قدّم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صباح اليوم حكومته الجديدة برئاسة رئيس الوزراء الشاب غبريال أتال (34 عاماً) بوزرائها الجدد، ستيفان سيجورني وزيراً للخارجية، وهو رئيس تيار “النهضة” الماكروني، ورشيدة داتي وزيرة للثقافة، وهي عمدة الدائرة السابعة في باريس ووزيرة العدل السابقة في عهد نيكولا ساركوزي، وكاترين فوترين، وزيرة العمل الجديدة التي كانت أيضاً وزيرة في عهد ساركوزي.
وجدد ماكرون لوزرائه ذوي الوزن الثقيل، بينهم الثاني في الحكومة وزير المالية برونو لومير الذي كلفه أيضاً بالطاقة، فيما احتفظ جيرالد دارمانان بالداخلية، ودوبون موريتي بالعدل، وسباستيان لوكورنو بوزارة الجيوش.
هدف ماكرون من تغيير حكومته هو، حسب ما نقل عنه، إعطاء دفعة جديدة لحكمه مع إعطائها صبغة الشباب عبر أتال. لكن حكومته أخذت لوناً يمينياً مع دخول عناصر جديدة فيها من عهد الرئيس اليميني السابق ساركوزي، إذ حازت رشيدة داتي من حزب الجمهوريين المنصب الذي كانت تتبوأه الوزيرة اللبنانية ريما عبد الملك المحسوبة على اليسار.
وكانت داتي شديدة الانتقاد لسياسة ماكرون منذ بضعة أشهر، وندّد الحزب الجمهوري اليميني في البرلمان بقبولها الدخول في حكومة ماكرون. أثارت داتي ردود فعل واسعة في الوسط السياسي الفرنسي إذ رأى البعض أن دخولها قنبلة. والبعض الآخر، مثل وزير الثقافة السابق فريديريك ميتران، قال إنها “لا تعرف شيئاً عن الثقافة، ولكن هذا ليس مهماً، فاختيارها لوزارة الثقافة خيار جيد لأنها قوية وشجاعة وبإمكانها أن تواجه النقابات”. أما أعضاء حزبها فبعضهم قال إنها انتهازية وينبغي طردها من الحزب.
وزير الخارجية الجديد سيجورني لا يملك أي خبرة دبلوماسية، وهو مصنف على أنه “ماكروني” لأنه منذ وصل ماكرون الى الرئاسة كان يتبعه في تياره “إلى الأمام” الذي تحول لاحقاً الى “النهضة” وصار رئيساً له. سيجورني من مواليد 1985، عاش في أسبانيا والأرجنتين وكان سابقاً شريك حياة رئيس الحكومة غبريال أتال وقد انفصلا قبل سنتين. أما أتال فهو تونسي يهودي ووالدته روسية أرثوذكسية، وكان أساساً ذا ميول يسارية عندما كان طالباً، لكن تعيينه في رئاسة الحكومة قوبل بترحيب من عدد من نواب اليمين في الجمعية الوطنية.
تسليم وزارة الخارجية لسيجورني لن يغير شيئاً، إذ إن الخارجية تبقى في يد الرئيس ماكرون وفريقه في الإيليزيه، المؤلف من دبلوماسيين من الخارجية. لكن خروج كاترين كولونا هو بمثابة خروج وزيرة عملت في الخارجية منذ أربعين عاماً، وهي تعرف الوزارة والدبلوماسيين فيها بعمق، لكن تقليدياً كان ماكرون هو الذي يضع سياسة فرنسا الخارجية.
أحد النواب المعارضين علّق على هذه التشكيلة بأنها لم تأت بأي دفعة جديدة، إذ إن ماكرون هو فيها وزير الخارجية والدفاع والداخلية في إشارة إلى شخصيته السلطوية. بالنسبة إلى الشرق الأوسط وحرب غزة ولبنان ستبقى سياسة ماكرون نفسها. لكن الرئيس الفرنسي في هذه الحكومة اختار التخلي عن سياسته لا يسار ولا يمين للتقرب من اليمين. فثمة من يتوقع أن تجريد حزب الجمهوريين اليميني الوسطي من أعضائه بإدخال بعضهم إلى الحكومة قد يؤدي الى صعود اليمين المتطرف المتمثل بمارين لوبن، رئيسة التجمع الوطني، ونائبها الشاب جوردان بارديلا المنافس الشاب لأتال.
اختار ماكرون في هذه التشكيلة الشباب والبراعة الإعلامية لبعض الوزراء، بدلاً عن الخبرات حسب بعض منتقديه في المعارضة. الأسابيع المقبلة ستظهر ما إذا كانت شعبية أتال الحالية ستؤدي الى تحسين مستوى شعبية ماكرون الذي يحظى حالياً بتأييد 20 في المئة فقط في استطلاعات الرأي.