ما الذي تحتاج الحكومات إلى تغييره ؟

1

 
 
عماد عبد اللطيف سالم
 
أعدّتْ مؤسسة KPMG وهي مؤسسة أبحاث سويسرية ، وكيان تنسيقي لشبكة من الشركات الأعضاء المستقلّة) تقريراً عن حالة المستقبل للحكومات ، وهي تواجه المتغيرات العالمية الكبرى، لغاية العام 2030.
 
وهناك دراسات مستقبلية أخرى مثل “دليل الحكومات نحو عام 2071 ” ، وهي بمثابة تقييم تمهيدي للتوجهات العالمية الكبرى وتأثيرها على مستقبل الحكومات خالل السنوات الـ 50 المقبلة. وهذا الدليل هو بمثابة خارطة طريق للحكومات لاستشراف المستقبل ، وسنعرض هنا ماورد في تقرير KPMG بالذات.
 
تحدد النتائج التي توصل اليها هذا التقرير تسعة توجهات عالمية كبرى ، تعتبر الأكثر تأثيراً على الحكومات والمواطنين على حدٍّ سواء ، والأكثرُ أهميةً في تحديد مستقبل الحكومات ، ومسؤولياتها الرئيسة عن الإزدهار الإقتصادي ، والأمن ، والترابط الإجتماعي ، والإستدامة البيئية.
 
وهذه التوجهات العالمية الكبرى هي :التركيبة السكانية / تمكين الفرد/ تمكين التكنولوجيا/ الترابط الإقتصادي/ الدين العام/ تحوّل القوة الإقتصادية/ تغير المناخ / الضغط على الموارد/ التوسع العمراني.
 
ومن خلال دراسة هذه التوجهات ، يعمل التقرير على تحليل تأثير هذه التوجهات الكبرى على الحكومات ، وصولاً الى الخلاصة الرئيسة للتقرير ، التي تتمحور حول الإجابة عن سؤالين أساسيين هما :
 
– ما الذي تحتاج الحكومات إلى تغييره ؟
 
– كيف تنفّذ الحكومات عملية التغيير؟
 
ومع أنّ هذه التوجهات الكبرى مترابطة للغاية على الصعيد العالمي في الأجل القصير، فإنّها،على الصعيد الفردي(الخاص) ، ستكون ذات آثار هامة للغاية في المدى البعيد.
 
لذلك فإنّ الحكومات ستكون بحاجة ماسّة إلى دراسة آثار هذه التوجهات ، وتقييمها بدقّة ، مجتمعةً ، أو لكل توجّه على حدة.
 
ويقدّم هذا التقرير الخيارات الممكنة للحكومات للنظر في استخدام الأدوات الأساسية المتاحة لها(السياسة، واللوائح ، والبرامج) ، فضلاً عن الستراتيجيات والهياكل والمهارات التي ستحتاج اليها الحكومات مستقبلاً ، من أجل الوصول إلى أداء حكومي يتّسم بالقدرة على تنفيذ برامجها الحالية ، من خلال ربطه بالممارسة المثلى لدورها في المستقبل.
 
ويقترح هذا التقرير أنّ الستراتيجيات الملائمة للنجاح في المستقبل ، ينبغي أن تنطوي على مزيدٍ من التعاون على الصعيد الدولي. وهذا يجب أن يعمل بدوره على تشجيع المواطنين على تغيير سلوكهم إزاء الحكومات ، وعلى التركيز المتزايد على تعاونهم في تنفيذ التدابير الإستباقية لتخفيف أسوأ التأثيرات المحتملة على أوضاعهم المستقبلية.
 
ويتطلب ذلك جعل الحكومات أكثر تكاملاً ، وأكثر تركيزاً على الخارج ، لتحقيق أفضل وأكبر استفادة من التكنولوجيا ، لينعكس ذلك بدوره ، وبشكلٍ إيجابيٍّ ، على المواطنين.
 
كما سيكون التنسيق من أجل تطوير القدرات في مجال صنع السياسات العامة ، وفهم توجهات ومتطلبات “أصحاب المصلحة” ، قضايا أساسية لتحقيق الإستفادة القصوى من الفرص ، ومن أجل إدارة المخاطر بكفاءة في عالمٍ متغيّر.
 
ويؤكّد هذا التقريرعلى أنّهُ ليس هناك مسارٌ واحد يتعين على جميع الحكومات السير على نهجه.
 
ونظراً لأنّ هذا التقرير ذو طابع عالميّ ، فسوف تتطلّب التوجهات الكبرى المذكورة فيه قيام الحكومة بدراسة تأثير كل توجّه منها على المستوى الوطني(المحلي) ، مع مراعاة الإحتياجات المُلحّة والمختلفة للبلد مقارنةَ بالبلدان الأخرى، وطبيعة وخصائص وسمات ومراحل عملية التنمية الإقتصادية والإجتماعية(الشاملة) القائمة فيه ، وأيضاً طبيعة وخصائص وسمات نمط(أونموذج) النظام السياسي القائم فيه ، هذا فضلاً عن عوامل اخرى كثيرة ينبغي التعامل معها بنهجٍ مختلفٍ تماماً عن تعامل حكومات اخرى معها.
 
أعرض هذا التقرير على حكومتنا الجديدة .. عسى أن تقرأ .. وتتأمّل .. وتتحسّب ، ليس لما هو قائمٌ فقط ، وإنّما لما سوف يأتي .
 
ولعلّ وعسى أن تستفيد منه ، بأفضل طريقةٍ ممكنة ، للتعامل مع اشتراطات ومعطيات عالم يتغيّر بسرعة .. لأن نطاق عملها ليس العراق وحده ، وإنّما العالم بأسره .

التعليقات معطلة.