عبد العزيز الغيامة
سيكون الاتحاد السعودي للبلياردو والسنوكر آخر الاتحادات الرياضية السعودية الـ11 التي ستُجرى انتخاباتها الأسبوع المقبل، وفقاً لبيان لجنة الانتخابات، الصادر في 3 يناير (كانون الثاني) الحالي.
لن أقول إنني سعيد بما حدث في الانتخابات ونتائجها التي صدّرت قوائم مجالس إدارية جديدة، وأخرى مستمرة ستدير الاتحادات حتى 2028 المقبل، باعتبار أن كثيراً من الغموض في رأيي لا يزال يكتنف الاستراتيجية التي تسير عليها اللجنة الأولمبية السعودية، ورؤيتها لصناعة جيل رياضي ينافس على الذهب والفضة والبرونز في دورات الألعاب الإقليمية والآسيوية والدولية.
قلت قبل أيام إن المال لا يكفي لصناعة فريق كرة قدم، ما لم تكن هناك إدارة متسلحة بأدوات النجاح وتعيش في واقع الرياضة، ليس محلياً فقط، بل حتى معرفتها بما يجري في الرياضة العالمية، لتصل إلى الهدف المنشود، والأمر ذاته ينطبق على الاتحادات الرياضية المحلية كافّة.
الاتحادات السعودية تنتظرها استحقاقات كبرى منها القريب، مثل: دورة الألعاب الآسيوية للشباب 2025 بطشقند، ودورة الألعاب الآسيوية 2026 في ناغويا اليابانية، ودورة الألعاب الأولمبية 2028 بلوس أنجليس، ثم دورة الألعاب الآسيوية عام 2030 في قطر، والكثير من الاستحقاقات القريبة والبعيدة التي تتطلّب التجهيز والتحضير والصناعة؛ لتحسين السجل السعودي على صعيد الميداليات المتنوعة.
لا شك أن ترتيب المشاركات السعودية في الألعاب الخليجية والعربية والإسلامية والآسيوية متواضع جداً، ولم ينجح في الوصول إلى قائمة الـ10 الأوائل آسيوياً في مجمل النتائج التي تحقّقت منذ أول مشاركة عام 1978، وهو ما يتطلّب تفكيراً جدياً لتحسينه قبل حلول دورة الألعاب الآسيوية التي ستستضيفها الرياض عام 2034.
أفهم أن العبء كبير على مسؤولي اللجنة الأولمبية السعودية، لكن أدرك أيضاً أن نجاح الرياضة في المملكة لا يقتصر فقط على دور هذه اللجنة ما لم يكن هناك تعاضد وتعاون وبناء حقيقي في المدارس والجامعات للألعاب كافّة. كما يجري في الولايات المتحدة والصين وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وكندا وأستراليا والكثير من الدول المتقدمة رياضياً.
لا يمكننا مطالبة اللجنة الأولمبية السعودية في كل دورة أولمبية بميداليات ذهبية ما لم نفهم السر الذي من خلاله تفوز الدول بالميداليات. كما لا يمكن البناء على اجتهادات دول عربية أو آسيوية أو أفريقية معدودة نجحت في تحقيق عدد قليل من الميداليات؛ لأن الواقع يقول إن الاستراتيجيات بحاجة إلى أن تكون أسلوب حياة في المجتمع، لا أن تكون مجرد اجتهادات حيث تفوز بفضية في الكاراتيه أو الفروسية أو ألعاب القوى ثم تغيب في الدورة التالية.
سبق أن نشرنا هنا في «الشرق الأوسط» تحقيقاً حول السجل السعودي في الأولمبياد، وقلنا -حينها- إن النتائج ليست مفاجئة قياساً بالأرقام، لكن هذا أيضاً يجعلنا نخطّط بشكل مختلف في الدورات المقبلة، لنكون حاضرين دائماً على منصات التتويج، وهذا لن يكون إلا بإدارات رياضية حقيقية تستوعب العمل الرياضي وتعرف دهاليزه وما يجري فيه لبناء أجيال متتالية.
فرق كبير بين أن تمارس الرياضة من أجل الصحة وتمارسها من أجل صناعة جيل يفوز في منصات التتويج؛ لأن الثانية في حاجة إلى أجيال متعاقبة تدربت منذ الصغر، لتكون منافسة على كسب الميداليات، وهذا لن يكون بعمل أحادي من اللجنة الأولمبية السعودية واتحاداتها، في حين أن المدارس والجامعات لا تقوم بمسؤولياتها المنوطة بها، كما تفعل الدول المذكورة أعلاه في الولايات المتحدة وآسيا وأوروبا.
منذ ثلاثة أعوام تُقام في الرياض دورة الألعاب السعودية بشكل مستمر، وهي فكرة رائعة، لكنْ مهم جداً أن تنتقل من مرحلة النشاط إلى أخرى لتحطيم الأرقام القياسية محلياً وإقليمياً وقارياً، وهذا لن يكون إلا بتكاتف الجميع من المدرسة والجامعة والاتحاد واللجنة الأولمبية ووزارتي الرياضة والتعليم.
أتصور أن جهود وزارتي الرياضة والتعليم ستقود الاتحادات الرياضية الـ97 إلى الانتقال من مرحلة النشاط والروتين في منافساتها بالدورات والبطولات إلى مرحلة صناعة الأجيال حيث الإبداع والمنافسة الشرسة؛ عندها ستصل الرياضة السعودية إلى هدفها المنشود، حيث منصات التتويج بحلول «أولمبياد بريزبين» عام 2032، ودورة الألعاب الآسيوية عام 2034.