في إطار تصاعد الضغوط الأمريكية والإسرائيلية على لبنان، يحمل كلام الموفد الأمريكي توماس باراك تهديداً مبطناً إلى لبنان، بأن إسرائيل «قد تتصرف بشكل أحادي، وستكون العواقب وخيمة إذا استمرت بيروت في التردد في نزع سلاح حزب الله».
هذا التهديد الذي أطلقه باراك عبر منصة (إكس)، يعني أن الولايات المتحدة لا ترى مانعاً في قيام إسرائيل بعمل عسكري واسع ضد لبنان، معتبراً أن «نزع سلاح حزب الله بالنسبة لإسرائيل، يعني تأمين حدودها الشمالية»، وقد ترافق هذا التهديد مع سلسلة غارات جوية قامت بها إسرائيل مؤخراً، استهدفت مواقع مدنية بزعم أنها بنية تحتية لحزب الله، فيما بدأ الجيش الإسرائيلي يوم الأحد الماضي أوسع مناورة عسكرية له منذ هجوم السابع من أكتوبر(تشرين الأول) 2023، بمشاركة الفرقة 91 التابعة للقيادة الشمالية على طول الحدود مع لبنان، لاختبار قدراته الهجومية والدفاعية في مواجهة أي تصعيد محتمل مع حزب الله، وفق صحيفة «معاريف».
من الواضح أن الولايات المتحدة ومعها إسرائيل تريان أن خطة الإخضاع تستوجب حرباً جديدة، طالما أن هناك من لا يزال يرفض الامتثال للشروط الإسرائيلية، ولخطة السلام التي يريدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من خلال مطالبة واشنطن بنزع سلاح حزب الله، من دون أن تلتزم إسرائيل بتنفيذ القرار 1701، أو باتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 27 نوفمبر(تشرين الثاني) 2024، والذي ينص على انسحاب إسرائيل من خمسة مواقع داخل الأراضي اللبنانية ووقف أعمالها العدائية، على أن تضمن الولايات المتحدة وفرنسا تنفيذ الاتفاق في إطار ما يسمى «آلية الميكانيزم».
ترفض إسرائيل الالتزام بالقرار الدولي وبقرار وقف إطلاق النار، ولم يلتزم الطرفان الأمريكي والفرنسي بالتنفيذ وممارسة الضغوط على إسرائيل. ويبدو أن أحداً غير قادر على تقديم أجوبة مؤكدة في ظل انعدام أية تطمينات خارجية على حشر لبنان في زاوية، تضطره إلى القبول بما يُفرض عليه أو مواجهة «الجحيم» على غرار ما حدث في غزة.
وكان لافتاً أن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري تعمد حسم التأويلات بشأن المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بشأن الحدود البرية، التي كان لبنان وافق عليها، مؤكداً أن إسرائيل رفضت التفاوض، كما أنها «رفضت مبادرة أمريكية كانت تقضي بوقف مؤقت للعمليات، تمهيداً لانسحاب وترتيبات أمنية». وقد لوحظ أن إسرائيل تعمدت توسيع عمل طيرانها الاستطلاعي، إذ واصلت نحو خمس طائرات، التحليق حتى ليل أمس فوق بيروت والضاحية الجنوبية والقصر الجمهوري، فيما اعتبر ذلك رسالة تهديد جديدة.
لقد سبق للرئيس اللبناني جوزيف عون أن أعلن موافقة بيروت على مبدأ التفاوض غير المباشر حول الحدود البرية، كما حصل بالنسبة إلى الحدود البحرية في السابق، لكن يبدو أن المشكلة التي يواجهها لبنان، تكمن في الموقف الإسرائيلي المدعوم أمريكياً، والذي يفرض على لبنان صيغة واحدة للتفاوض المباشر وفق شروط إسرائيل، باعتبارها الطرف المنتصر في الحرب، أو مواجهة ضغوط سياسية واقتصادية ومالية وربما عسكرية، إضافة إلى الامتناع عن تقديم أي دعم بخصوص إعادة الإعمار. لعل كل ذلك يؤدي إلى دفع لبنان باتجاه خيار التطبيع مع إسرائيل في إطار خطة ترامب الجديدة.
لبنان بين المطرقة والسندان

التعليقات معطلة.
