{لعراق لا يحتمل أربع سنوات أخرى تحت حكم الديمقراطيين في البيت الأبيض}

15

 

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، يراقب العالم العربي بقلق تطورات الساحة السياسية في واشنطن. بالنسبة للعراق، ودول المنطقة، فإن استمرار الحزب الديمقراطي في البيت الأبيض يعني تواصل السياسات التي يرون أنها أثرت سلبًا على استقرارهم وأمنهم. بعد سنوات من التدخلات العسكرية والسياسية التي بدأتها الإدارات الجمهورية، تبنى الديمقراطيون، بقيادة الرئيس جو بايدن، نهجًا يعتمد على الدبلوماسية وضبط النفس، وهو ما أدى إلى بروز دول وقوى إقليمية كإيران بشكل مقلق للكثير من العرب.

في العراق، يتذكر الشعب جيدًا التداعيات التي أعقبت غزو 2003 والإطاحة بنظام صدام حسين، وهي فترة أحدثت تغييرات جذرية في البلاد. لكن السنوات الأخيرة، خاصة مع سيطرة الحزب الديمقراطي على الرئاسة، شهدت تصاعدًا في النفوذ الإيراني والفصائل المسلحة المرتبطة بها داخل العراق، وهو ما أدى إلى مزيد من الفوضى وتقويض السيادة الوطنية. يرى العديد من العراقيين أن الديمقراطيين، من خلال سياساتهم التصالحية تجاه إيران، سمحوا لها بتوسيع نفوذها في المنطقة على حساب استقرار العراق.

التأثيرات لم تقتصر على العراق وحده، بل شملت دولًا عربية أخرى مثل سوريا ولبنان واليمن، حيث أفضت السياسة الأمريكية المترددة إلى تفاقم الأزمات الداخلية وتوسيع دور القوى الإقليمية. الإدارة الديمقراطية الحالية، رغم تجنبها للتدخل العسكري المباشر، فشلت في تقديم حلول دبلوماسية قوية أو فرض ضغوط حقيقية على الأطراف المتنازعة، وهو ما أدى إلى استمرار الأزمات دون أفق واضح للحل.

ومع تصاعد الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، خاصة بعد الأحداث الأخيرة في غزة والضفة الغربية، يبدو أن هناك تباعدًا متزايدًا بين مواقف واشنطن والدول العربية. إسرائيل، حليفة واشنطن، تسعى إلى إعادة ترتيب المعادلة الإقليمية بما يخدم مصالحها الأمنية على المدى الطويل، وهو ما دفعها إلى تقارب غير مسبوق مع بعض الدول العربية من خلال اتفاقيات السلام. ورغم دعم الولايات المتحدة لهذه الاتفاقيات، إلا أن سياستها تجاه إيران تظل حجر عثرة في تحقيق استقرار شامل في المنطقة.

إذا استمرت الإدارة الديمقراطية في البيت الأبيض لأربع سنوات أخرى، يخشى العديد من المراقبين أن تعمق هذه السياسات الأزمات في المنطقة. العراق، الذي يعاني من ضعف مؤسسات الدولة وتفشي الفساد وتنامي نفوذ الفصائل، قد يجد نفسه في موقف أصعب بكثير إذا لم تتغير المعادلة الإقليمية. دول الخليج، التي تسعى إلى حماية أمنها واستقرارها من التهديد الإيراني، قد تشعر بمزيد من القلق إزاء استمرار التوجهات الديمقراطية.

بالمقابل، يُنظر إلى الإدارة الجمهورية المحتملة كفرصة لتغيير الديناميات. الجمهور الجمهوري يميل إلى اتخاذ مواقف أكثر تشددًا تجاه إيران، وهو ما قد يساهم في تقويض نفوذها في العراق والمنطقة. هذه الرؤية تجد دعمًا كبيرًا في الأوساط العراقية والخليجية، حيث يرون أن النهج الديمقراطي القائم على الحوار والدبلوماسية لم يثمر عن النتائج المرجوة.

ان العالم العربي، والعراق على وجه التحديد، يقف عند مفترق طرق حاسم. استمرار الحزب الديمقراطي في الحكم قد يعني تواصل السياسات التي يرون أنها أضرت بمصالحهم الوطنية والإقليمية، في حين أن وصول الجمهوريين إلى البيت الأبيض قد يفتح الباب أمام تحول استراتيجي يعيد ترتيب الأوضاع في المنطقة بشكل أكثر استقرارًا. بالنسبة للعراق، الأربع سنوات القادمة ستكون حاسمة في تحديد مصيره.

التعليقات معطلة.