مبادرة العقل العربي

3

يعد «قانون القراءة» الذي أصدره المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، في أكتوبر 2016، أول قانون من نوعه للقراءة في الوطن العربي، والذي يضع أطراً تشريعية وبرامج تنفيذية ومسؤوليات حكومية محددة لترسيخ قيمة القراءة في دولة الإمارات بشكل مستدام.. وذلك في بادرة حضارية وتشريعية غير مسبوقة في المنطقة.

 

حيث يهدف إلى دعم تنمية رأس المال البشري، والمساهمة في بناء القدرات الذهنية والمعرفية، ودعم الإنتاج الفكري الوطني وبناء مجتمعات المعرفة في الدولة، سعياً إلى إعداد أجيال يعملون من أجل تحقيق رؤية الإمارات المستقبلية..

رؤية تتواكب وتعزز وتسير برؤية «استراتيجية الإمارات التعليمية» ودفعها إلى الأمام في إعداد الطالب وتأهيله كي يتسلح بمعارف ومهارات متوازنة، ويصبح قادراً على فهم واستيعاب قيم سوق العمل المستقبلي، بما في ذلك الالتزام والمهنية في العمل.

وفي عام 2015 ومع إطلالة الشهر الفضيل، شهر الخير والتآلف والرحمة، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، حملة «أمة تقرأ».

 

والتي تهدف إلى توفير 5 ملايين كتاب للطلاب المحتاجين في مخيمات اللاجئين وحول العالم الإسلامي، عبر توفير مليوني كتاب للأطفال والطلاب في مخيمات اللاجئين، إضافة لإنشاء وتزويد 2000 مكتبة حول العالم الإسلامي بمليوني كتاب أيضاً ودعم البرامج التعليمية للمؤسسات الإنسانية الإماراتية في الخارج بمليون كتاب.

ولا شك أن مبادرة «أمة تقرأ» كانت تحمل في مضامينها ومفاهيمها معاني الهداية والنور والارتقاء بالعقل الإنساني، لما لهذه الكلمة بالذات في نفوس المسلمين من تأثير عقائدي حسي ثابت في وجدانهم إلى أبد الآبدين، مناسبتها عندما نزل الوحي في بداية عهد الإسلام على سيد الخلق والأنام محمد عليه أفضل الصلاة والسلام مخاطباً إياه «اقرأ».

 

لقد أتت مبادرة تحدي القراءة العربي والتي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في وقت تشير فيه بعض التقارير والدراسات إلى وجود خلل كبير في معدلات القراءة في العالم العربي.

 

حيث يبلغ معدل قراءة الطفل العربي ست دقائق في العام مقارنة بـ12 ألف دقيقة في الغرب، حسب تقرير التنمية الثقافية الذي تصدره مؤسسة الفكر العربي. كما يبلغ معدل القراءة للفرد العربي ربع صفحة سنوياً مقارنة مع 11 كتاباً في أمريكا و7 كتب في بريطانيا وفق دراسة للمجلس الأعلى للثقافة في مصر.

لقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن شغف القراءة هو الصانع الحقيقي للتقدم البشري، والمحرك الرئيسي لتطور المجتمعات وتحقيق طموحات أبنائها في السعادة والرفاه.. وأن أكثر من 32 مليون طالب عربي جديد في أكبر مشروع للقراءة في العالم..

 

جيل واعد يستلهم تاريخنا الحضاري المجيد ويخاطب المستقبل بلسان فصيح، طلبة العرب يقربون اليوم مسافة الإنجاز بعقل وقاد وإرادة لا تنكسر ورفيق لا غنى عنه اسمه الكتاب..

جاء ذلك لدى تكريم سموه أصحاب المراكز الأولى في فئات تحدي القراءة العربي خلال الحفل الختامي للدورة التاسعة الذي جرى في مركز دبي التجاري العالمي الخميس الماضي.

إن سموه دائم الحرص على زرع الأمل في طريق شباب منطقتنا العربية، الأمر الذي يؤكده دوماً في تدويناته عبر صفحته على شبكات التواصل الاجتماعي قائلاً: «منطقتنا العربية تمر بتحديات ضخمة، ولن ندير ظهرنا لمنطقتنا.. بل سنكون لهم عوناً وسنزرع للشباب أملاً»..

 

إن سموه القائد الذي يستشرف المستقبل ويراهن على العنصر البشري، متخذاً من الثقافة والعلم والتنمية أجنحة للتحليق نحو المستقبل، إن مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «تحدي القراءة العربي» يقيناً ومما لا يدع مجالاً للشك تستطيع أن تغير الواقع المؤلم الذي يعيشه الملايين من المحرومين من القراءة والاطلاع والمعرفة في شتى أنحاء العالم وبكل المراحل العمرية المختلفة، نعم إنها مبادرة العقل العربي.

إن سموه يراهن على العنصر البشري وذلك بقوله، إن القراءة تفتح العقول وتوسع المدارك وتزيد الفضول وترسخ قيم الانفتاح والاعتدال وتسهم في التفوق العلمي والحضاري.

التعليقات معطلة.