تستمر الحرب المدمّرة بين الجيش الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) من دون أي أمل في التوصل إلى حل.
وتُطرح تساؤلات عديدة بشأن المستقبل في حال توقف الحرب.
في ما يأتي وجهات نظر عبر عنها مسؤولون إسرائيليون وأميركيون وفلسطينيون بشأن ما يمكن أن يحدث لقطاع غزة الفلسطيني المدمّر جراء القصف الإسرائيلي رداً على هجوم حماس الدامي على إسرائيل في 7 تشرين الأول.
مسودة خطة إسرائيلية
كشف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الخميس عن الخطوط العريضة لخطته “لما بعد الحرب” في قطاع غزة.
وقال الوزير للصحافيين إنّه وفقاً لهذه الخطة فإنّ العمليات العسكرية “ستستمرّ” في قطاع غزة إلى حين “عودة الرهائن” و”تفكيك القدرات العسكرية والحكومية لحماس” و”القضاء على التهديدات العسكرية في قطاع غزة”.
وأضاف أنّه بعد ذلك تبدأ مرحلة جديدة هي مرحلة “اليوم التالي” للحرب والتي بموجبها “لن تسيطر حماس على غزة” التي تحكمها منذ العام 2007.
وأكد غالانت الخميس أنّه بموجب خطته “لن يكون هناك وجود مدني إسرائيلي في قطاع غزة بعد تحقيق أهداف الحرب”، وأن هذه الخطة تقضي مع ذلك بأن يحتفظ الجيش الإسرائيلي بـ”حرية التحرّك” في القطاع للحدّ من أيّ “تهديد” محتمل.
وشدّد على أنّ “سكّان غزة فلسطينيون. وبالتالي فإنّ كيانات فلسطينية ستتولى (الإدارة) بشرط ألا يكون هناك أيّ عمل عدائي أو تهديد ضدّ دولة إسرائيل”.
ولم يحدّد غالانت من هي الجهة الفلسطينية التي يتعيّن عليها، وفقاً لخطّته، أن تدير القطاع المحاصر البالغ عدد سكّانه 2,4 مليون نسمة.
ورأى مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق إيال هولاتا، في حديث أمام صحافيين الخميس، أنّ إسرائيل “خسرت هذه الحرب في 7 تشرين الأول”. واعتبر أنّ “السؤال الوحيد (حالياً) هو ما إذا ستكون إسرائيل قادرة على هزيمة حماس”.
اليمين المتطرف الاسرائيلي
وكان وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير دعا الاثنين إلى عودة المستوطنين اليهود إلى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب وإلى “تشجيع” السكان الفلسطينيين على الهجرة، غداة دعوة مماثلة صدرت عن وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش.
وينتمي الوزيران إلى اليمين المتطرف ويقيمان في مستوطنات يهودية تعتبرها الأمم المتحدة غير قانونية بموجب القانون الدولي، في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.
ولم تقترح حكومة بنيامين نتنياهو رسمياً منذ بداية الحرب خططاً لطرد سكان غزة أو إعادة المستوطنين اليهود إلى القطاع.
من جانبه، أبدى المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك الخميس “قلقا شديدا حيال تصريحات مسؤولين إسرائيليين كبار حول خطط لنقل المدنيين من قطاع غزة إلى دول ثالثة”، مذكراً بأن “القانون الدولي يحظر النقل القسري لأشخاص يحظون بالحماية داخل أرض محتلة أو ترحيلهم منها”.
وسحبت إسرائيل قواتها وثمانية آلاف مستوطن من قطاع غزة بصورة أحادية في العام 2005 بعدما احتلّته طوال 38 عاماً، لكنها فرضت حصاراً برياً وبحرياً وجوياً على القطاع منذ العام 2007 وما زالت الأمم المتحدة تعتبرها قوة محتلة في غزة.
الولايات المتحدة
اقترحت واشنطن أن تؤدي السلطة الفلسطينية بعد الحرب، دوراً في حكم قطاع غزة، لافتةً إلى أنها “تحتاج إلى تجديدٍ وتنشيط وتحديث في ما يتعلق بأسلوب حكمها، وتمثيلها للشعب الفلسطيني”.
وتشهد السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس تراجعاً في شعبيتها، وتمارس حالياً سلطة محدودة في الضفة الغربية المحتلة.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية الثلثاء أن “غزة هي أرض فلسطينية وستبقى أرضاً فلسطينية، وحماس لن تبقى مسيطرة على مستقبل” القطاع، رافضة التصريحات “غير المسؤولة” التي أدلى بها الوزيران بن غفير وسموتريتش.
وبدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مساء الجمعة جولة إقليمية جديدة يلتقي خلالها مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين وآخرين.
الفلسطينيون
في حزيران (يونيو) 2007، سيطرت حماس الفائزة في الانتخابات الفلسطينية قبل عام، على غزة بعد قتال دامٍ مع حركة “فتح” بزعامة عباس التي طُردت من القطاع.
وباءت محاولات متعددة للمصالحة بين “حماس” و”فتح” بالفشل.
لكن رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنية أعلن الثلثاء أن الحركة “منفتحة” على وجود ادارة فلسطينية واحدة لحكم غزة والضفة الغربية.
وقال “نحن منفتحون من أجل إعادة المرجعية الوطنية وحكومة وطنية في الضفة وغزة”.
من جهته، أكّد محمود عباس أن قطاع غزة “جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية ولا يمكن القبول أو التعامل مع مخططات سلطات الاحتلال في فصله أو أي جزء منه”.
ويأتي ذلك بعدما وصلت عملية السلام التي بدأت في 1990 باتفاقات أوسلو إلى حائط مسدود منذ سنوات، وفي حين ليس لدى نتانياهو أي نية لإحيائها.