بقلم: د.فواز الفواز
من بداية التظاهرات في إيران قلنا لكم في حال استمرارها ليوم 10 من الشهر الحالي فالوضع ينذر بخطر كبير على إيران بالمجمل، كل يوم يمر لم يحسم ملف التظاهرات ستكون له عواقب كبيرة على النظام أولا وعلى الإيرانيين بصورة عامة، ليس كل تظاهرات يتم قمعها، وليس كل معضلة حلها يكون بالقوة، القوة ليست الحل في كل المعضلات وإيران بالذات ستخسر في حال أستمر النظام بقمع التظاهرات بقوة السلاح وزج الشباب في السجون وتهديدهم بالأعدام والسجن المفتوح .
يصر النظام الإيراني على المراهنة بقوة خزعبلات الثورة ومحور الممانعة وفلسطين والدين وتصدر المذهب، لا زال النظام يعتقد بصدق هذه الأكذوبة دون أن يعي لحالة تمزيق صور وكيل الإمام الغائب، ولازال النظام يصر معتقداً أن تصريح واحد من الوكيل كفيل بانبطاح المتظاهرين والبكاء ندما.
أنقسم الشعب الإيراني إلى مجموعات منهم من يؤيد تيار الاصلاح التقليدي وهؤلاء أتباع ومؤيدو رفسنجاني امتدادا لخاتمي، منهم من يؤيد نجادي وهؤلاء جيل الاصلاح الشعبوي، منهم من يؤيد التشدد والمحافظين وهؤلاء هم المنتفعون من النظام وجماعة الحرس الثوري، لكن أغلب الشعب أصبح في حل من هذه التيارات فلا يريدون إلا ترجمة فعلية للديمقراطية ولتذهب شعارات الممانعة الخاوية خارج إيران، هؤلاء وهم الأكثر يريدون العودة لنظام مشابه لنظام الشاه قبل 1979 هذا النظام المنفتح على العالم والمؤيد للانفتاح الشرقي الغربي دون مضايقات وخصوصا العالم المعلمن بدأ ينتصر على العالم المغلق مع تحفظنا على الكثير من حيثيات هذا الأنفتاح المقصود.
بعد هذه المقدمة البسيطة نعتقد جازمين أن التظاهرات هي رسالة أميركية للنظام الإيراني مفادها هو الانكفاء والأبتعاد عن المغامرات في الدول العربية والعودة للداخل وتحسين أحوال الشعب الجائع، لكن هذا الكلام لا ينفع مع النظام الذي خسر الكثير مالاً ودماً في مغامراته الخارجية ظناً منه إنها الفرصة للسيطرة على العالم العربي والعودة لحلم الإمبراطورية الفارسية بوجهها الإسلامي الجديد .
أغلب الآراء ذهبت وأنا منهم إلى رأي أنها لو أستمرت وتجاوزت هذا الشهر فسوف تكون سوريا ثانية، نعم أميركا ومن معها يعتقدون أن الدور وصل لإيران وأفضل وسيلة للقضاء على النظام هو زرع الفتن الداخلية وتسليح الفصائل المعادية داخل إيران ومن يعرف الوضع في إيران يعلم أن القوميات الخمسة غير الفارسية في إيران كلهم يتعرضون لضغوطات وتهميش طيلة العقود الأربعة من عمر النظام وكلهم ينتظرون الفرصة للانتقام من النظام وبالذات العرب والكرد في إيران.
هناك نقطة مهمة في الموقف كله وهي التي اذكرها باستمرار لكن الكثير يعتقد إنها خطأ تحليلي من قبل كاتب السطور وهي أن أميركا قد قررت قبل عام 2003 أن إيران هي الهدف الكبير لها بعد العراق والدول العربية وما التساهل مع إيران في السنوات الماضية إلا لسحب إيران لمغامرات تكون نتيجتها ضررا على الأقتصاد الإيراني والكل يعلم أن الأقتصاد هو شريان الثورات، فالثورات التي تكون بدون قائد وقيادة يكون قائدها الشبح الأقتصادي وهي الثورة الوحيدة الناجعة في كل العالم وهذه هي قوة أميركا، فالأتفاق السعودي الأميركي في زيادة أنتاج النفط مقصود لضمان تغول الفقر والجوع في الدول الباقية لتكون شرارة جاهزة للاشتعال متى قررت أميركا ومن معها وفعلا بدأت انتفاضة إيران وغيرها من الدول العربية بواسطة الشرارة الاقتصادية .
كما أسلفت لن تفلح إيران في مسعاها ولن تتركها أميركا حتى لو تخلت عن نصف ثرواتها سراً أو علناً لأميركا فشعار أميركا ( أخلق لك العدو إن كنت بلا عدو) والعدو هو الذي يمتلك المال وإيران الهدف الحيوي بعد العراق مهما طالت فترة التحضير .