سيمر الجسم الجليدي بالأرض على مسافة كافية لرؤيته بالعين المجردة – وقد يقدم لوكالة “ناسا” معلومات مهمة حول النظام الشمسي
أندرو غريفين محرّر التكنولوجيا ومراسل العلوم
آخر مرور للمذنب “سي/2022 إي3” بالأرض حدث قبل 50 ألف عاماً (رويترز)
عما قريب سيحل على كوكب الأرض ضيف لم يأته منذ 50 ألف عام.
ويشق المذنب الأخضر طريقه نحو الأرض منذ أشهر عدة، لكنه في هذا الأسبوع سيبلغ النقطة الأقرب إلى كوكبنا وسيكون الأكثر سطوعاً لكل من يرغب في إلقاء نظرة عليه.
ومن هذه النقطة، سيكون المذنب على مسافة 26.4 مليون ميل وسيكون قريباً بما يكفي ليكون واضحاً للعيان. والأكثر من ذلك، أنه سيظل مرئياً في صفحة السماء طيلة أيام الأسبوع الحالي وما بعده.
وفي ما يلي كل ما يمكن توقعه مع اقتراب الزائر الكوني من الأرض وكل ما ينبغي معرفته عن السبب وراء اندفاع المذنبات أصلاً باتجاهنا.
ما هي المذنبات؟
يطلق علماء الفلك على المذنبات اسم “كرات ثلج قذرة”، باعتبارها كتلاً سماوية من الجليد والغبار والصخور. وفي الإجمال، تنشأ المذنبات في “سحابة أورط” الدائرية الجليدية عند الحافة الخارجية للنظام الشمسي وتنحدر منها باتجاه الأرض، يستثنى منها طبعاً مذنب “2 آي بوريسوف” 2I/Borisov الذي ثبتت نشأته خارج المجموعة الشمسية.
وتتكون المذنبات من نواة صلبة من الجسيمات الصخرية والجليد والغبار تحيط بها سحابة رقيقة وغازية من الجليد والغبار أيضاً تدعى “ذؤابة المذنب”. وكلما اقتربت المذنبات من الشمس، ذابت المادة المجمدة فيها محررةً الغاز والغبار المنبعثين من سطحها بواسطة الإشعاع الشمسي والبلازما على شكل ذيل غائم ومواجه للخارج.
ويمكن للمذنبات أن تغادر “سحابة أورط” وتندفع صوب النظام الشمسي الداخلي تحت تأثير قوى الجاذبية المختلفة. وكلما اقتربت من الحرارة المنبعثة من الشمس، ازدادت سطوعاً ووضوحاً. من هنا، قدرة المراصد الفلكية حول العالم على اكتشاف اثني عشر مذنباً تقريباً كل عام.
وبالنسبة إلى “المذنب الأخضر”، فقد صادف آخر مرور له بالأرض حينما كانت سلالة إنسان نياندرتال لا تزال تسكن أوراسيا، وحينما كان أبناء جنسنا يتوسعون إلى ما وراء أفريقيا، وكانت ثدييات العصر الجليدي الكبيرة، من قبيل الماموث والقطط ذات الأسنان السابر، تجوب الأرض، وحينما كان شمال أفريقيا بيئةً رطبةً وخصبةً وممطرة.
وبحسب توماس برنس، أستاذ الفيزياء في “معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا” (كالتيك)، يمكن للمذنب الذي تشكل في المراحل المبكرة لتكوين النظام الشمسي أن يقدم أدلة حول كيفية تكون النظام الشمسي البدائي.
لمَ وهج المذنب أخضر اللون؟
اكتشف المذنب الأخضر، واسمه الرسمي “سي/2022 إي3” (زد تي أف) C/2022 E3 (ZTF)، في الثاني من مارس (آذار) 2022، بواسطة علماء الفلك باستخدام تلسكوب “زويكي ترانزيانت فاسيليتي” Zwicky Transient Facility في مرصد “بالومار” Palomar التابع لكلية “كالتيك” Caltech في سان دييغو. يعكس لونه الزمردي المخضر التركيب الكيماوي للمذنب – وهو نتيجة التصادم بين ضوء الشمس والجزيئات التي أساسها الكربون في ذؤابة المذنب.
ومع اقتراب المذنب حالياً من الأرض، تعتزم وكالة “ناسا” مراقبته بواسطة “تلسكوب جيمس ويب الفضائي” بحثاً عن أدلة حول تكوين النظام الشمسي.
وقال عالم الكواكب ستيفاني ميلام من مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في ماريلاند، “سنبحث عن بصمات جزيئات معينة لا يمكننا الوصول إليها من الأرض. نظراً لأن تلسكوب جيمس ويب حساس جداً، فإننا نتوقع اكتشافات جديدة”.
كيف يمكن مشاهدة “المذنب الأخضر”؟
إذا كانت السماء صافية، يمكن مشاهدة المذنب في النصف الشمالي من الأرض باستخدام المناظير. ووفق الحسابات الفلكية، سيظهر المذنب يوم الإثنين بين مجموعة “بنات نعش الكبرى” النجمية Big Dipper ونجم “الجدي” Polaris و”نجمة الشمال”. وفي يوم الأربعاء، كان ظاهراً بالقرب من كوكبة “الزرافة” Camelopardalis المحاطة بكوكبة “الدب الأكبر” و”الدب الأصغر”.
ومن أجل الاستمتاع بمنظر المذنب أثناء مروره بكوكبنا وابتعاده من الشمس باتجاه المناطق الخارجية للنظام الشمسي، لا بد من العثور على موقعٍ ناء وتجنب المناطق المأهولة المليئة بالتلوث الضوئي.