ماذا لو كان الرد العربي على قرار الرئيس ترامب كما هو مطلوب؟ وهل تجرو الأنظمة العربية على اتخاذه؟

1

سعد ناجي جواد
لم يكن القرار الذي اتخذه الرئيس الامريكي بنقل السفارة الامريكية الى مدينة القدس المحتلة قرارا مفاجئا او غير متوقع، ولن يغير هذا القرار من حقيقة ان القدس العربية بل وفلسطين هي أراض محتلة وتنتظر التحرير. لكن الذي يحز في النفس هو ان هذا القرار الذي تحدى كل المشاعر العربية والإسلامية بالقول انه جاء ليصحح خطاءا تاريخيا ويعلن ان القدس هي العاصمة الابدية لإسرائيل، لم يواجه بالرد المناسب. ولم يكن السيد ترامب ليتجرأ على اتخاذ مثل هذا القرار لولا علمه بان الرد الرسمي العربي لن يات، ولن تتجرأ اية حكومة عربية على فعل شيء جدي للاعتراض على قراره. ان قرار مجحف وظالم ومتحيز ولئيم كهذا كان يجب ان يواجه باستدعاء كل السفراء العرب من الولايات المتحدة، ومطالبة السفراء الأمريكان في العواصم العربية بمغادرتها اعتراضا علىه. وكان يجب ان يعلم السيد ترامب منذ ان اجتمع برؤساء الدول العربية والإسلامية في الرياض ان القدس والحقوق الفلسطينية هي خط احمر ، ولكن ذلك لم يحصل، بل حصل ترامب على منافع لا يحلم بها وبدون اي مقابل . كما ان الجامعة العربية التي كان يجب ان تقوم وقبل ان يصدر القرار المتوقع بحث أعضائها على التصدي المبكر له والتركيز على خطورته وان تدعوا الدول الاسلامية والصديقة لاتخاذ قرارات مشابهة. انشغلت بامور ثانوية تنسجم والتشرذم العربي. ولكن هل تجرؤ حكومة عربية او الجامعة على فعل ذلك، حتى الدعوة لاجتماع قمة إسلامي طاريء ردا على هذا القرار جاءت من تركيا وليس الجامعة العربية او اي دولة عربية. ودعوة مجلس الامن لجلسة طارئة جاءت من اليابان!!! والمتتبع لأغلب الفضائيات العربية الإخبارية يجدها لا تزال تعطي أهمية اكبر للنزاعات الإقليمية والضيقة وليس لقرار الرئيس الامريكي الخطير والمهين.
وفِي ظل هذا الوضع الماساوي الذي تعيشه الأنظمة العربية وعجزها عن مواجهة هكذا قرار لا يمكن التعويل الا على الشعب العربي وبالذات الشعب الفلسطيني الذي افشل مخططات صهيونية عديدة كان اخرها قرار نصب الأبواب الالكترونية على مداخل المسجد الأقصى. لقد استنكر قادة الدول (الكبرى) والاتحاد الأوربي ، هذ القرار وأكدوا انهم لن يحذو حذوه، وهذا شيء حسن ولكن يجب ان تنتهز هذه الفرصة لتشجيع هذه الدول لكي تكون منسجمة مع تنديدها بهذا القرار ان تقوم بالاعتراف بدولة فلسطين المستقلة.
ان تقدم الولايات المتحدة على تصعيد الدعم لإسرائيل و عدم المبالاة بالمشاعر العربية ليس بالأمر الجديد والغريب، ولكن الغريب ان يتم السكوت عليه. ان عجز الأنظمة العربية على مواجهة تحديات مماثلة او السكوت على الاعتداءات الاسرائيلة أوجد التطرّف في المنطقة وغذاه واوجد الارهاب وبرره ، وهذا القرار الذي يتحدى كل القرارات الدولية التي اعتبرت الاراضي التي سيطرت عليها اسرائيل بعد عام ١٩٦٧ أراض محتلة ولا يحق لإسرائيل اجراء اية تغيرات فيها او عليها، سيكون له ارتدادات شعبية عربية واسلامية كبيرة ستجعل السيد ترامب ونتنياهو يندمون على الأقدام عليه.
وأخيرا وليس اخر ماذا سيقول الحكام العرب الذين يصرون على التحالف مع الولايات المتحدة علنا ومع اسرائيل سرا على هذه الضربة التي وجهت لهم امام شعوبهم. ان هذه الخطوة وبكل صراحة وضعتهم جميعا، ومعهم كل من كان ولا يزال يقول ان الولايات المتحدة صديقة للعرب وتهتم بمصالحهم او انها جهة محايدة ويمكن ان توجد حلول ناجحة لمشاكل المنطقة، في موقف حرج ومذل ولا يحسدون عليه وأثبت ترامب بل والغالبية العظمى من الساسة الأميركان انهم ليس فقط لا يبالون ولا يفكرون في إيجاد حلولا منطقية وعادلة لمشاكل المنطقة وخاصة المشكلة الفلسطينية ، وانما اثبت وبِما لا يقبل الشك بانه لا يبالي حتى بسلامة وأمن وحماية حلفائه من الحكام و دولهم في المنطقة، بل وفِي الوطن العربي والعالم الاسلامي كله. في الفضائية الإخبارية الإسرائيلية 124 ظهر محللون اسرائيليون لمناقشة هذا القرار وأكد اكثر من واحد منهم من المطلعين على بواطن الأمور ان الرئيس ترامب اتخذ هذا القرار بعد ان ضمن موافقة الدول العربية الاساسية، وان التصريحات الرسمية العربية الشاجبة ما هي الا لذر الرماد في العيون.؟ فهل سيكون الرد العربي الرسمي سياتي ليؤكد هذه الأخبار، ام هناك بقية من كرامة ستظهر في هذا الوقت العصيب؟ في سورة الإسراء في القران الكريم وعدنا الله العلي القدير بالنصر على بني اسرائيل في نهاية الامر ، ولذلك فان ايماننا بهذه النتيجة وبقدرة الشعب العربي وخاصة الفلسطيني منه يجب ان تبقى ثابتة رغم كل الماسي والإحباطات و ان وعد الله حق.

التعليقات معطلة.