حسن فليح / محلل سياسي
يبدو هناك انقساما بين القوى السياسية وبين الشركاء بالوطن في موضوع سحب القوات الامريكية من العراق ، ناهيك عن المعارضون له بشدة من القادة المهنيون في شتى صنوف الجيش العراقي ، لمعرفتهم بحاجتهم الفعلية الفنية والعلمية الملحة في بقاء القوات الامريكية على صعيد الاستشارة والتدريب والمعلومات خصوصا بالوقت الحاضر الذي يشير بعدم الجهوزية الكاملة امام المخاطر التي تحيط بالعراق ، لاسيما وان هناك بوادر لداعش الارهابي الذي يتحين الفرص لتنفيذ مخططاتة الاجرامية ، وان الشعور بالقلق لدى المهنيين والمختصين في المؤسسة العسكرية والاستخباراتية ، جاء بعد تصريح المسؤولين الامريكان من ان الانسحاب الامريكي هذه المرة لايختصر فقط على الاستشاريين فحسب وانما الانسحاب سيشمل كافة الشركات الامريكية، وسيتم قطع التعاون المعلوماتي مع القوات المسلحة العراقية ، وهذا يعني ان العراق سيعيش فراغا امنيا خطيرا ، يعيدنا الى ماحصل عام 2014 ، الامر الذي يشير لايران فقط بملء الفراغ والتفرد بالساحة السياسية والامنية وبسط الهيمنه والنفوذ بشكل كامل ودون رادع بالاعتماد على مواليها من القوى السياسية اللاهثة خلف تلك الرغبة
الايرانية ، التي تنم عن جهل سياسي وانعدام الرؤية والقرأة الصحيحة لطبيعة الصراع الدولي حول العراق ومنطقة الشرق الاوسط بمجملها الذي يشكل العراق مركزها ومنطلقا حيويا لها ، ومن هذا الفهم الموضوعي لاهمية العراق بالنسبة للولايات المتحدة ومايعنية في عملية الصراع والنفوذ الدولي ، فأن الانسحاب الامريكي من العراق لايخضع لارادة عراقية بحته دون الاخذ بالاعتبار ارادة الشريك الامريكي والراعي للنظام السياسي مابعد الاحتلال عام 2003 ، ربما ان الانسحاب الامريكي تحت ضغط الفصائل المسلحة سيسحب الشرعية الدولية عن النظام السياسي ويعيد العراق تحت البند السابع ويعتبر النظام حينها نظاما متمردا ومخالفا للشرعية الدولية ، وهناك الكثير من الملفات يمتلكها الامريكان لاثارتها ورفع السرية عنها بالوقت المناسب والتي من شانها أن تفقد ثقة الشعب والمجمتع الدولي أكثر بشرعية النظام وديمومة بقائة ، ويصبح حينها العراق تحت الوصاية الدولية والتدخل المباشر المدعوم باثر اممي وقانوني ، علما هناك من هم شركاء بالوطن غير راغبين برحيل القوات الامريكية ، وان الاخوة في أقليم كردستان يرون انفسهم حلفاء استراتيجين للامريكان وحينها سيكون الاقليم البديل الحقيقي لبقاء القوات وان العودة بخطوط العرض بالاجواء ومايوازها على الارض امرا متاحا جدا لدى الامريكان في عزل الجانب العربي من البلاد مع تفعيل خياراته الاخرى السياسية منها والعسكرية ، أن خيار الوجود العسكري الأمريكي من عدمه يمر الان عبر فوضى سياسية وأمنية غير محسوبة العواقب، تتم في أجواء متوترة ، وتتفرد بها
أطراف سياسية مسلحة باتخاذ قرارات خطيرة تتعلق بحاضر العراق ومستقبله، بالاعتماد على رأيها وفرض ارادتها نتيجة الدعم والتعليمات والنصائح التي تأتيها من الخارج ، دون التشاور مع باقي الأطراف والشركاء في الوطن أو بالعملية السياسية وفي هكذا خطوة خطيرة تتعلق بأمن الشعب والبلاد !! الذي لايتحمل ان يدفع ثمن ان يكون ساحة صراع وتصفية حسابات على ارضة ولايستطيع تجاوز تداعياتها الكارثية ويتجنب ويلاتها في حالة حصولها ، تتحمل ادارة الديمقراطين بقيادة بايدن مسؤولية مايحدث وما آلت اليها الاوضاع بالبلاد ، نتيجة تخادمها وتماهلها في ادارة الملف العراقي وعدم صيانته من الانفلات !!! وكذلك تتحمل القوى السياسية المتحكمة بالمشهد السياسي بأبتعادها وانحرافها المشين عن خطها الوطني الذي أوصلها الى العجز التام بالوصول لنظرة استراتيجية عميقة بالقضايا المصيرية التي تهم العراق ومستقبله وفق الثوابت الوطنية ذات الاجماع الوطني المبني على ارادة جماعية تجبر الجميع على احترامها وعدم تجاوزها ودون الاذعان والسماح للاخرين بمصادرة القرار السياسي والوطني للعراقيين ، تحتم المرحلة الان على تجاوز العواطف والطموحات التي لاتستند الى واقع ملموس والاحتكام للقدرات الحقيقية في اتخاذ مثل هكذا قرارات مصيرية .