مقالات

ماذا بعد هزيمة داعش في الموصل و راوة و القائم؟!

قيس العذاري
أعلن اكثر من مصدر سياسي وعسكري ان داعش انتهى عسكريا في العراق ،بعد هزيمته في راوة ، انهار التنظيم خلال ساعات قليلة من بدء العمليات العسكرية ضد التنظيم ، سرعة انهزامه تبين حقيقة انهيار التنظيم وسقوطه في وحل الهزيمة بعد ان فقد قدراته في اهم المدن العراقية التي احتلها العام 2014 . ولكن هل تكفي هزيمة داعش العسكرية ، لانهاء نشاطات التنظيم الاجرامية في العراق او سوريا التي مارس فيها نشاطاته التنظيمية والعسكرية بحرية تامة على مدى اربع سنوات واكثر؟

وانتهز التحالف الدولي هذه المناسبة بعد هزيمة داعش في راوة واعلن في تغريدات متفائلة على توتير ان داعش ‘يفشل في اصدار دعايته لانه هزم على الارض كما هزم الكترونيا’ الوسيلة الاكثر فعالية وتأثيرا لدعايته النفسية والتنظيمية و’داعش يعيش حالة من الفوضى’ بعد هزيمته السريعة والمتوقعة في راوة ،فقد عبرت من خلالها القوات الامنية للسيطرة على المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا لتوجه ضربة قاضية ثانية للتنظيم ، ومنع تنقله عبر الحدود بين العراق وسوريا كما كان يحدث في الماضي .

تشكل القوات الامريكية اكثرية قوام التحالف الدولي بمشاركة اوربية وبريطانية وكندية محدودة عسكريا ، فقد اتهم فيما مضى بالمشاركة في تأسيس داعش او المساهمة بشكل مباشر او غير مباشر بتأسيس داعش خلال احتلال هذه القوات للعراق ،ولكن سرعان ما اصبح داعش عقبة عالية ومشكلة معقدة في طريق تحقيق اهداف هذه القوات في العراق والمنطقة ، ولكننا مع ذلك ما زلنا ننتظر معرفة كيف برز هذا التنظيم الاجرامي بهذه السرعة والقوة ليحتل اكثر من ثلث اراضي العراق بقترة زمنية قياسية؟!

أثبتت الاعوام الثقيلة والمريرة الماضية ان الطائفية والتطرف والتكفير،وسائل ماضية وفتاكة تنعكس سلبا على الجميع ، وتمتد لابعد نقطة يصعب توقعها ، فقد سهلت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاتصالات الفورية انتشار امراض الطائفية والتطرف في البلدان العربية والاسلامية وتجاوزتها الى اوربا وامريكا واسيا ،ولكن العراق وسوريا هما اكثر البلدان تضررا من نشاطات هذه التنظيمات الاجرامية ،وبعد سيطرة القوات العراقية على القائم وراوة فقد انتهى تنظيم داعش ، وتأمنت الحدود بين العراق وسوريا بشكل كامل ،بعد ان كانت نقطة ارتكاز عسكرية مهمة لداعش ماليا وعسكريا .
وبقيت افكار داعش بعد هزيمته ، التي عمل على بثها لدى فئات واسعة من الشباب في البلدان العربية والاسلامية ، وهذه مهمة انظمة وحكومات هذه البلدان في المحافظة على السلم الاهلي والتعايش والتسامح ورفض الافكار الطائفية المتطرفة والمنحرفة .

وعند النظر بما خلفه داعش من دمار وخراب هائلين نجد مناطق غرب وشمال العراق الاكثر تضررا من اعماله العدوانية ،فقد تسبب بموجات نزوح غير مسبوقة في العراق والدول المجاورة ، اضافة الى الاضرار الهائلة التي لحقت بها من العمليات العسكرية وهي اكثر هولا مما خلفه داعش من دمار وخراب ، ويضاف الى ذلك مهمة اعادة النازحين من قرى ومدن الانبار والموصل وديالى ، وهم بالملايين بعضهم في مخيمات تفتقر لابسط مستلزمات الحياة وبعضهم في محافظات الوسط والجنوب ، يعانون بسبب قلة المساعدات واماكن الايواء والمخيمات خاصة القريبة من مدينة الموصل والانبار وديالى .

هذه الاوضاع تستدعي تشكيل فريق عمل من ابناء هذه المدن بعد تخصيص الاموال لاعادة اعمارها ، فريق عمل من التكنوقراط لتقييم الاضرار والتخريب في البنى الاساسية والبناء وتقديمه لمجلس الوزراء لتخصيص الاموال لاعادة اعمارها .وللتذكير فقط حكمت الاحزاب الدينية السنية والشيعية العراق لعقد ونيف ،وتبين فسادها وكذبها واستغلالها للدين امام الرأي العام ،واختفت خلال فترة حكمها اكثر من 800 مليار دولار من واردات العراق النفطية ومن مساعدات الدول الاجنبية من خزينة الدولة ،وقضايا البناء والاعمار في العراق واعادة النازحين سوف لا تكون بالمهمة السهلة في ظل احزاب سياسية وطائفية فاسدة .

تفاؤل القوات المشتركة باعلان نهاية داعش واندحاره في مدينة راوة عسكريا، هو في الواقع نهاية مأساة وبداية اخرى تتعلق باعادة الاعمار اوالبناء واعادة النازحين الى بيوتهم وسط بيئة سياسية فاسدة .وكمثال على فساد هذه الاحزاب قال البريفكاني البرلماني عن محافظة نينوى بخصوص الاموال التي خصصت لاعمار الموصل وتعويض المتضررين في مؤتمر صحفي عقده في مبنى البرلمان 19.11,2017 إن ‘عدم كفاءة النظام الإداري في محافظة نينوى وافتقاره إلى المهنية والنزاهة واتباع سياسات خاطئة فضلا عن شبهات الفساد المالي في مفاصل إدارة المحافظة أدت إلى هدر 230 مليار دينار كانت مخصصة من أجل إعادة الاستقرار وتأهيل البنى التحتية وتأمين الخدمات ودعم النازحين وتعويض المتضررين وعوائل الشهداء والجرحى وتشغيل الشباب وزيادة فرص العمل’ .

admin