حسن فليح / محلل سياسي
لنتكلم بصراحة ووضوح وبمضوعية كي نكتشف حقيقة ماجرى ويجري وبعيدا عن العواطف والتمنيات ، بحسابات بسيطة نقول ، هل وضع الشعب الفلسطيني الان افضل حالا بعد عملية طوفان الاقصى ام كان افضل قبلها ؟ وهل وضع المقاومة الفلسطينية وبنيتها التحية افضل الان ام اقل بكثير عن ما قبلها؟ وهل اسرائيل اضعف من قبل ام اقوى ؟ وهل زادت مساحة استيطان مواطنيها ام قلت بعد العملية ؟ كل تلك الاسئلة والعشرات غيرها واضحة الجواب ولن تتطلب الاجابة عليها الجهد الكبير ، لقد قلنا بمقالة سابقة ان عملية طوفان الاقصى كانت بمثابة 11/ 9 جديدة لاستثمارها ضد العرب والفلسطينيين ، وهي مؤامرة دولية كبيرة قامت بها اطراف اقليمية لتوريط الفلسطينيين ومن ثم تنصلت وتخلت عنها وتركت شعبنا في غزة يُذبح على مرئىٰٖ ومسمع العرب والمسلمين والمجتمع الدولي ، دون حراك فعال لاستكمال شروط الجريمة واستثمارها بشكل ابعد من غزة وما حولها ، لم يكن بالامكان تشكيل تحالف دولي والتحشيد بالمنطقة بدون وجود المبرر ، ولم يكن بالامكان استهداف سوريا والعراق واليمن ولبنان وتدمير غزة بالكامل بهذا الشكل اليومي والممنهچ بدون وجود الحجة القوية لذلك ، ولم يكن بالامكان جلب الاساطيل الغربية في البحر الابيض المتوسط والبحر الاحمر وفي الخليج العربي لولا وجود المبرر وتوفير الاسباب الداعمة للتحشيد ،
أستطاعت ايران وقواها المسلحة من جعل المنطقة على فوهة بركان قابل للاشتعال بأية للحظة لخلق مسرح الاحداث للصراعات الدولية المرتقبة حولها وتوقيت وتهيئة اجواء اعلانها عن امتلاكها السلاح النووي ، تعتقد ايران ومن يؤمن بها ان فصائل المقاومة الشيعية قادرة على احتكار الشيعة لتحرير القدس كمدخل لـحكم المنطقة ، خاصة بعد غياب العامل القومي لتحرير الارض ، اليوم ايران تقضي بذلك على البعد الاسلامي بتحرير القدس بأعطاء الصراع الجانب الطائفي غير المبرر لقضية قومية بحته ، وبذلك ايران سعت لخدمة مشروعها الطائفي ليس ألا على حساب دول المنطقة وشعوبها عسىٰ ان تكون لاعب اقليمي مهم تستطيع من خلاله ان تجبر المجتمع الدولي والعربي للتفاوض والمساومة معها بملفات كثيرة تهم ايران وليس من شأنها ان تخص العرب وقضيتهم الفلسطينية ، تعتقد ايران انها نجحت بافراغ القضية الفلسطينية من البُعدين القومي والاسلامي ، والتسليم لها من قبل شعوب المنطقة بقيادتها لتحرير القدس الممزوج ببعدهُ الايراني بعدما نجحت بتحييد العامل القومي والاسلامي الاشمل في عملية الصراع الحالي في غزة ،
كثيرا ما تعرضت القضية الفلسطينية للمتاجرة بها سياسيا من زعماء عرب واحزاب وحركات سياسية على مدى عقود خلت ، ولكن هذه المرة جائت من ايران وزعما دين ليسو بعرب ولا تربطهم بالقضية الفلسطينية روابط قومية او وطنية فتمسكو بالعامل الديني وبطريقة طائفية لافراغها من وحدة الموقف وتحجيم واختزال الصراع في بعده المذهبي من خلال محور المقاومة الذي تشكل بأرادة ودعم ايراني وتعطيل البعد القومي والاسلامي في عملية الصراع ، وهذا ما عجزت عنه الصهيونية العالمية ودوائر مخابراتها على مدى صراع العرب مع اسرائيل بالوقت ان الصهيونية نجحت في تسليم الانظمة العربية لقيادات وزعامات مزيفة ولكنها بقت بحاجة الى النجاح الابعد الذي قامت به ايران بأستهداف القضية الفلسطينية في جميع محاورها الداعمة لها وسلخها تماما من اهم بُعدين للتفرد بها وتقديمها على طاولة المشرحة الدولية من جديد كلاً حسب اختصاصه ، فكانت عملية طوفان الاقصى الممهد واشارة البداية لتغيير وجه المنطقة وتوجهاتها المستقبلية ، بالنهاية سوف لن يرىٰ العرب ان القدس قد تحررت وربما سنشهد ضم المزيد من الاراضي للكيان الاسرائيلي .