كشف تقرير، اليوم الاثنين، عن السر الذي جعل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يتحالف مع هادي العمري “سائرون” مع “الفتح” لتشكيل الاغلبية السياسية، التي من شأنها تشكيل الحكومة المقبلة.
واوضح التقرير ان تداعيات كثيرة خلّفتها نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية، التي جرت في أيار الماضي؛ إلا أن دخول زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في تحالف جديد مع ائتلاف “الفتح” بزعامة هادي العامري فاجأ الأوساط السياسية والشعبية داخل البلاد وكذلك مراقبين في الخارج.
وفي 12 حزيران الجاري، أعلن الصدر، عن تشكيل تحالف جديد بين ائتلاف “سائرون”، الذي يدعمه، وائتلاف “الفتح” الذي يقوده هادي العامري.
ووفق نتائج الانتخابات المعلنة في أيار الماضي، حل تحالف “سائرون”، المدعوم من الصدر، في المرتبة الأولى بـ54 مقعدا من أصل 329، يليه تحالف “الفتح” بـ47 مقعدا.
وجاء الإعلان عن هذا التحالف مؤخرا، رغم أن ظاهر الحال يوحي بأن الرجلين ينتميان لخطين سياسيين متباعدين، حيث يُصور الصدر نفسه على أنه “رجل قومي”، يعمل على تعزيز علاقات العراق مع الدول العربية؛ وخاصة دول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية، وهو ما يحظى برضا الولايات المتحدة أيضا.
في المقابل، تحظى كتلة العامري وهي تحالف مكون من أذرع سياسية لفصائل “الحشد الشعبي”، بدعم واضح من إيران المنافس الإقليمي للسعودية.
يعتقد القاضي وعضو البرلمان الأسبق عن “التحالف الوطني الشيعي” وائل عبد اللطيف، أن هذا التحالف هو ثمرة تفوق إيران على الولايات المتحدة، حسب عربي 21.
وقال عبد اللطيف، إن “جهود (قائد الحرس الثوري الإيراني) قاسم سليماني والإرادة الإيرانية تغلبت على الإرادة الأمريكية”، لافتا إلى أن “طهران مارست ضغوطا لأيام متتالية أفضت إلى تحالف العامري والصدر”.
وأضاف “لا أستبعد دخول نجل المرشد الإيراني علي خامنئي، مجتبى، على خط التفاهمات والاجتماعات التي جرت”.
يأتي ذلك في إشارة إلى زيارة غير رسمية أجراها نجل خامنئي إلى العراق، الأحد قبل الماضي، واجتماعه على مائدة إفطار رمضانية، بكل من قاسم سليماني، وزعيم “ائتلاف دولة القانون”، نوري المالكي، فضلا عن العامري، وقادة “الحشد الشعبي” في مقر السفارة الإيرانية ببغداد.
وذهب مراقبون إلى الاعتقاد آنذاك، بأن إيران تعمل على رص صفوف السياسيين الشيعة المقربين منها، وعلى رأسهم المالكي، والعامري في مواجهة التحالف الذي يعمل الصدر على تشكيله، وذلك قبل أن يفجّر الأخير مفاجأته الأخيرة بالتحالف مع العامري.
ورأى الأكاديمي والباحث العراقي المقيم في واشنطن، هيثم الهيتي، أن المعطيات الأخيرة لنتائج الانتخابات فرضت هذه التحالفات، في ظل عدم تحقيق أي كتلة سياسية لفوز ساحق من جهة، وإصرار بعض القادة السياسيين على التخندق داخل كتلهم الأم من جهة أخرى.
وقال الهيتي إن “هذا فُرض فرضا على مقتدى الصدر، والسبب الرئيسي هو (رئيس الوزراء) حيدر العبادي، لأنه رفض مغادرة حزب الدعوة، ولم يؤسس كتلة وطنية مدنية جامعة وعابرة للطائفية، ويؤسس مع الصدر مشروعا وطنيا”.
ويتزعم العبادي ائتلاف “النصر” الذي حل ثالثا بـ42 مقعدا، وينتمي لحزب “الدعوة”، الذي يقود الحكومات العراقية المتعاقبة منذ تنظيم الانتخابات في العراق عام 2006، في أعقاب إسقاط النظام العراقي السابق على يد قوات دولية قادتها الولايات المتحدة.
وأضاف الهيتي متسائلا “إذا لم يتحالف الصدر مع العامري فمع من يتحالف لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان؟ الكورد لن يتحالفوا معه، وبالنسبة للسنة فهم غير واضحين في تحالفاتهم”.
ورغم أن أنصار طرفي تحالف الصدر-العامري، كانوا في خصومة واضحة على مدى سنوات، فإنهم باتوا يبررون التحالف بأنه يجنب البلاد حربا شيعية-شيعية.
إلا أن المراقب السياسي العراقي، نجم القصاب، يتصور أن ثمة هدفا آخر لا يبتعد عن دائرة البيت الشيعي، يقف خلف هذا التحالف، وهو أن أغلب الشيعة باتوا على قناعة بضرورة سحب منصب رئيس الوزراء من حزب “الدعوة”.
وقال القصاب للأناضول، إن “هناك اتفاقا (غير معلن) بين الزعامات الشيعية بعدم إسناد منصب رئاسة الوزراء لحزب الدعوة، الذي سيطر على المنصب لثلاث دورات متتالية”.
وأضاف القصاب “اليوم لا يملك حزب الدعوة سوى 15 مقعدا نيابيا وفق نتائج الانتخابات”.
وقاد الصدر احتجاجات واسعة على فترات متباينة على مدى أكثر من عامين ضد الفساد المستشري في دوائر الدولة.
وكان يلقي في الغالب باللائمة على نظام “المحاصصة الطائفية” المتبع في تشكيل الحكومات العراقية، والكفيل بتولي حزبين قد لا يتمتعان بالكفاءة، المناصب الرفيعة في البلاد.
وحمل الصدر، خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، سيف محاربة المحاصصة والفساد. وقال إنه سيعمل على تشكيل حكومة من الفنيين التكنوقراط بعيدا عن المحاصصة القائمة على توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف والقوميات.
وعندما انضم تحالف المالكي لفترة وجيزة إلى تحالف العامري قُبيل الانتخابات، علق الصدر بالقول “أعزي الشعب العراقي” بهذا التحالف، الذي وصفه حينها بأنه يخدم المحاصصة الطائفية.
غير أن الصدر وضع نفسه في مرمى الاتهامات التي كان يلقيها بالأمس على الآخرين.