مقالات

{محاولات التحايل على الدولة المدنية من قبل رجال الدين}

حسن فليح / محلل سياسي

التحايل والالتفاف على الدولة المدنية في العراق يمثلان أحد أبرز التحديات التي تواجه تطور النظام الديمقراطي واستقرار البلاد ، بعد سنوات من الحروب والنزاعات وبعد إقرار دستور 2005 الذي حاول بناء أسس الدولة المدنية، تحاول الاحزاب الدينية المرتبطة بأيران والتي تعارض هذا التوجه تستغل ثغرات في النظام السياسي لتحقيق مصالحها الخاصة، هذه المقالة تسلط الضوء على أساليب التحايل على الدولة المدنية في العراق، وتأثير ذلك على المجتمع، والحلول الممكنة للتصدي لهذه الظاهرة.
1- تعريف الدولة المدنية:
الدولة المدنية هي الدولة التي تقوم على سيادة القانون، واحترام الحقوق والحريات المدنية، وفصل الدين عن السياسة، وضمان التعددية السياسية. في هذا النموذج، تتساوى جميع المواطنين أمام القانون بغض النظر عن الدين أو العرق أو المذهب.

2-أشكال التحايل على الدولة المدنية في العراق:
التأثير الديني في السياسة؛
على الرغم من النصوص الدستورية التي تؤكد على فصل الدين عن الدولة، إلا أن العديد من القوى السياسية في العراق تعتمد بشكل أساسي على الخطاب الديني لجذب الأصوات وتحقيق النفوذ السياسي. هذا التأثير الديني يضعف مؤسسات الدولة المدنية ويدفع إلى هيمنة فكر طائفي يعيق بناء دولة المواطنة.

3- استخدام السلاح خارج إطار الدولة:
تنتشر الميليشيات المسلحة المرتبطة بتيارات سياسية ودينية، وتعمل خارج إطار القانون. هذه المجموعات غالبًا ما تلتف على مؤسسات الدولة المدنية وتفرض أجنداتها الخاصة، مما يضعف الحكومة المركزية ويقوض سيادة القانون.

4-المحاصصة الطائفية: المحاصصة الطائفية تعد أحد أشكال التحايل التي تعرقل بناء الدولة المدنية في العراق. توزيع المناصب والامتيازات على أساس طائفي بدلاً من الكفاءة والمواطنة يؤدي إلى إضعاف المؤسسات وتقويض فعالية الحكومة في تقديم الخدمات وتحقيق العدالة.

5- التلاعب بالانتخابات:
التزوير والتلاعب في العمليات الانتخابية يمثلان تحايلاً آخر على الدولة المدنية. بعض القوى السياسية تعتمد على الفساد والوسائل غير الشرعية للبقاء في السلطة، مما يقوض مصداقية الانتخابات كأداة ديمقراطية ويضعف ثقة المواطن في النظام السياسي.
6- التأثيرات السلبية للتحايل على الدولة المدنية:
تفكك الوحدة الوطني سيطرة القوى الطائفية والمليشيات المسلحة تؤدي إلى تعميق الانقسامات الطائفية والعرقية، مما يهدد الوحدة الوطنية ويعوق الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار والتنمية.

7- إضعاف سيادة القانون:
ضعف الدولة المدنية يسمح بانتشار الفساد والانتهاكات القانونية، مما يؤدي إلى تآكل سلطة الدولة وإضعاف مؤسساتها الأمنية والقضائية.

8-إحباط التقدم الاجتماعي والاقتصادي:
التحايل على الدولة المدنية يعوق تحقيق الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الضرورية. القوى المناهضة للدولة المدنية تعرقل جهود التنمية وتبقي العراق في حالة من الركود والتخلف.

9-كيفية التصدي للتحايل والالتفاف على الدولة المدنية:

تعزيز الثقافة المدنية:
بناء وعي شعبي قوي بأهمية الدولة المدنية وسيادة القانون يمكن أن يكون درعا ضد التحايل. التعليم ووسائل الإعلام والمجتمع المدني يمكن أن يلعبوا دورًا كبيرًا في نشر هذه الثقافة.

10- إصلاح النظام الانتخابي:
ضمان نزاهة وشفافية الانتخابات من خلال إشراف دولي ومراقبة محلية قوية يمكن أن يحد من التلاعب ويساهم في تعزيز ثقة المواطن في النظام السياسي.

11- تقوية مؤسسات الدولة:
يجب على الحكومة العراقية تعزيز مؤسسات الدولة المدنية بما في ذلك الأجهزة القضائية والأمنية لضمان أنها قادرة على فرض سيادة القانون ومواجهة التحديات التي تواجهها من قبل القوى المناهضة.

12- إضعاف النفوذ غير الشرعي: تقليص نفوذ المليشيات المسلحة والجماعات التي تعمل خارج إطار القانون يجب أن يكون أولوية من خلال جهود حثيثة لنزع السلاح وإعادة دمج أفراد هذه الجماعات في المجتمع بشكل سلمي.

13- تعزيز المصالحة الوطنية: تحقيق مصالحة وطنية شاملة تعتمد على مفهوم المواطنة والعدالة الاجتماعية بدلاً من الطائفية والمحاصصة قد يساعد في تحقيق دولة مدنية قوية وموحدة.
ان التحايل والالتفاف على الدولة المدنية يشكلان عقبة كبيرة أمام تقدم العراق نحو الاستقرار ويجري حاليا العمل على حرف التجربة الديمقراطية عن مسارها الصحيح والقضاء التام على ماتبقى من اثر للدولة المدنية وتحويلها الى حكم رجال الدين على غرار التجربة الحالية بايران ، يمكن للعراق أن يتجاوز هذه التحديات ويبني دولة مدنية قادرة على تحقيق تطلعات الشعب في الأمن والرفاهية من خلال التالي “
إن إنقاذ الدولة المدنية في العراق من هيمنة رجال الدين يتطلب مجموعة من العوامل التي تتداخل مع بعضها البعض. من بين هذه العوامل:

1.التوعية والتعليم:
نشر الوعي حول مفاهيم الدولة المدنية والفصل بين الدين والسياسة. هذا يتطلب تعزيز التعليم المدني وتضمين مفاهيم الحرية الفردية وحقوق الإنسان والديمقراطية في المناهج التعليمية.

  1. إصلاح النظام السياسي: تعديل الدستور والقوانين التي تسمح بتدخل الدين في السياسة. فصل الدين عن الدولة بشكل واضح وتحديد دور المؤسسات الدينية بحيث يكون بعيداً عن صنع القرارات السياسية.

3-تمكين دور منظمات المجتمع المدني:
دعم منظمات المجتمع المدني التي تعمل على تعزيز القيم المدنية والديمقراطية. هذه المنظمات تلعب دوراً حيوياً في نشر الوعي والدفاع عن حقوق الأفراد.

4- التسامح الديني:
تشجيع الحوار بين الأديان والمذاهب لتعزيز التسامح وقبول الآخر، وهو ما يحد من تأثير رجال الدين الذين يسعون إلى تقسيم المجتمع بناءً على أسس طائفية.

5.الإصلاح الاقتصادي:
تحسين الظروف الاقتصادية، حيث أن البطالة والفقر غالباً ما تجعل الناس أكثر عرضة للتأثر بخطاب رجال الدين. تحسين مستوى المعيشة يمكن أن يقلل من الاعتماد على القوى الدينية كوسيلة للبقاء.

6-تشجيع الإعلام الحر والمستقل:
الإعلام يلعب دوراً كبيراً في فضح التدخلات الدينية غير المشروعة في السياسة، وتعزيز مفهوم الدولة المدنية. يجب أن يكون الإعلام بعيداً عن هيمنة رجال الدين وأن يشجع الحوار المفتوح حول دور الدين في المجتمع.

7- دعم الأحزاب المدنية:
دعم الأحزاب السياسية ذات الطابع المدني والليبرالي التي تتبنى رؤية قائمة على حقوق الإنسان والديمقراطية، وتشجيع الناس على المشاركة السياسية من خلال هذه الأحزاب بدلاً من الأحزاب ذات الطابع الديني.

كل هذه العوامل مجتمعة يمكن أن تساعد على بناء دولة مدنية قوية ومستقرة في العراق، ولكن هذا يتطلب جهوداً كبيرة وتعاوناً بين مختلف الأطراف الفاعلة في المجتمع .