لبنان على خط التهديدات الإسرائيلية.. والمقاومة تواجه

1

 
 
بقلم : سركيس أبوزيد
 
مجدداً، “إسرائيل” مرتابة وقلقة من تنامي قوة حزب الله، وتنظر المؤسسة الأمنية إلى “التهديد من لبنان” على أنه التهديد الأخطر على أمنها، وتحدث ضباط عن حزب الله بصفته تهديداً آنياً مباشراً لأنه يمتلك قدرات عسكرية، من بينها الصواريخ، التي تمكنه من ضرب آبار الغاز في المياه الاقتصادية الإسرائيلية”.
 
كذلك، لفت”معهد دراسات الأمن القومي” في تقريره الأخير في شأن التهديدات التي تواجهها “إسرائيل” ما وصفه بـ”حرب الشمال الأولى في مواجهة سوريا وحزب الله وإيران، هو التهديد الأول المتربص بـ”إسرائيل”. إذ تعتبر تل أبيب أن سوريا ولبنان جبهة واحدة.
 
هذا القلق المتنامي لم تخفه “إسرائيل” عن موسكو، حيث كُشف النقاب مؤخراً عن وصول وفد أمني روسي رفيع المستوى من روسيا إلى الكيان للتباحث حول التنسيق الأمني بين البلدين في سوريا وموضوع المصانع الإيرانية في لبنان. تزامن ذلك مع تصريح وزير الحرب أفيغدور ليبرمان “إننا نعرف أين يقوم مصنع الصواريخ الإيراني وما هي الجهات الضالعة في إقامته”.
 
بينما كان رئيس “البيت اليهودي” الوزير نفتالي بينت أشد فظاظة في تهديداته، وقال خلال اجتماع كتلته البرلمانية: “إذا واصل حزب الله وإيران إقامة مصانع الصواريخ على أراضي لبنان، فإنهم سيجلبون كارثة على لبنان وسكانه، فبالنسبة إلى “إسرائيل” فإن حزب الله يعني لبنان، ويجب على سكان لبنان الفهم أن الأمر لن ينتهي هذه المرة في الضاحية، وإنما أبعد من ذلك بكثير، ولذلك يجب عليهم مراجعة حساباتهم”.
 
والسؤال المطروح إزاء كل هذه التطورات، يدور حول ما إذا كانت “إسرائيل”، على حد ما سأل الصحافي الإسرائيلي أليكس فيشمان، تقترب من الذهاب الى حرب اختيارية ضد لبنان، وذلك على جبهتي الغاز والتموضع الإيراني البالستي فيه، بحسب ادّعائها.
 
وضمن هذا الطرح تبرِز “إسرائيل” عامل امتلاك حزب الله صواريخ أرض – بحر التي استخدم عيّنة منها بنجاح في حرب تموز 2006، كأحد الأمور التي تحتاج الى ضمان مستعجل في شأنه. من هذه الخيارات، مقايضة تفاهمها مع موسكو حول تصدير الغاز الإسرائيلي الى أوروبا، بتدخل موسكو للحصول على ضمانات بأن أمن حقل “لفيتان” ومنصة التنقيب خاصته في حيفا لن تتعرّض لتهديد صواريخ حزب الله.
 
نتنياهو يتسلّق شجرة الحرب على لبنان، ويحاول أن يفاوض موسكو من فوقها، ومؤخراً عقد المجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر للحكومة الإسرائيلية، اجتماعا له بحضور القيادات العسكرية والاستخبارية، وتطرق الاجتماع إلى الخلافات مع لبنان حول مناطق التنقيب عن الغاز والنفط. كما ناقشوا ما تسميه إسرائيل “الخطر الإيراني الناجم عن ترسيخ الوجود العسكري لإيران في سوريا وجنوب لبنان”.
 
هذا القلق تتشارك به “إسرائيل” والولايات المتحدة، وبناء عليه ستجري تدريبات أميركية – إسرائيلية مشتركة تحاكي العمل في الدفاع المشترك عن “إسرائيل” في حال تعرضها لحرب شاملة على عدة جبهات موازية في إطار برنامج التدريبات العسكرية الإسرائيلية الأميركية المشتركة “جونيبر كوبرا”.
 
تزامن ذلك مع إطلاق وزراء صهاينة في الأيام الأخيرة تهديداتهم، في مقدمتهم أفيغدور ليبرمان، الذي هدد باجتياح بري للبنان في الحرب المقبلة، وقال في كلمته في المؤتمر السنوي لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: “لن نرى صورا مثل الحرب الثانية على لبنان، حيث كان سكان بيروت على البحر وسكان تل أبيب في الملاجئ، وإذا دخل السكان في إسرائيل إلى الملاجئ، فإنه في الحرب المقبلة ستكون كل بيروت في الملاجئ”.
 
وعلى وقع مسلسل رسائل التهديدات الإسرائيلية للبنان ورد حزب الله عليها، وصل مؤخراً نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي السفير ديفيد ساترفيلد الى بيروت ليجري اتصالات تتعلق بشكل أساسي بالوضع على الحدود الجنوبية وبالبلوك النفطي رقم 9. وفي مقابل ذلك، كان للبنان تحرك دولي جدّي وفاعل عبر الأمم المتحدة والولايات المتحدة لحماية حقوقه من الأطماع الإسرائيلية في البلوكات الثلاثة، والتي هي من ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة الخاضعة للسيادة اللبنانية.
 
باختصار، الموقف الأمريكي من لبنان جاء من أجل خفض التوتر بين “إسرائيل” ولبنان، في موضوع الحدود البحرية، كما ان واشنطن مستعدة للقيام بوساطة بين لبنان و”إسرائيل” التي تراجعت عن تهديدها بضم البلوك 9، ووافقت على حوار وتفاهم مقابل أن يتراجع لبنان عن رفع شكوى الى مجلس الأمن.
 
أما موضوع الجدار الحدودي يبدو أكثر تعقيدا، بعدما أخذت واشنطن علما بالموقف اللبناني الموحد بالتصدي لعملية بناء الجدار الإسرائيلي، الأمر الذي يوفر غطاء رسميا وشرعيا لحزب الله في أي حرب جديدة قد يشنها العدو، في حين تعتبر “إسرائيل” الجدار ضرورة أمنية لحماية المستوطنات الشمالية من أي هجوم محتمل من جانب حزب الله.. وبالتالي، فإن واشنطن تبدو متفهمة وداعمة للمشروع الإسرائيلي، وبدل أن تلبي الطلب اللبناني، فإنها تحذر لبنان من أي انزلاق الى استخدام وسائل عسكرية لإيقاف بناء الجدار.
 
ضمن هذه الظروف جاء القرار السوري بالتصدي للعدوان الاسرائيلي واسقاط طائرة للعدو مما ادخل المنطقة في توازن استراتيجي جديد لصالح محور المقاومة في مواجهة التهديدات الصهيونية.

التعليقات معطلة.