هيفاء صفوق
تدور في أذهاننا أفكار عدة ما بين الإيجابي والسلبي، تؤثر في مجريات حياتنا من دون أن نشعر، وغالباً خلفها الخوف، والخوف له أوجه وصور وطرق عدة، ويستطيع أن يقتحم عالمنا بهدوء وسلاسة من دون أن نشعر، وخصوصاً إن كنا غير واعين لحقيقة مصدره.
لا بد أن ندرك حقيقة التغيير الذي يطال كل شيء في الحياة، فهذه سمتها لا ثبات في ذلك، بل هي حالة متغيرة ومتجددة على فترات زمنية مختلفة، سواء أكانت للمجتمعات أم للأفراد أم للظروف، كل شيء في الوجود حركي يتغير ويتطور، حتى فصول السنة، والليل والنهار، والخلايا التي تحملها أجسادنا في حركة دائمة ومستمرة توقفها يعني الموت، فجميع ما في الكون في حالة ارتفاع وانخفاض، ضعف وقوة، ذهاب وإياب، كل شيء يخضع لقانون الحركة والديمومة، إذ إن كل شيء متحرك ومتغير.
كما أن أهدافنا وحياتنا وعلاقاتنا ومفاهيمنا متغيرة ومتجددة ومتطورة، وعندما تصاب بالروتين أو التوقف يعني أنها جامدة متوقفة لا روح فيها، وهذا عكس التطور والإبداع والاكتشاف التي هي أدوات بناء الإنسان.
عندما نتأمل الإنسان نفسه فهو مرّ بمراحل عدة، من الطفولة إلى الشباب إلى الكهولة، يتغير ويتطور ثم يفنى، والحياة تضم البداية والنهاية، وما بينهما الأحداث والمواقف والأفراد وعدد كبير من التغيرات، هذه التغيرات تحدث ربكة واضطراباً للإنسان، إن لم يكن واعياً لها فسيقع في براثن الخوف، على رغم أن الخوف من خلاله يتعلم الإنسان الحذر والبناء فلن يخضع له، بل سيتحلى بالشجاعة لكي يتكيف ويبني بيئة جيدة يستطيع أن يعيش فيها ويشبع كل حاجاته الأساسية. الخطورة إذا سيطر الخوف على الإنسان تحول إلى وحش ومارد يهدده بالتشاؤم والهلع والإحباط.
من يشاهد في عصرنا الحالي التغيرات المهمة على مستوى العالم، إن كانت تغيرات اقتصادية بعد أزمات عالمية عدة، أو تغيرات في مواقف سياسية، أو تغيرات اجتماعية وثقافية، يدرك طبيعة الحياة المتغيرة، وأيضاً يدرك قدرة الإنسان على تخطي أغلب الأزمات إن كان واعياً لذلك، ومن يشاهد المجتمعات وحركتها وتنوع الثقافات، يدرك أن التغير لا بد أن يحدث لأنه سنة كونية، ولو نقرب الصورة أكثر قبل خمس سنوات سنجدها مختلفة عن اليوم في كل شيء، على مستوى الأفراد أو المجتمعات في المستوى الفكري والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والتعليمي والمهني، كل شيء سنجد أنه متغير، وربما هذا التغير بالسالب أو الموجب، وهنا يعود إلى مستوى الوعي واختيارات الإنسان في الحياة.
الوعي هو المطلب، كيف نتعامل مع هذه التغيرات بحيادية وموضوعية وجدية أيضاً؟ أولاً: لا بد أن يكون الاعتقاد الداخلي للفرد بالإيجابية والتفاؤل والتوكل على الله، لأن صحة الاعتقاد الإيجابي تؤثر كثيراً في نوعية الأفكار الإيجابية والسلبية، وتؤثر في صحة القرارات التي نتخذها في حياتنا، فإن كان الاعتقاد قوياً وإيجابياً فستكون نتائجه حتماً إيجابية على رغم الظروف والمتغيرات، لأن الإنسان يمتلك القدرة والعقل والإرادة في تخطي أي عوائق أو عقبات، أما إذا كان الاعتقاد المتشائم والخائف هو المصدر، فإن كل ما يعمله الفرد سيكون مربكاً وسلبياً على حياته وعلى حياة الآخرين.
ثانياً: تحمل المسؤولية والقيام بأدوارنا على محمل الجد، سواء أكان في الحياة المهنية أم الاقتصادية، فكل فرد له دور مع نفسه وبيئته ومجتمعه.
ثالثاً: عدم الدخول في موجة التهويل وبث الأفكار السلبية. ماذا يستفيد الفرد من ذلك؟ سيضيع جهده ووقته، بدلاً من ذلك عليه أن يخطط ويعمل ويرتب أولوياته، ويحسن التصرف في كيفية أن يدير أمور حياته بهدوء ووعي ونفس مطمئنة.
رابعاً: الخوف غير الواعي مدمر للفرد، يجعله أسيراً لكل فكرة سلبية ومتشائمة تطرأ على باله، بعكس حالة التوكل على الله، وحالة التفاؤل التي تجعل الفرد يفكر بطريقة إيجابية تنعكس على صحته النفسية والمعنوية، والتي بدورها تنعكس على حياته العائلية والاجتماعية وأيضاً المجتمعية، ومن هنا يحصد القوة الحقيقية في مواكبة ظروف وتغيرات الحياة.
خامساً: الانتباه بعدم الخوض والدخول مع الأفراد المحبطين الذين لا يجيدون غير ترويج الهلع والخوف في نفوس الآخرين، وهذا الجهل بعينه، لأننا ندرك أهمية الاستقرار النفسي والاجتماعي على الفرد، إذ إنه من دونهما سيدخل دائرة الإحباط وعدم القدرة على ترتيب حياته، وهذا يجعلنا نسأل؛ ماذا يستفيد؟
سادساً: طبيعة الحياة متغيرة، على مستوى المجتمعات وعلى مستوى ظروف الأفراد أنفسهم، ومن يمتلك أدوات الوعي والمفاهيم الصحيحة في الحياة فهو يستطيع أن يتعامل مع أي ظرف.