ما الذي يحمله أردوغان بجعبته للعراق؟

1

ما الذي يحمله أردوغان بجعبته للعراق؟

كتب / انتصار الماهود ||

لا يخفى على من يتابع الشأن العراقي _التركي هو عمق العلاقات بين البلدين تأريخيا واقتصاديا وسياسيا وقد مرت هذه العلاقة بتوترات كثير خاصة في السنوات الأخيرة وكان للعديد من الملفات العالقة بين البلدين السبب الرئيس في هذه التوترات والتي وصلت أحيانا للتشنج والتراشق بالتصريحات بين سياسي البلدين.

إن ما يربط العراق بتركيا هي علاقة جيوسياسية مهمة من الموقع الجغرافي والحدود المشتركة والتبادل التجاري ووجود لاجئين عراقيين ومقيمين في تركيا وهذا الذي يعزز إستمرار العلاقات وإن تعرضت للتوترات كما ذكرنا.

لذلك نرى زيارة الرئيس المنتخب للولاية الثانية رجب طيب اردوغان في هذه الفترة للعراق يبين حجم أهمية هذه الملفات العالقة والتي رتبت ضمن أجندات سياسية للبلدين من أجل التفاوض حولها، لنتعرف على أهم هذه الملفات وما الذي تمثله بالنسبة للعراق أولا وما هي الفائدة من تسريع جولة اردوغان للعراق:

1.ملف حزب العمال الكوردستاني المعارض للنظام التركي PKK والذي يستقر أغلب أفراده في كوردستان العراق / جبل قنديل

ويعتبر هذا الحزب بنظر تركيا جبهة عسكرية سياسية تهدد أمن تركيا وتعرضها للمخاطر ومن الضروري على الأقل تحجيم او تحييد حركته داخل وخارج تركيا وهذا ما تم الاتفاق عليه بين حكومة الإقليم و تركيا حيث سمحت حكومة الإقليم لتركيا بالملاحقة العسكرية لعناصر الحزب المعارض دون الرجوع للحكومة المركزية وهذا ما سبب توترا بين العراق و تركيا من جهة و بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم من جهة أخرى، وقد بلغت القواعد العسكرية والمعسكرات التركية في كوردستان حسب آخر إحصاء رسمي 20 بين قاعدة ومعسكر ولم يتم الافصاح عن العدد الفعلي للجنود الأتراك فيها الموزعين بين محافظتي دهوك و أربيل.

ويعتبر حسم ملف حزب العمال مهم للبلدين من أجل عودة الإستقرار شمال العراق وإيقاف العمليات العسكرية على جيوب المعارضة التركية والتي تستغل تواجدها بين المدنيين العراقيين.

2.ملف المياه:

يعتبر العراق ملف المياه من الملفات الحساسة والحرجة والتي يجب معالجتها بصورة سريعة نظرا لما يتعرض له العراق من موجات جفاف وتقليل حصته المائية من تركيا الى أكثر من النصف حيث بلغت 65% فقط من حصته وقلة تساقط الامطار في المواسم الاخيرة مما أدى الى تقلص الأراضي الصالحة للزراعة فيه الى 50% و تقلص مساحات الاهوار في جنوب العراق الى النصف ايضاً، حيث إن تركيا قللت حصة الاطلاقات المائية الى 400 م مكعب بينما الحاجة الفعلية للعراق وبحسب تصريح وزارة الموارد المائية هي 900 م مكعب.

لم تعر تركيا مطالبات العراق أي أهمية أو إيجاد حل جذري لمعالجة هذه الأزمة بالاتفاق بين البلدين بل كل ما فعلته هو اتفاق طاريء مؤقت سمح للعراق بالإستفادة من الإطلاقات المائية والتي بلغت 1500 م مكعب فقط لشهر واحد قابل للتمديد حسب الطواريء والذي يعتبر حل ترقيعي لن يستفاد منه العراق بالذات لعدم وجود سدود وخزانات كافية للاستفادة من هذه الإطلاقات ، وقد إستفادت تركيا من اللعب بورقة المياه سياسيا بعد بنائها لأكبر سد في آسيا وهو سد أليسو والذي دخل الحيز الفعلي للعمل عام 2018 وبدأت الترويج ضمنيا لمقولة برميل نفط مقابل برميل ماء للعراق وتحججت تركيا بسياستها المائية إن العراق لم يستفد سابقا من الإطلاقات المائية بسبب سوء إدارته لهذا الملف ومن جهة أخرى إن تركيا نفسها تتعرض لموجات جفاف بعد قلة تساقط الأمطار و إنخفاض مناسيب دجلة والفرات فيها.

فهل سينجح المفاوض العراقي بالمطالبة بحصته المائية العادلة من تركيا؟

3. ملف طريق التنمية او القناة الجافة:

يعتبر هذا الملف من الملفات المهمة ربما لتركيا إقتصاديا اكثر من باقي الملفات ربما بسبب الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها تركيا من انهيار عملتها خلال السنوات الاخيرة و تحجيم صادرتها الاقتصادية للعديد من الدول الاوربية بعد أزمة كورونا العالمية، لذلك تعتبر تركيا العراق من الدول المهمة لها من الناحية الإقتصادية والتي ترغب من أن تستفاد من العلاقة معها لأقصى درجة فهي ترغب بزيادة حجم التبادل التجاري ليصل الى 5 مليار دولار سنويا بعد ان كان 2 مليار دولار خلال سنة 2022 حسب آخر إحصاء لبعض المجلات الاقتصادية، وزيادة حجم التبادل يحتاج الى نشاط غير مسبوق وذكاء من الجانب التركي لترغيب الجانب العراقي من الموافقة على ما تريده تركيا، وتعتبر القناة الجافة من أهم النقاط التي ترغب تركيا بتفعيلها مع الجانب العراقي والعمل بها بأسرع وقت ممكن حسب وجهة نظرها لاهميتها الاقتصادية والجغرافية والتي ستنعكس على الجانب السياسي وتعزيز دور تركيا إقليميا ودوليا، وتعتبر القناة الجافة نقطة وصل بين دول الصين وجنوب اسيا والخليج العربي عبر العراق الى تركيا ودول أوربا وهو خط ستراتيجي إقتصادي مهم جدا سعت تركيا منذ بدء إعلان العراق عنه للتعاون من أجل توقيع الاتفاقيات التجارية أما عن فوائد القناة الجافة حسب تقدير المحللين الإقتصاديين والسياسيين لكلا البلدين هي:

أ. ربط موانيء العراق بتركيا بشكل مباشر عن طريق ميناء مرسين التركي.

ب. إختصار الوقت لنقل البضائع والسلع والتي تصل الى 50%.

ج. تحقيق منافع اقتصادية كبيرة حيث لو تم إنجاز المرحلة الاولى والتي من المقرر أن تنتهي عام 2028 وتليها مرحلتين عام 2035 /2050 ستبلغ نسبة الأرباح المتوقعة حوالي 4.850 مليار دولار سنويا فضلا عن توفير أكثر من 100 ألف فرصة عمل للشباب.

وإن تفعيل إتفاق القناة الجافة يدخل ضمن خطة او مفهوم الوطن الأزرق والذي تبعه أردوغان منذ عام 2016 أي بعد المحاولة الفاشلة للإنقلاب عليه ( وهي الهيمنة الاقتصادية على المنطقة المجاورة لتركيا والمياه الإقليمية والجرف القاري التي تشمل بحار المتوسط والاسود وايجة) حيث إن الهيمنة الإقتصادية تجلب الهيمنة السياسية والتحكم بالقرار الدولي حسب مفهوم أردوغان.

د. الملف الأخير هو ملف إستئناف تصدير النفط العراقي المتوقف لتركيا وبواقع 500 الف برميل يوميا عبر ميناء جيهان التركي ، حيث لايخفى على المتابع للشأن الدولي إن العراق ربح دعوى تحكيم من غرفة التجارة الدولية ضد تركيا وحكومة إقليم كوردستان والتي كانت تصدر حوالي 450 الف برميل يوميا الى تركيا بسعر رمزي دون الرجوع بهذا الإتفاق الى الحكومة المركزية في بغداد وكسبت بغداد الدعوة في 25/3 آذار من العام الحالي و تكبيد تركيا بتعويض بلغ 1.5 مليار دولار بسبب تصدير النفط لها من عام 2014/2018 و خسارة الاقليم لحوالي 2 مليار دولار بسبب توقف ضخ النفط العراقي الى تركيا.

إن تلك الملفات الحيوية العالقة دفعت بالرئيس التركي بنفسه للقدوم على رأس وفد رفيع المستوى من أجل حل المسائل العالقة مع العراق والوصول لتفاهمات جديدة حسب التطورات السياسية الحالية فهل يا ترى سينجح المفاوض العراقي والحكومة العراقية من الاستفادة من مواقع القوة التي تملكها لتفرضها على المفاوض التركي؟؟

ونرجع لنقول بقت يم الله و مروتهم.

التعليقات معطلة.