الرئيس الفلسطيني أطلق من الأردن تصريحات مغايرة لمواقفه منذ بدء هجوم “حماس”
الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (رويترز)
على عجل جاء لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في عمان، وقبيل لقائهما مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال جولته إلى المنطقة التي تعيش توتراً غير مسبوق، في ظل الحرب في قطاع غزة وتداعياتها الإنسانية والسياسية والأمنية.
ومع أن مكان اجتماع عباس مع بلينكن كان مقرراً له أن يكون بمقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله، فإنه تم نقله إلى مقر إقامة الرئيس الفلسطيني في عمان، وبعد لقائه مع الملك عبدالله الثاني.
ومن عمان خرج الرئيس الفلسطيني بموقف مختلف من هجوم “حماس” على القواعد العسكرية الإسرائيلية والمستوطنات في غلاف غزة، فبعد أن أكد بعد ساعات على الهجوم حق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم، اتخذ من العاصمة الأردنية موقفاً آخر.
نبذ العنف
ويتلخص الموقف الذي أطلقه بعيد لقائه العاهل الأردني، وقبيل جلوسه مع وزير الخارجية الأميركي بـ”رفض قتل المدنيين، أو التنكيل بهم من الجانبين”، والدعوة إلى “إطلاق سراح المدنيين والأسرى والمعتقلين”.
وتطرق عباس إلى “سياسة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، التي تنبذ العنف وتتمسك بالشرعية الدولية والمقاومة الشعبية السلمية والعمل السياسي طريقاً لتحقيق أهدافنا الوطنية في الحرية والاستقلال”.
وشدد على “ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتأمين حاجاته الإنسانية، والرفض المطلق لتهجير الفلسطينيين من القطاع”.
ومع أن موقف الرئيس الفلسطيني لم يصل إلى حد إدانة هجوم “حماس” كما تطالب الإدارة الأميركية، لكنه يعتبر إمساكاً بالعصا من المنتصف.
ضغوط أميركية
ورجحت مصادر فلسطينية أن يكون لقاء الرئيس الفلسطيني مع العاهل الأردني قبيل اجتماعه مع الوزير الأميركي يهدف إلى ممارسة ضغوط على الأول لتغيير موقفه.
وقال مسؤول فلسطيني مقرب من الرئيس لـ”اندبندنت عربية” إن الخارجية الأميركية أبلغت السلطة الفلسطينية بأن بلينكن يريد لقاء الرئيس الفلسطيني في رام الله خلال جولته الحالية إلى المنطقة.
لكن ذلك “تغير في اللحظة الأخيرة بسبب وجود الرئيس عباس وبلينكن في العاصمة الأردنية عمان” وفق ما أخبرنا مسؤول فلسطيني ثان.
وقالت الخارجية الأميركية إن بلينكن “شكر الرئيس الفلسطيني وفريقه على عملهم من أجل تهدئة الوضع بشكل أكبر لصالح الفلسطينيين والإسرائيليين وعشرات الآلاف من الأميركيين الذين يعتبرون الضفة الغربية وطنهم”.
وأكد بلينكن وفق الخارجية الأميركية للرئيس عباس “التزام واشنطن التعاون مع القيادة والشعب الفلسطينيين في الجهود المبذولة لضمان الأمن للجميع”. وأشار إلى أن حركة “حماس” “لا تدافع عن الحق المشروع للشعب الفلسطيني في الكرامة والحرية والعدالة وتقرير المصير”.
من رام الله إلى عمان
من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي أن لقاء بلينكن وعباس في عمان قد يكون بسبب عدم رضا واشنطن عن موقف السلطة الفلسطينية من هجوم حركة “حماس” وعدم إدانته. وأشار إلى أن اللقاء في عمان وليس في مقر الرئاسة برام الله قد يكون لإعطاء مظلة عربية للنقاش، وحرمان الفلسطينيين من “الكيانية السياسية”.
لكن الشوبكي أوضح أن السلطة الفلسطينية ربما طلبت أن يكون اللقاء في عمان تجنباً لإحراجها من شعبها الساخط على واشنطن بسبب دعمها إسرائيل غير المحدود عسكرياً وأمنياً وسياسياً.
وذهب إلى أن “دور وأداء السلطة الفلسطينية من الحرب في قطاع غزة هامشي وثانوي”، مشيراً إلى أن ذلك الدور ينحصر في “الحفاظ على الهدوء في الضفة الغربية، ومنع فتح جبهة مواجهة أخرى مع إسرائيل لا تريدها الأخيرة”.
وأضاف أن الشراكة الأميركية مع السلطة الفلسطينية تنحصر بدور الوظيفة الأمنية في ظل إدارة بايدن”، وأن واشنطن تعتبرها “أداة من أدوات الحفاظ على الهدوء في الضفة الغربية”.
ويشهد الوضع الأمني في الضفة الغربية تصعيداً منذ بدء هجوم “حماس” السبت الماضي، إذ قتل الجيش الإسرائيلي والمستوطنين أكثر من 55 فلسطينياً خلال سبعة أيام. ويشن الجيش الإسرائيلي حملة اعتقالات غير مسبوقة في مدن الضفة الغربية شملت العشرات من قادة وكوادر حركة “حماس”. وتفرض إسرائيل إغلاقاً عسكرياً على المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية، وهو ما يجعل الحركة بينها في غاية الصعوبة.