مقالات

ما كان مأمولاً في القمة العربية الأوروبية

 
 
طارق أشقر
 
رغم تأكيد البيان الختامي للقمة العربية الأوروبية التي اختتمت أعمالها بشرم الشيخ المصرية على أهمية تعزيز الشراكة العربية الأوروبية ودعم نظام دولي حقيقي ومتعدد الأطراف، إلا أن ذلك التأكيد العميق المعنى لم يترك للمراقبين فرصة للعشم والأمل في مكاسب اقتصادية كبرى بعيدة المدى للطرفين، بل لصالح الطرف العربي على وجه الخصوص.
فقد جاءت التفاصيل الأخرى للبيان شارحة للهدف الحقيقي المرجو من الرغبة في تعزيز الشراكة بين الطرفين دون أن يترك مجالا لأي آمال أو آفاق اقتصادية أخرى كان يرجوها الكثير من المراقبين والاقتصاديين الذين يؤمنون بأن التعاون العربي الأوروبي هو مجال كامن وغني بالفرص الاقتصادية العظيمة التي يمكن العمل على تفعيلها لمصلحة الطرفين.
وبقراءة عابرة للبيان الختامي للقمة يتبين أن جميع نقاطه ذات منطلقات أمنية محددة الأبعاد تهدف في نهايتها لضمان الاستقرار الأمني للطرف الأوروبي حتى لو كان ذلك الاستقرار الأمني لأوروبا يمكن الوصول إليه كمحصلة نهائية بعد حل بعض بؤر الصراعات بالجغرافية العربية، والتي تناولها البيان بوضوح مثل الدعوة لإنجاح اتفاق الصخيرات لحلحلة الأزمة الليبية، والترحيب باتفاق ستوكهولم لوقف النار في الحديدة في اليمن، وصولاً إلى الالتزام بوقف الهجرة غير الشرعية وغيرها من البنود والموضوعات الأخرى.
أن يحرص أي طرف سواء كان الأوروبي أو العربي على ضمان استقراره الأمني وحماية اقتصادياته من التأثير السلبي للهجرة الناتجة عن تداعيات الصراعات أو عن المشكلات المناخية، فهذا حق تفرضه مسؤولية الحكومات والدول في الدفاع عن شؤون اقتصادياتها، ولكن أن يكون التركيز في هذا الجانب على المقاربة الأمنية فقط ، فهذا أمر قد يحجم ماهو مأمول دائما من هذا النوع من اللقاءات، خصوصا وأنها تجمع بين “قمم”القارة الأوروبية من كبريات الدول والمنطقة العربية التي تشكل في مجملها “قمة اقتصادية وسياسية وتاريخية” لايستهان بها.
وعلى الرغم من أن الأهداف التي دعى البيان إلى مخاطبتها والعمل على تحقيقها تعتبر “بالنتيجة” النهائية إذا ما تحققت ذات مردودات إيجابية على المنطقة العربية على المدى البعيد، مثلما هي إيجابية على المدى القريب والمتوسط والبعيد على الطرف الأوروبي، خصوصا فيما يتعلق بوقف الهجرة الذي يمكن أن يتحقق بعد حل الصراعات بالمنطقة العربية، إلا أن ماكان مأمولا من هكذا قمم هو أن تتوسع بشكل أكبر في الغوص في كيفية تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري وانتقال التكنولوجيا وتبادل بحوث التطوير والاستدامة وغيرها.
وذلك باعتبار أن التعاون الاقتصادي المثمر والتوسع في “القواعد الاقتصادية” الأوروبية بالمنطقة العربية، يمكنه أن يستقطب ويستوعب قطاعت أكبر من المهاجرين الذين يدقون أبواب أوروبا من منطلقات اقتصادية، بل حتى المهاجرين من منطلقات سياسية، فإن الاستقرار الاقتصادي في تقديري بمقدوره الإسهام بفاعلية في الوصول إلى تسويات بهذا الشأن.وفي كل الأحوال نأمل أن تؤتي القمة بثمارها لتحقق أهدافها فهي بالضرورة مفيدة للطرفين دون اعتبار لأيهما المستفيد الأكبر.آملين في أن تكسب المنطقة العربية بالتساوي مع الأوروبية في القمة القادمة في بروكسل 2020م.