الحريري يتمسك بتحجيم حزب الله سبيلا لتحقيق استقرار حقيقي ويضع لبنان على منعطف حساس مرتبط مباشرة بكيان الدولة.
الحريري يريد نأيا حقيقيا بالنفس
بيروت – أثار تجاوب رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري مع طلب رئيس الجمهورية ميشال عون بشأن التريث في تأكيد استقالته ثم اعلانه السبت من بيروت عن رفض تدخلات حزب الله في شؤون دول عربية، توقعات بحدوث “تسوية عميقة ومخرج يرضي الجميع” في لبنان.
والأربعاء الماضي أعلن الحريري أنه سيتريث في تقديم استقالته من منصبه رئيسا للحكومة، بعد أن أعلنها مؤخرا من العاصمة السعودية الرياض وذلك تجاوبا مع طلب عون لإعطاء الفرصة أمام مزيد من التشاور.
خطوة الحريري طرحت سؤالا حول ما إذا أصبحت الكرة في ملعب رئيس الجمهورية ليقرر مع حزب الله حليف إيران والمتهم بالتورط في الصراعات التي تشهدها سوريا والعراق واليمن وغيرها من البلدان العربية كيفية الالتزام بـ”النأي بالنفس قولاً وعملاً”.
وقال الحريري السبت إنه لن يقبل بمواقف جماعة حزب الله اللبنانية “التي تمس بأشقائنا العرب أو تستهدف أمن واستقرار دولهم”، وذلك في بيان نشره المكتب الصحفي للحريري لكنه لم يوضح الدول التي يعنيها.
واضاف إن قراره بالانتظار بدلا من الاستقالة رسميا يهدف إلى إفساح المجال أمام النقاش والنظر في المطالب التي ستجعل لبنان محايدا وتسمح بتطبيق سياسة “النأي بالنفس”.
النائب السابق سليم عون والقيادي في “تيار الوطني الحر” الذي تزعمه الرئيس عون قبل وصوله إلى سدة الرئاسة، رفض أن تكون الكرة في ملعب رئيس الجمهورية.
وقال إن “هناك صلاحيات موزعة على الرؤساء الثلاثة (الجمهورية والنواب والحكومة) خصوصا حين يمر البلد بأزمة، فعلى الجميع تحمل مسؤولياته”.
وإذ شدد على أن الكرة في ملعب جميع مكونات الشعب، أكد سليم عون على أن الدور الأول يكون لرئيس الجمهورية.
ورداً على سؤال حول قدرة رئيس الجمهورية في الضغط على حزب الله للالتزام بمبدأ النأي بالنفس اعتبر أن الجميع يلعب الدور المناط به لكن عون يستطيع أن يلعب دوراً إيجابياً لإيجاد حلول و”كلنا ثقة به”.
و”النأي بالنفس” سياسة أقرتها طاولة الحوار للقوى السياسية اللبنانية في 2012 عقب اندلاع الحرب السورية في مارس/آذار 2011 وتتمثل في تحييد لبنان عن جميع الصراعات الإقليمية.
لكن حزب الله التابع لايران يشارك في الحرب منذ بداياتها دعما لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
واعتبر سليم عون أن “رئيس الحكومة أصبحت لديه الخبرة والقوة الشعبية والقناعة الكافية للخروج من الأزمة. كذلك الأمر يسري على رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله، والاثنان لديهما النية والقدرة من أجل تسهيل الأمور للوصول إلى حل”.
وأعرب عن ثقته بإيجاد حل أو مخرج يرضي الجميع خصوصاً أن جميع الفرقاء في البلد رحبوا بتريث الحريري في الاستقالة الذي لاقى أثرا إيجابيا على الوضع الاقتصادي أيضا.
وأضاف النائب سليم “رغم أننا اعتقدنا أن الحريري سيقدم استقالته (وتريّث) فنحن اليوم أقرب إلى مخرج يرضي الجميع”.
خطوة حكيمة
أما كتلة المستقبل النيابية وأعضاء المكتب السياسي والتنفيذي في تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري فعقدوا اجتماعا برئاسته واعتبروا خطوته “حكيمة” لأجل المزيد من التشاور حول الأسباب والخلفيات وإعادة الاعتبار لمفهوم النأي بالنفس.
وقال راشد فايد عضو المكتب السياسي للتيار الذي شارك بالاجتماع إن التريث في الإستقالة أدى إلى ارتياح عام وأنعش السوق الاقتصادي والمالي في لبنان وأبعد الشعور بالضياع.
وأشار فايد بحسب وكالة أنباء الأناضول التركية، إلى أن التريث سيسمح بإعادة تجديد مضمون التسوية السياسية التي استغلها حزب الله ليمضي قدما في توجهاته”.
وأوضح أن “التريث هو فترة سماح محدودة في الزمان لأسبوعين أو أكثر تتيح لكل الفرقاء أن يتفاهموا”.
وقال فايد ايضا “الأمر متروك لرئيس الجمهورية الذي لن يعقد طاولة مستديرة أو حوار، بل سيجري محادثات ثنائية مع الفرقاء الآخرين كل على حدة ليستخلص منهم نقاطا مشتركة تؤدي إلى تفاهم يطور التسوية باتجاه الاستقرار الأعمق والأفضل”.
وشكك فايد في قدرة رئيس الجمهورية على انتزاع أي تنازل من حزب الله لا يريده. ورأى أن التصريحات المتكررة للأمين العام لحزب الله حسن نصرالله حول إنجاز مهمة مقاتليه في العراق وسوريا هو تمهيد للقول إنه سيسحب قواته من هناك ويعيد الأمر إلى رئيس الجمهورية.
أما بالنسبة لليمن فلاحظ فايد أن نصرالله تدرج من القول إن دوره في اليمن ليس موضوع نقاش إلى نكران أي دور له هناك ثم اعترافه بأنه أرسل مدربين أو خبراء إلى اليمن.
وكانت كتلة حزب الله النيابية أشادت بعودة الحريري إلى البلاد وبالتصريحات الإيجابية التي صدرت عنه ورأت أن المسار الايجابي للمشاورات يبشر بإمكانية عودة الأمور في لبنان إلى طبيعتها.
وفي 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري أعلن الحريري استقالته في كلمة متلفزة من السعودية وأرجع الاستقالة من الحكومة التي تشارك فيها جماعة حزب الله إلى “مساعي إيران لخطف لبنان وفرض الوصاية عليه بعد تمكن حزب الله من فرض أمر واقع”.