تُجــــدي نفعاً، علينا مواجهة الواقع بوضوح بعيـــداً من المجاملات، وبعيداً أيضاً من مناقشـــة الأسباب التي أدت إلى تضاؤل طموح الاتحاد الكبير إلى التطلع نحو اتحاد ثلاثي يضم المخلصين فعلاً لا قولاً. على الدول الثلاث (السعودية والإمارات والبحرين) أن تمضي قدمـــاً فــــي تحقيق التوأمة الاقتصادية والدفاع المشترك، فجميع الظروف مهيأة، والأسباب التي تدفع إلى ذلك ليست خفية، وعلى الذين خارجه مراعاة فارق الإخلاص والتضحيات.

التعليقات معطلة.