اكدت مجلة الايكونوميست البريطانية، ان المنافسة بين الولايات المتحدة وايران ووكلائهم تهدد بتمزيق العراق مجددا وبدأ التوتر السياسي يأخذ شكلا عنيفا ممتدا إلى خارج المنطقة الخضراء، رغم أن القادة العسكريين الإيرانيين والأمريكيين حاربوا تنظيم داعش بجوار بعضهم البعض، أصبحوا حاليا في حالة عداء، وانقسام ولاء الشيعة قد يكون منطلق الشرارة.
وقالت المجلة البريطانية في تقرير لها نشر امس السبت 15 ایلول 2018 ، انه “وبينما يترقب العراقيون الفراغ الرئاسي بتوجس، تواصل واشنطن وطهران تبادل الرسائل في العواصم السياسية وفي الميدان، إذ أعلن أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون لفرض عقوبات على مجموعتين مسلحتين عراقيتين تابعتين لإيران، كما اعتبر قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري أن الضربات الصاروخية التي استهدفت مواقع لجماعة كردية في العراق رسالة للأعداء”.
وأضاف، أن “كل طرف يحاول تشكيل تحالف حاكم على ذوقه، فكل من بريت ماكغورك، مبعوث الولايات المتحدة الإقليمي، وقاسم سليماني، قائد فيلق القدس – وهي وحدة قوات خاصة إيرانية مسؤولة عن العمليات الخارجية- ينظم صفوف حلفائه في المنطقة الخضراء ببغداد، حيث توجد مقرات الحكومة، ويحاول كل طرف تشكيل تحالف حاكم على ذوقه في أعقاب الانتخابات العامة الفوضوية بالعراق التي جرت في أيار 2018”.
واوضح، أن “إيران تريد برلمانا شيعيا مكونا من 200 عضو من أحزاب شيعية مختلفة من إجمالي عدد نواب البرلمان البالغ عددهم 329 للتحكم في المشهد، ويريد ماكغورك أن يتولى الحكم تحالف متعدد الطوائف مكون من كورد وعرب سنة بقيادة قوميين شيعة أقل ولاء لإيران، ويحمل تحالف ماكغورك اسم الإصلاح، ولديه 145 مقعدا في البرلمان، بينما يستحوذ تحالف سليماني المنافس، المسمى بتحالف البناء، على 109 مقاعد، ولا يستحوذ أي من الأطراف على الأغلبية اللازمة لاختيار الرئيس ورئيس الوزراء”.
واشار الى ان “التأخر في اختيار رئيسين للدولة والحكومة بدأ يُترجم أمنيا فالتوتر السياسي بدأ يأخذ شكلا عنيفا ممتدا إلى خارج المنطقة الخضراء، رغم أن القادة العسكريين الإيرانيين والأمريكيين حاربوا تنظيم داعش بجوار بعضهم البعض، أصبحوا حاليا في حالة عداء، في 6 أيلول، سقطت قذائف هاون بالقرب من السفارة الأمريكية في بغداد، وتعرضت قنصليتها في مدينة البصرة إلى القصف أيضا في وقت لاحق.
وتعد هذه أولى الهجمات التي تنفذها ميليشيات شيعية على أهداف أمريكية في العراق منذ عام 2011، بعدها بيومين، أطلقت إيران صواريخ على قاعدةٍ عسكرية كردية في مدينة كوي العراقية القريبة من الحدود، وذكرت تقارير أن هذا القصف الإيراني كان الأول ضد العراق منذ حربهما الطولية التي اندلعت في ثمانينيات القرن الماضي، وفي المقابل احرق متظاهرون خلال أربعة أيام من الاحتجاجات الغاضبة، المكاتب الحكومية العراقية والقنصلية الإيرانية في مدينة البصرة.
ونوه التقرير الى ان “رئيس الوزراء وزعيم تحالف نصر حيدر العبادي يبذل ما بوسعه للحصول على الدعم الأمريكي ليستمر في منصبه ولاية ثانية عبر إيقاف أبو مهدي المهندس، رجل إيران الذي يقود هيئة الحشد الشعبي، التي تشرف على ميليشيات عراقية متعددة، بينما حلفاء إيران متمسكون بتنفيذ مصالحها حيث يستشيطون غضبا مما يحدث لان إيران كانت أول من هرع لمساعدة العراق عندما اقترب تنظيم داعش من أبواب العاصمة العراقية بغداد، لكن القوميين العراقيين ملتهبون بالحماسة أيضا فمؤيدو الصدر يوبخون قادة الميليشيات المؤيدة لإيران وقد هتف مؤيدو رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، والتي فازت كتلته بالمركز الاول في الانتخابات (إيران بره بره)، ومزقوا صور آية الله خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإيرانية الذي يحظى بولاء العديد من الميليشيات العراقية”.
وخلصت المجلة الى ان “من الاولى التعلم من دروس داعش بعد انتخابات 2014، وينبغي أن يشكل هذا الوضع مصدر قلق للسياسيين في العاصمة العراقية بغداد، فبعد آخر مرة اختلف فيها السياسيون بعد انتخابات غير حاسمة في 2014، انقض مسلحو تنظيم داعش على الموصل وغيرها من المناطق في شمالي وغربي العراق مشعلين حربا مدمرة امتدت لثلاث سنوات”.