على الرغم من تكبد ألمانيا خسائر فادحة في محاولة غزوها لبريطانيا وفي معارك شمال إفريقيا عام 1941، إلا أن معركة موسكو هي التي وضعت حدا لآلة الحرب النازية، مرة وإلى الأبد.
وتكتسب معركة موسكو أهميتها التاريخية والجيوسياسية لعدة عوامل، أهمها:
– نجاعة خطة الدفاع عن المدينة، على الرغم من تفوق عدد الجنود الألمان المهاجمين على عدد السوفيت المدافعين، حيث كان عدد الألمان مليوني جندي، بينما وصل عدد الجنود السوفيت المشاركين في معركة موسكو، قرابة 1.4 مليون فقط، إذ اعتمد الأخيرون على خطط فذة للدفاع عن موسكو، شملت المناورات السريعة وتقنيات حرب العصابات الخاطفة.
– قصف برلين ردا على قصف موسكو: عندما هاجم الألمان موسكو جوا، عام 1941، قام السوفيت بالرد سريعا وقصفوا برلين بالقاذفات، ما شكل ضغطا عسكريا وشعبيا إضافيا على النازيين في عقر دارهم، كما ساهم الرد الانتقامي في تعزيز معنويات الجيوش المدافعة عن العاصمة السوفيتية آنذاك.
– الشتاء الروسي القاسي: حل الشتاء الروسي خلال أوج زحف الألمان على موسكو، العامل الطبيعي الذي فاجأ الألمان وأخر وصول الإمدادات إلى الجبهة الشرقية، ناهيك عن إنهاك الطقس لمئات آلاف الجنود غير المعتادين على قساوة شتاء كالتي أتت عام 1941.
كما منح عامل الطقس وقتا إضافيا للجيش السوفيتي لتحصين دفاعات المدينة وتوجيه ضربات موجعة للجيش النازي، الذي تباطأت حركته في الشتاء.
إقرأ المزيد
سجن “بوتيركا” التاريخي في موسكوإغلاق سجن عمره 200 عام وسط موسكو
– وصول جيوش سيبيريا إلى العاصمة: مع احتدام معركة موسكو بين الطرفين، قامت القيادة السوفيتية مضطرة باستدعاء عشرات آلاف الجنود المرابطين على الحدود مع مقاطعة منشوريا الصينية (كانت قد احتلتها اليابان)، وذلك بعد التأكد تماما من أن اليابان لا تخطط لمهاجمة الاتحاد السوفيتي، إثر عملية استخبارية استثنائية.
وبالتالي، شكل وصول تشكيلات عسكرية جديدة تطورا هاما في الحرب، عزز معنويات المرابطين حول موسكو، ومهد لأول هجوم سوفيتي مضاد، وأضاف تحديا آخر للجيش الألماني الذي طالما اشتهر بنجاعته بالحرب الخاطفة، إلى أن وصل موسكو وتغير مسار الحرب بالكامل.