تنظيمات الإسلام السياسي ملتزمة عدم الدخول في مواجهات حقيقية مع إسرائيل وتتبنى خطاباً إعلامياً واحداً و”داعش” سيلجأ إلى نمط “الذئاب المنفردة” مجدداً
طارق فهمي كاتب وأكاديمي
الأحد 24 مارس 2024 17:25
تشير تنظيمات الإسلام السياسي إلى أن الحرب على إسرائيل موضوعة في إطار الأولويات المؤجلة (رويترز)
ملخص
لماذا لا توجد إسرائيل هدفاً رئيساً على قائمة تنظيمات الإسلام السياسي مثل “القاعدة” أو “داعش”؟
في إطار فقه الأولويات لا توجد إسرائيل هدفاً رئيساً على قائمة تنظيمات الإسلام السياسي لجماعات مثل “القاعدة” أو “داعش”، إذ إن حرب الأنظمة هو الأساس والهدف، وهو ما يشير إلى عديد من علامات الاستفهام في هذا السياق، بخاصة أن ترتيب الأولويات في نهج تنظيمي “القاعدة” و”داعش” واضح، وسبق أن طرح في سياقات عدة مرتبطة بأطر نظرية تتعلق بالحرب على إسرائيل وتحرير المسجد الأقصى، والحفاظ على المقدسات الإسلامية، التي لا تزال في حوزة الجانب الإسرائيلي على رغم الإشراف الهاشمي على هذه المقدسات الإسلامية بناءً على اتفاق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والحكومة الأردنية.
لذا، يبدو التساؤل وجيهاً: لماذا لم توجه هذه التنظيمات مصادر تهديداتها إلى إسرائيل؟ خصوصاً بعد الحادثة التي راح ضحيتها أكثر من 115 شخصاً في موسكو، وأعلن “داعش” تبنيها.
مبررات مطروحة
دائماً ما تشير تنظيمات الإسلام السياسي إلى أن الحرب على إسرائيل ليست اليوم، إنما في المدى المنظور وفق أولويات محددة ومنضبطة وموضوعة في إطار الأولويات المؤجلة، وإسقاط النظم (الجائرة) هو الذي يجب أن يكون على رأس الأولويات لكل عضو في التنظيم. وعليه لم تستهدف إسرائيل بأية أعمال داخلية، ولم تشهد المدن الإسرائيلية أية أحداث كبيرة على غرار الـ11 من سبتمبر (أيلول) مثلاً.
وفي هذا السياق، نجت إسرائيل من تحركات الحركات المتطرفة التي تعمل في الضفة الغربية والأردن، ومع ذلك لم تدخل إلى إسرائيل، وهناك تصورات عدة في هذا السياق، الأول: عدم رغبة التنظيمات في الدخول في مواجهة وقتية أو عاجلة، ومن خلال أعمال في عمق إسرائيل، وليس الأراضي الفلسطينية، سواء في الضفة أو غزة، بل وفي الجوار الأردني.
أما الثاني فمناعة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وملاحقة عناصر التنظيمات المتطرفة، وهو ما يفسر أن تنظيمي “القاعدة” و”داعش” وعبر عشرات البؤر والخلايا لم تصل إلى إسرائيل، ولم تسعَ إلى الدخول في مواجهات موجعة، بل ظل الأمر في إطار من الخيارات التهادنية، ولحين إشعار آخر، وهو ما يؤكد أن هدف هذه التنظيمات الرئيسة ليس تحرير القدس أو المقدسات الإسلامية من العدو الإسرائيلي، إنما التعايش مع المحتل والتسليم بوجوده، وهو ما يفسر أيضاً لماذا تقبّل الجانب الإسرائيلي هذا التصور، وفي إطار التعايش مع الأخطار الحقيقية الكامنة لهذه التنظيمات، وفطن لتوجهاتها الإعلامية.
مواقف محددة
واقعياً، ظل تنظيم “القاعدة” والفروع الموالية له أكثر التنظيمات الإرهابية، وكذلك “داعش” أكثر اشتباكاً مع الأحداث، من حيث عدد البيانات الصادرة عنه، وكذلك من حيث حدة الرسائل والدعوات التحريضية لتوسيع رقعة العنف ضد المصالح الإسرائيلية والغربية في المنطقة، فيما اتخذ “داعش” موقفاً مغايراً تجاه “حماس”، إذ أبدى التنظيم ترحيبه بالعملية التي نفذتها الحركة، على رغم أن “داعش” يناهض “حماس”، ويصفها بأنها مرتدة، وإن كان من المتوقع أن يتأثر نشاط تنظيم “داعش” في الشرق الأوسط خلال الفترة المقبلة، بسبب تطورات الحرب الإسرائيلية في غزة.