شفق نيوز/ أفاد تقرير أمريكي، بأن الولايات المتحدة تنتهج حاليا استراتيجية اكثر استدامة فيما يتعلق بالعقوبات ضد ايران، خصوصا من خلال مشروع قرار “لا للطاقة الايرانية” الذي يستهدف انهاء اعتماد العراق على الغاز الإيراني.
ووصف تقرير لموقع “أويل برايس” الأمريكي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، العراق بأنه “كان دائما بمثابة قناة لتجاوز العقوبات، من خلال استخدام حقول النفط المشتركة، وتزوير الوثائق، وطرق النقل السرية لتبديل هوية النفط الإيراني”، موضحاً أنه برغم تقديم مشروع القانون في الاول من نيسان/ابريل، اي في نفس يوم “كذبة نيسان”، فانه لا يشكل مزحة بالنسبة للاميركيين، بينما لا يجد العراقيون فيه ما يثير الفرح ايضاً.
وأشار تقرير الموقع الأمريكي المتخصص بالشؤون النفطية، إلى تصريح رئيس اللجنة الجمهورية للدراسات النائب اوغست فلوجر، الذي قال فيه إن “هذا التشريع يأتي في سياق حملة الضغط الاقصى التي ينتهجها الرئيس دونالد ترامب ضد ايران”، مضيفاً أن قادة ايران “من اخطر رعاة الارهاب في العالم، والنظام الايراني ليس مجرد تهديد، بل قادته جماعة مهووسة بالموت وارتكاب الابادة”.
وبحسب التقرير، فان التشريع القانوني المقترح يفرض عقوبات قاسية على استيراد الغاز الطبيعي الايراني الى العراق، على الرغم من انه يشكل منذ عقود حجر الاساس لقطاع الطاقة المحلي في البلد، اذ ان الواردات من ايران تمثل حوالي 40% من حاجات العراق من الطاقة.
وتابع التقرير، ان هذا القانون ينضم الى قانون اخر يسمى “قانون الغاء الاعفاءات الايرانية” والهادف الى تجميد اصول ايران الخاضعة للعقوبات بشكل دائم، ومنع اي رئيس اميركي حالي، او مستقبلي، من استخدام صلاحيات الاعفاء لرفع العقوبات.
واشار التقرير، إلى أن ما هو مفاجئ بالنسبة للمراقبين، أن هذه الخطوة الحاسمة تاخرت كل هذا الوقت، حيث تعودت الحكومات العراقية المتعاقبة على “الكذب” على واشنطن فيما يتعلق بنواياها ازاء ايران مقابل المال.
وأوضح أن هذه اللعبة كانت تستهل بسفر الرئيس العراقي مهما كان، الى واشنطن حيث يقول للامريكيين ان العراق سيتوقف عن الاعتماد على ايران في مجال الطاقة الا انه بحاحة الى المزيد من الوقت والى مساعدات مالية للبدء في هذا المسار، والى اعفاءات رئاسية جديدة، ثم بعد حصوله على مليارات الدولارات من الاموال، ونقلها الى العراق من الولايات المتحدة، وتصل الى حسابات في شمال قبرص، ثم بعدها تقوم بغداد بتوقيع اتفاق طويل المدى مع ايران للاستمرار في استيراد نفس الكميات من الغاز والكهرباء.
وتابع التقرير ان المتحدثة السابقة باسم الخارجية الاميركية مورغان اورتاغوس اعلنت بغضب في العام 2020 بعد “توقيع اتفاق لسنتين لاستيراد الغاز والكهرباء من ايران”، فرض عقوبات حادة على 20 كيانا في ايران والعراق، بسبب تمويل “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني.
وأشارت حينها، إلى هذه الكيانات على أنها تستغل اعتماد العراق على ايران في مجال الطاقة لتهريب النفط عبر ميناء ام قصر وتبييض الاموال من خلال شركات وهمية، معربة عن قلق واشنطن من استمرار العراق في تسهيل صادرات النفط والغاز الايراني الى الاسواق العالمية، ما يسمح لطهران بتجاوز العقوبات المفروضة عليها منذ 1979.
وبين التقرير الأمريكي، ان من اهم العوامل التي تجعل العراق مفيدا لايران في هذا الاطار هو ان هناك حقولاً نفطية مشتركة يصعب تحديد الجهة التي يستخرج منها النفط غير الخاضع لعقوبات، ومن بينها حقل ازاديغان الايراني الذي يتشارك مع حقل مجنون العراقي، وكذلك حقل ازار الايراني مع حقل بدرة العراقي، وحقل يادافاران الايراني مع حقل سندباد العراقي وغيرها.
بالاضافة الى ذلك، لفت التقرير الى ان العامل الثاني وهو انه حتى من النفط من خارج الحقول المشتركة، فان البراميل النفطية الخاضعة لعقوبات، يمكن اعادة تغيير هويتها على انها براميل نفط عراقية لا تخضع لاي عقوبات، ثم يتم تصديرها الى الخارج بناء على ذلك، مضيفا انه بالنظر الى موقع العراق الجغرافي يجعله ملائما ليتم نقله بريا الى اوروبا عبر تركيا او عبر البحر الابيض المتوسط.
واشار التقرير الى انه بمجرد وصول هذا النفط الى الموانئ، يجري تزوير وثائق المنشأ لتظهره على انه نفط عراقي وليس إيرانياً، وبالاضافة الى تغيير وثائق المنشأ، فانه يجري ايضا ايقاف نظام التعريف التلقائي في السفن لنقل النفط الايراني حتى يصعب تتبعها.
وبحسب التقرير، فانه من الممارسات الشائعة، يجري نقل النفط في عرض البحر الى ناقلات ترفع اعلام دول مثل ماليزيا واندونيسيا، مذكرا بان وزير الخارجية الايراني السابق محمد جواد ظريف تباهى اما منتدى الدوحة في العام 2018 بانه “اذا كان هناك فن اتقنته ايران، ويمكنها تعليمه للغير مقابل المال، فهو فن التهرب من العقوبات”.
وخلص التقرير الأمريكي، إلى القول إنه اذا كان العراق الاداة الرئيسية في هذا “الفن”، فان التشريعات الاميركية الجديدة قد “تمثل نقطة تحول” في مساعي واشنطن لاعادة بسط نفوذها في قلب الشرق الاوسط على حساب الصين، مضيفا انه برغم العقوبات السابقة، فان الصين ظلت توسع نفوذها في قطاع النفط العراقي، حيث تدير شركاتها اكثر من ثلث احتياطات النفط والغاز، وتنتج قرابة 3 ملايين برميل يوميا.
وختم تقرير “أويل برايس” بالإشارة إلى أن العقوبات التي فرضت على بغداد كانت مجزأة ومتقطعة، بدلا من أن تكون متماسكة ومستدامة كما تشير الخطط الامريكية الحالية، إذ أوضحت أن الأشهر الاخيرة شهدت اختراقا اميركيا، مع صفقات كبرى مثل صفقة “توتال” بقيمة 27 مليار دولار، وصفقات “بي بي” في الشمال بقيمة 25 مليار دولار، في حين ان بغداد استعانت بشركة “شلمبرجير” الاميركية لتطوير حقل عكاز الغازي، وهو الاكبر في العراق، ويشكل جزءا من مثلث غازي استراتيجي في جنوب العراق يمتد من المنصورية قرب الحدود مع ايران، وصولا الى حقل سيبة القريب جدا من مقر التصدير الرئيسي في البصرة، ثم نحو الغرب في حقل عكاز بالقرب من الحدود السورية.