بقلم : جهاد حيدر
ينطوي الكشف عن اللجان الاميركية الإسرائيلية المشتركة لتخطيط جهودهما ضد الجمهورية الإسلامية في إيران وحزب الله، على أكثر من رسالة تتصل بالواقع الاقليمي الذي تبلور بعد انتصارات محور المقاومة، وما يعده الطرفان الاميركي والإسرائيلي للمنطقة.
تبلورت معالم هذا المخطط خلال اجتماع عقد في واشنطن، الشهر الماضي، بين مستشار الامن القومي الإسرائيلي، “مائير بن شبات”، ونظيره الاميركي “هربارت ماكماستر”، بمشاركة ممثلين عن جميع الاجهزة الامنية الإسرائيلية والاميركية، إضافة إلى مسؤولين كبار في البيت الابيض. وبحسب القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، تشكلت اربعة لجان مشتركة لكل منها مهمتها المحددة، والموزعة على البرنامج النووي الايراني، وكبح النفوذ الايراني ومواجهة حزب الله ومشروع الصواريخ الباليستية والدقيقة، إضافة إلى الاستعداد لحالات التصعيد في المنطقة.
تم خلال الاجتماع بلورة خطط عمل لمواجهة حزب الله في لبنان، وايران في المنطقة. وعلى هذه الخلفية تمت بلورة وثيقة تفاهمات مشتركة، حددت الاهداف الاستراتيجية وخطط العمل. ولهذه الغاية، تم تشكيل أربع لجان مشتركة لكل منها اختصاص مُحدَّد.
اللجنة الاولى، مهمتها البرنامج النووي الايراني وكيفية القيام بنشاطات سرية ضده اضافة إلى ما يتعلق بالرقابة.
تتمحور مهمة اللجنة الثانية حول كبح النشاطات الايرانية في المنطقة وخاصة في سوريا، اضافة إلى مواجهة حزب الله في لبنان، ودراسة طرق مختلفة لتحقيق هذه المهمة. اضافة إلى دراسة كيفية مواجهة الدعم الايراني لكل من حزب الله والجهاد الاسلامي وحماس.
اللجنة الثالثة، مهمتها مواجهة الصواريخ الباليستية الإيرانية ومنظومة صواريخها الدقيقة، والمحاولات الإيرانية لتزويد حزب الله بالصواريخ الدقيقة وانشاء مصانع لانتاج صواريخ من هذا النوع في سوريا ولبنان.
أما اللجنة الرابعة، فستعمل على الاستعدادات المشتركة لسيناريوهات التصعيد في المنطقة تكون فيها ايران متورطة، مع التشديد على مواجهة حزب الله.
يجسد تشكيل هذه اللجان المشتركة المحدَّدة، وفي هذه المرحلة بالذات، قرارا استراتيجيا صادراً عن الجهات السياسية العليا لدى الطرفين. استند هذا القرار إلى تقديرات ومشاورات مشتركة استمرت طوال المرحلة الماضية، ويهدف إلى مواجهة مفاعيل الانتصارات التي حققها محور المقاومة.
منذ فشل الرهانات الاميركية والإسرائيلية، في سوريا والعراق، والحسم العسكري مع “دولة داعش” وانسداد الافاق أمام الجماعات الارهابية والتكفيرية على الساحة السورية، أدركت تل ابيب وواشنطن حجم التهديدات المتعاظمة المحدقة بالامن القومي الإسرائيلي وبالمصالح الاميركية في المنطقة. وأدرك معها القادة السياسيون والامنيون في الكيان الإسرائيلي محدودية خياراتهم العملانية، على إحداث تغيير جذري في المعادلة الاقليمية، انطلاقا من أن حجم التحدي يتجاوز قدرات “إسرائيل”.
هذا الواقع دفع “إسرائيل” لتكثيف الاتصالات والمشاورات مع واشنطن، وتمثل ذلك بسلسلة زيارات للعديد من المسؤولين الامنيين الإسرائيليين إلى واشنطن، (وربما حصل ايضا العديد من الزيارات السرية)، تمحورت مباحثاتهم مع نظرائهم الاميركيين، حول التهديدات المتعاظمة في أعقاب انتصارات محور المقاومة في سوريا. ويكشف التدقيق في مهام اللجان أن توزيعها تمحور على أساس التهديدات التي شخصها الطرفان. وهي البرنامج النووي الايراني، وحزب الله، والتهديد الصاروخي، والنفوذ الايراني في المنطقة.
الرسالة الأهم في تشكيل اللجان المشتركة، بين تل ابيب وواشنطن، أنها تنطوي على إقرار إسرائيلي بأن هامشها في المبادرة والردود ضيقة بمعزل عن توجهات الادارة الاميركية.
وأنها تأتي تمهيداً لبلورة خيارات مشتركة في مواجهة المخاطر المحدقة، التي أجملها ترامب في وثيقته للأمن القومي، بالسعي لتحقيق التوازن الاقليمي في مواجهة محور المقاومة.