سلط حادث مروع شهده طريق القاهرة – الإسكندرية، مساء الثلثاء، الأضواء على حوادث الطرق في مصر مجدداً. الحادث الذي وقع بسبب تصادم سيارة بمقطورة مسرعة مع 4 سيارات صغيرة للنقل الجماعي للأفراد (ميكروباص)، أودى بحياة 15 شخصاً، وإصابة 7 آخرين وفق ما أعلنته السلطات المصرية.
وجاء هذا الحادث المأساوي بعد نحو ثلاثة أسابيع من واقعة مروعة أخرى، تسببت فيها سيارة بمقطورة، أعلى كوبري بمنطقة المريوطية في الجيزة، اصطدمت بعدد من السيارات الموجودة أمامها، فدفعت 8 سيارات منها للسقوط من أعلى الكوبري المزدحم.
وبينما تشي المؤشرات الدولية والمحلية بتراجع نسبة الحوادث في مصر مقارنة بعدد السكان البالغ نحو 110 ملايين نسمة، وذلك نتيجة تحسين جودة الطرق، وتسهيل السيولة المرورية نسبياً، إلا أن كثيراً من الخبراء والمتخصصين في مجال الأمن، يشيرون بأصابع الاتهام إلى ضعف القوانين الموجودة حالياً، وغياب تطبيقها بشكل حاسم.
لكن ثمة من يحمّلون السائقين – الذين لا يلتزمون بقوانين المرور – المسؤولية، خصوصاً في ما يتعلق بالسرعات المحددة والمعلنة على الطرقات الداخلية والخارجية.
وتشير أيضاً أصابع الاتهام إلى بعض الشركات والجهات المشغلة لسيارات النقل الثقيل، التي تضع سائقيها تحت ضغط العمل المتواصل، وهم يقطعون مسافات طويلة جداً، تقدر بمئات الكيلومترات، دون نوم، للوصول في المواعيد المقررة.
صورة متداولة لحادث طريق القاهرة – الإسكندرية
إحصاءات ومؤشرات رسمية
وتشير أحدث الإحصاءات التي نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، إلى أن معدل قسوة الحوادث شهد ارتفاعاً ملحوظاً في عامي 2021، ثم تراجع بنسبة طفيفة في عام 2022. وهذا المعدل يقاس بعدد الوفيات بين كل 100 مصاب.
وبحسب التقرير السنوي الذي نشره الجهاز في شهر حزيران (يونيو) 2023، فإن معدل قسوة الحوادث كان في عام 2018 يبلغ نحو 7.4، وارتفع بشكل مضطرد خلال السنوات التالية، إلى أن وصل لمستوى قياسي في عام 2021 فقفز إلى ما يناهز الضعف (14.2) مقارنة بعام 2018، ثم شهد انخفاضاً بسيطاً في عام 2022 وهبط إلى 13.9.
رسم بياني لقسوة الحوادث خلال الفترة من عام 2018-2022 (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء)
وبينما يكشف التقرير عن زيادة معدلات قسوة الحوادث، وارتفاع نسب الوفيات، خلال الفترة من عام 2018 إلى 2022، إلا أنه يظهر في الوقت ذاته تراجعاً كبيراً، يكاد يصل إلى النصف، في عدد الإصابات.
وتوضح الإحصاءات أنه بينما كان عدد الوفيات في عام 2018 يصل إلى نحو 6760 حالة، فإن عدد المصابين نتيجة حوادث السيارات بلغ 91595، في حين أن عدد المصابين في عام 2022 انخفض إلى 55991، أما عدد الوفيات فقد ارتفع إلى 7762. جدير بالذكر أن عدد سكان مصر كان في عام 2018 قد بلغ نحو 103 ملايين نسمة، أضيف إليهم قرابة 5 ملايين بحلول عام 2022.
رسم بياني للوفيات والإصابات خلال الفترة من عام 2018-2022 (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء)
تحسين شبكة الطرق
شهدت جودة الطرق في مصر نقلة كبيرة خلال السنوات العشر الماضية، وجاءت هذه النقلة في إطار خطة قومية طموحة تبنتها الدولة منذ تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة في عام 2014.
وبحسب الهيئة العامة للاستعلامات فإن الدولة تبنت خططاً لإنشاء طرق جديدة بطول 7000 كيلومتر، وتم إنجاز 5200 متر منها، وجاري تنفيذ المساحة الباقية.
شهدت مشروعات الطرق في مصر نقلة كبيرة خلال السنوات العشر الماضية
مشاريع بناء طرق جديدة وتطوير القديمة، تأتي في إطار مشروع قومي كبير، يهدف إلى الارتباط بدول الجوار وتنشيط الاقتصاد المحلي. وهذا التطوير وضع مصر من بين البلدان التي تحظى بمستوى جودة مرتفع، فهي وفق مؤشر جودة الطرق الذي أصدره “المنتدى الاقتصادي العالمي” عام 2023، تتفوق على تركيا، وكندا، وبروناي، وتسجل 5.1 نقطة من حيث جود الطرق، ويعد الحد الأقصى لهذه النقاط هو 7 نقاط. إنه مستوى لم تحققه أي دولة حتى الآن، إذ حصدت الدولة رقم 1 في هذا المؤشر، وهي سنغافورة، 6.5 نقاط فحسب.
وساهم هذا التطور في تراجع كبير في عدد الوفيات نتيجة حوادث الطرق. وتشير ورقة بحثية نشرت عام 2013 تحت عنوان “استخدام حزام الأمان والسرعة على ثلاثة طرق رئيسية في مصر: تقرير موجز” إلى أن حوادث الطرق في مصر تودي بحياة قرابة 42 شخصاً من بين كل 100 ألف مواطن مصري، كل عام، وتراجع العدد إلى نحو 12.8 شخص من كل 100 ألف مواطن في عام 2023.