ماذا تعرف عن التنشئة الأبوية.. أضرار نفسية على الأبناء ونصائح مهمة

3

كتبت: دانه الحديدى

في الكثير من الأحيان تضطر الفتيات للاهتمام بأخوتهن الصغار، لعدة الأسباب على رأسها غياب الأم أو الأب ، وقد لا يقتصر الأمر على رعاية الأشقاء، بل رعاية الوالدين أو أحدهما أيضا، مما قد يكون له تداعيات نفسية على الطفلة لاحقا.

ووفقا لموقع “Very wee mind”، قد تحدث تلك الظاهرة بسبب مرض أحد الوالدين، أو بسبب العيش في منزل مع أحد الوالدين فقط، أو عدم نضج الوالدين عاطفيًا .

الأدوار المعكوسة

وتقول روبين كوسلويتز، أخصائية نفسية ومؤلفة كتاب “التربية بعد الصدمة “،  أن ما يطلق عليها “التنشئة الأبوية” تحدث عندما يُوضع الطفل في دور رعاية غير مناسب لنموه، سواءً جسديًا أو عاطفيًا أو كليهما، مضيفة أن هذا نوع من عكس الأدوار، يحدث عندما يتولى الطفل إدارة احتياجات الوالد بدلاً من العكس، لأن الوالد لا يرغب أو لا يستطيع تولي دور مقدم الرعاية .

وتتضمن التربية الوالدية العملية قيام الطفل بمهام الرعاية الجسدية أو اللوجستية، مثل طهي العشاء وتجهيز الإخوة الأصغر سناً للمدرسة، في حين أن التنشئة العاطفية تصف الطفل الذي يقدم الدعم النفسي للوالد ، ويعمل كنوع من صانع السلام أو المعالج.

بينما تعد التنشئة الأبوية الآلية أكثر وضوحًا، فإن التنشئة الأبوية العاطفية تعتبر أكثر سوءا، لأن الطفل الذي يُنشأ تحت تأثير الوالدين يصبح حاويةً لمشاعر البالغين، مما قد يضعف إحساس الطفل بذاته ونموه.

أسباب التنشئة الأبوية

هناك أسباب عديدة تدفع الآباء إلى ممارسة التنشئة الأبوية، سواءً عن قصد أو بغير قصد،  أحيانًا، تنبع هذه الممارسة من ضرورة، مثل أن  يكون الطفل شقيقًا أكبر في أسرة يعاني أحد والديه من مرض عضال أو ترمل مؤخرًا، وفي هذه الحالات، يُدفع الطفل إلى دور مقدم الرعاية لمساعدة الأسرة على أداء مهامها.

في أحيان أخرى، ينشأ التنشئة الأبوية من عدم النضج العاطفي أو عدم التواجد من جانب الوالدين، لأنه عندما يكون مُقدّم الرعاية مُرهقًا للغاية، أو منعزلا أو غير مؤهل للتعامل مع حياة البالغين، يُوظّف الطفل لا شعوريًا لسدّ هذه الفجوات، لهذا السبب قد تلاحظ التنشئة الأبوية العاطفية في العديد من العائلات التي تُعاني من المرض، أو الإدمان، أو الطلاق، أو الضائقة المالية.

علامات تدل على أن الابنة تلعب دور الأم

ويقول عدد من الخبراء أن جميع الجنسين يمكن أن يتعرضوا للتنشئة الأبوية، إلا أن هذه الظاهرة تحدث في الغالب للفتيات الصغيرات بسبب التوقعات الثقافية والتكييف، لذلك في الكثير من العائلات، غالبًا ما يقع عبء العمل العاطفي والوظيفي على عاتق البنات، لنظرا لتربيتهم اجتماعيًا على رعاية الأطفال.
مع وضع ذلك في الاعتبار، يوجد بعض الأعراض الشائعة للتربية الأبوية لدى البنات التي يجب الانتباه إليها، وهى:

شخصية هادئة وناضجة للغاية

غالبًا ما يبدو الطفل الذي ينشأ تحت رعاية أحد الوالدين ناضجًا ومستقرًا عاطفيًا، لكن هذه السمات غالبًا ما تكون متجذرة في الإفراط المزمن في التكيف بدلًا من الاستقرار، ويوضح أنهم يتعلمون مبكرًا مراقبة بيئتهم، وتتبع الحالات العاطفية للآخرين، وتعديل سلوكهم وفقًا لذلك، مما قد يؤدي إلى تجنبهم للصراعات وصمتهم الذاتي.
غالبًا ما تُشاد بالبنات اللواتي نشأن في كنف الوالدين لكونهن “أكثر حكمةً من أعمارهن”، لكن هذا ليس إطراءً، بل هو علامة تحذير، لأن الصدمة تسرع النمو العاطفي بشكلٍ مصطنع، والذي قد يبدو نضجًا، لكنه يُخلّف وراءه هشاشةً عميقة.

الانتقال إلى وضع “صديقة الأم” افتراضيًا

تعتبر الابنة التي ترعى أحد الوالدين هي الشخص الملجأ إليه في مجموعات أصدقائها وفي مكان عملها، لكنها قد تعاني داخليًا من القلق والإرهاق والاستياء، بالإضافة إلى خوف مزعج من أن ينهار كل شيء إذا توقفت عن تقديم الرعاية، وقد تخلط بين الرعاية والتواصل، وإذا لم تعنى بالشخص الآخر عاطفيًا أو جسديًا، فقد تشعر بأن الآخرين لم يعودوا بحاجة إليها، وبالتالي فإن الصداقة ليست حقيقية.

الكمال

قد تلاحظ البنات اللواتي ترعرعن في كنف آبائهن أن الاهتمام بالأمور يساهم في الحفاظ على السلام في حياتهن المنزلية،  وفي مرحلة المراهقة والبلوغ، قد يتجلى هذا في السعي للكمال في واجبات الرعاية، بل وفي جميع جوانب حياتهن الأخرى، بمعنى أنه إذا تم كل شيء على أكمل وجه فلن يغضب أحد، ولن ينهار شيء، ولن يتم لومهم.

إرضاء الناس

تعلم البنات اللواتي تربّين تحت رعاية الوالدين أن يضعن احتياجات الآخرين فوق احتياجاتهن وأن يكن لطيفات، وقد يتطور هذا إلى ربط الأمان بإرضاء الناس، ويعتقدن أن مجرد إسعاد من حولهن يضمن لهن الحب والصداقة.

صعوبة طلب المساعدة

لإعتيادهم أن يكونوا هم من يساندون الآخرين،  فإن الاعتماد على الآخرين في أوقات الحاجة قد يبدو غريبًا، أو حتى غير آمن.

الشعور بالذنب عند التعبير عن احتياجاتهن

البنات اللواتي نشأن في كنف الوالدين كنّ دائمًا يضعن احتياجات الآخرين فوق احتياجاتهن الشخصية، لذلك قد يشعرن في البداية بأن احتياجاتهن عبء، أو بالأنانية أو المبالغة عندما يعبرن عن احتياجاتهن الشخصية، لأنهن لم يُسمح لهن بذلك في نشأتهن.

تأثير التربية الوالدية على الصحة النفسية

تحمل الطفل مسؤوليات الكبار يتسبب في خلق بيئة مناسبة لليقظة المفرطة والضغط الداخلي، إذ يتعين عليه دائمًا توقع احتياجات أحد الوالدين، وعلى المدى الطويل، قد يؤدي هذا إلى مشاعر القلق والاكتئاب والإرهاق النفسي والاعتمادية المفرطة والإرهاق العاطفي .

وتظهر الأبحاث أن الأطفال الذين يمرون بتلك الظروف، يظهرون حالات أعلى من تعاطي المخدرات والإدمان، وقلة فرص العمل والبطالة، وضعف الصحة البدنية، وانخفاض التحصيل التعليمي، بجانب كونهم عرضة لتكوين علاقات غير صحية .

استراتيجيات للتكيف والشفاء

مرور الطفل بتجربة الأبوة أو الأمومة، يؤثر نفسيا بشكل كبير عليه لاحقا، لكن يوجد بعد الإستراتيجيات التي تساعده على التخطى فى الكبر، ومنها:

الوعى بالمشكلة

الوعي بالمشكلة هو الخطوة الأولى لاستعادة الإستقلالية والتعافى النفسى.

قبول المساعدة

عندما يعرض عليك شخص ما الدعم أو اللطف، اسمح له بذلك دون التقليل من شأنه أو تفسيره أو تقديم أي شيء في المقابل.

خلق مساحة عاطفية لنفسك

من المهم أن تتوقف عن كونك وعاء لوالديك فقط، والإحتفاظ بمساحة عاطفية لنفسك ، والتخلص من الشعور بالذنب أو الخجل بسبب رغبتك في أن يتم الاعتناء بك.

توقف قبل التدخل للمساعدة

عندما تشعر برغبة ملحة في إصلاح أمر ما أو رعاية شخص ما، توقف واسأل نفسك إن كانت هذه مسؤوليتك حقًا، هل يمكن لصديقك حل هذه المشكلة بمفرده بنصيحة بسيطة؟ إذا كان الأمر كذلك، فلا داعي للتجاوز، خاصةً وأن تربية صديقك ليست من مسؤوليتك.

أعد رسم علاقاتك

انتبه لكيفية إرهاق نفسك في علاقة ما وتجاهل احتياجاتك، وليس عليك ترك هذه العلاقات، ولكن عليك التوقف عن الإفراط في العمل فيها.

دع المساحة لطفلك الداخلي

اذا لم تحظَ بفرصة المشاركة في نشاط لامنهجي في صغرك لانشغالك بمسؤوليات الكبار، فاصنع تلك التجارب الآن، مارس هواية محببة أو لعبة رياضية واستمتع بها، وذلك لأن الشفاء لا يأتي فقط من خلال معالجة الألم، بل يأتي أيضًا من اختيار البهجة.

التعليقات معطلة.