يُعد خل التفاح مفضّلاً لدى المؤثرين في مجال الصحة وعشاق الطب البديل، خل التفاح عاد إلى الواجهة بعد ظهور مسلسل جديد على «نتفليكس» يحمل نفس الاسم.
لكن ماذا عن خل التفاح نفسه؟ هل هناك أي فوائد حقيقية من تناوله، أم يجب معالجته بجرعة كبيرة من التشكيك؟
ما الذي يحتويه خل التفاح؟
كما يوحي الاسم، يُصنع خل التفاح عن طريق تخمير التفاح. ومثل غيره من أنواع الخل، المكون الرئيس له -بخلاف الماء- هو حمض الأسيتيك الذي يتكون من السكريات التي تخمرها البكتيريا في الخل. تترك هذه البكتيريا، بالإضافة إلى التفاح، مجموعة من الجزيئات الأخرى التي تمنح الخل طعمه المميز.
تقول الباحثة في مجال التغذية بجامعة جنوب أستراليا، إيفانجولين مانتزيوريس: «يستخدم خل التفاح كثيراً في الطهي النباتي لأنه يضيف بعض النكهات الخاصة».
وأفادت لشبكة «إيه بي سي» الأميركية: «عندما يصنع الناس أطعمة مثل الجبن النباتي المخبوز، فإن إضافة خل التفاح بدلاً من عصير الليمون أو الخل العادي تعطيه نكهة إضافية ترتبط بالبكتيريا».
هل لخل التفاح فوائد صحية؟
وحسب الشبكة الأميركية، فإن عدد الأدلة الداعمة لخل التفاح قليل مقارنة مع الضجة التي يثيرها على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي هذا الصدد، تقول كاترين كيسوك، الباحثة في مجال التغذية بمعهد جورج للصحة العالمية: «في الواقع لا توجد دراسات كافية تُظهر فوائد صحية كبيرة، لكن الأدلة الموجودة حتى الآن إيجابية بشكل غير قاطع».
وتقول الدكتورة مانتزيوريس: «أظهرت الأبحاث التي أُجريت أن الأشخاص الذين تناولوا خل التفاح أحياناً يتمكنون من تحسين التحكم في مستويات السكر في الدم». لكنها تحذر من أن هناك الكثير من التشويش في البيانات؛ حيث تم إعطاء المشاركين في الدراسات كميات تتراوح بين بضع ملاعق صغيرة وما يقرب من 800 ملليلتر من خل التفاح يومياً. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتداخل الحميات الغذائية للمشاركين، والوراثة، ومستوى التمرين مع النتائج.
حتى الأدلة الأضعف تربط خل التفاح ببعض المؤشرات الصحية الإيجابية الأخرى، مثل خفض الكولسترول، حسب ما تقول الدكتورة كيسوك، وتتابع: «هناك إشارات إلى أنه قد يؤدي إلى فقدان الوزن، ولكن لا توجد أدلة متسقة تُظهر ذلك بين الدراسات».
هناك بعض المكونات في خل التفاح قد تساهم في هذه الفوائد الصغيرة. إذ إن عملية التخمير تُنتج مركبات تسمى البروبيوتيك، والتي تقول الدكتورة كيسوك إنها مفيدة لصحة الأمعاء. هناك أيضاً كميات صغيرة جداً من مغذيات أخرى مثل الحديد والمغنيسيوم.
أما حمض الأسيتيك، فيقوم بتحييد الإنزيمات في فمك التي تبدأ في تفكيك الكربوهيدرات، حسب ما تقول الدكتورة مانتزيوريس، وتتابع: «هذا يعني أنه عندما تصل الكربوهيدرات إلى الأمعاء، تحتاج إلى مزيد من الوقت ليتم تحليلها وهضمها إلى وحدات سكرية فردية، لكن هذه ليست خاصية خاصة لخل التفاح. استخدام أي نوع من الخل مع سلطاتك، أو إضافة عصير الليمون على الطعام، يمكن أن يكون له نفس التأثير».
والعديد من فوائد هذه المكونات يمكن الحصول عليها عن طريق تناول نظام غذائي يتكون في الغالب من الأطعمة الكاملة مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والمكسرات والبذور. لذا، لا ضير من إضافته إلى وجباتك، لكن لا داعي لإضافة الكثير.
وتردف الدكتورة مانتزيوريس: «ما يخبرنا به هذا حقاً هو أن الأطعمة النباتية صحية بالنسبة لنا». وتتابع: «إذا كنت تحب تناول خل التفاح في وجباتك، فلا بأس… إذا كنت تسعى فقط لاستهلاك خل التفاح لخفض مستويات السكر في الدم، فهناك على الأرجح العديد من الأشياء الأخرى التي يمكنك القيام بها في نظامك الغذائي أيضاً».
هل لخل التفاح أي مخاطر؟
وتقول الدكتورة مانتزيوريس: «طعمه سيئ جداً، لكن بجدية أكثر -أو إذا كنت تحب المذاق- يمكن أن يضر بأسنانك، وبسبب حموضته العالية، يمكن أن يدمر مينا الأسنان، لذا يجب أن يكون الناس حذرين بشأن كيفية تناوله».
كما هو مذكور في المسلسل على «نتفليكس»، غالباً ما يروج المؤثرون لشرب خل التفاح بشكل مباشر. إذا كنت ستقلد ذلك، توصي الدكتورة مانتزيوريس باستخدام ماصة وشطف فمك بعد ذلك لتقليل المخاطر على أسنانك. وهذا ينطبق على المشروبات الحمضية الأخرى، بما في ذلك ماء الليمون -وهو المفضل أيضاً لدى المؤثرين في مجال العافية.
وقد تتداخل حموضة خل التفاح أيضاً مع الأدوية، وتقول الدكتورة مانتزيوريس: «إذا كان الأشخاص يتناولون أدوية ويريدون استخدامه، ينبغي عليهم التحدث مع طبيبهم أولاً».
وبخلاف تأثيره على الأسنان، قد يسبب خل التفاح بعض الأعراض غير المريحة -مرة أخرى، بسبب حموضته. تقول الدكتورة كيسوك: إن شربه قد يضر بالمريء الذي يربط فمك بمعدتك. فالحموضة قد تؤدي أيضاً إلى اضطرابات أخرى في المعدة، أو حتى الارتجاع الحمضي.
وتتابع كيسوك: «وجدت دراسة واحدة اطلعت عليها تشير إلى زيادة التجشؤ والريح من خل التفاح. لا توجد أدلة كافية لتحديد مقدار خل التفاح الذي يعتبر مفرطاً»، ولكن تشير الدكتورة كيسوك إلى أن «العديد من فوائد خل التفاح الصحية تظهر عندما تتناوله مع أطعمة أخرى. عندما يتعلق الأمر، خصوصاً، بمستويات السكر في الدم، يجب تناوله في نفس وقت الوجبة بدلاً من تناوله بمفرده».
لذا، في حين أنه من الجيد إضافته إلى تتبيلة سلطتك، فإن خل التفاح ليس الحل السحري الذي يأمل الكثير من الناس أن يكون، كما تقول مانتزيوريس.