هيفاء صفوق
الحياة جميلة في تطورها ونموها دائماً للأفضل، حتى وإن بدت في ظروفها ومواقفها غير جيدة يضل مضمونها يحوي الخير الكثير.
بعض الأفراد يغضب من سوء الظروف أو المرور في مواقف محبطة، أو فشل في عمل أو مشروع أو خذلان صديق، وهذا شيء طبيعي أن يغضب أو يحزن الفرد في بداية الموقف، لكن عليه فيما بعد أن يتجاوز هذا الغضب أو هذا الحزن ويشاهد ما هو أعمق من ذلك.
نعم، هناك يوجد العمق في التجربة نفسها التي تجعلنا ندرك الرسالة من وجودنا في الحياة، وأن الحياة لكي تسير بسلام علينا بالسلام نفسه والمحبة ذاتها.. هنا نكون.
تذكرت أحد الأشخاص عندما فشل في عمل معين وتم الاستغناء عنه، في وقتها أصابه شعور الإحباط والفشل وأنه هو الوحيد الفاشل بين أخوته وأصدقائه، أخذ وقت في هذه الدائرة استمرت أشهراً عدة، حتى بدأ بصيص الأمل يعود له بقوة بعدما لمعت في ذهنه فكرة مشروع آخر، بدأ يجمع المعلومات ويختلط بأصحاب الخبرة حتى وجد الشخص المناسب الذي كان يتبنى الفكرة نفسها وأيضاً لديه القدرة المالية، هنا بالذات هذا الشخص وقف وقفة تأمل عميقة، ابتداء من خروجه من وظيفته إلى أن وجد الشخص المناسب في الوقت المناسب، وبدأ يدرك مواهبه وقدرته التي هي أساساً موجودة فيه، لذا تم الاتفاق مع هذا الرجل الذي تبنى المشروع وكلفته كاملة، هنا بدأ يستوعب ليس كل ما يعترض الفرد سيء له أبداً.
اتساع الرؤية والنظرة الشمولية والتركيز على ما نرغب به لهدف أو مشروع يجعلنا متحررين من القيود الوهمية التي تكبلنا كالخوف والتردد وعدم الثقة, يعتبر ذلك أكبر تحدٍ للإنسان أن يشاهد الأسباب الحقيقية خلف التوقف أو الفشل، وإن صح التعبير ليس فشل بل هو تجربة إنسانية تعلم وتهذب للارتقاء.
الرؤية العميقة تجعلنا نشاهد التعثرات والتحديات أمام هدف أو مشروع بمرونة وهدوء وعدم الغضب، تجعلنا نعرف المسببات وتعطينا الفرصة في المعالجة وإزالة المعيقات، وهنا نتعلم أن أمامنا خيارات وحلول عدة، حتى لو طلب منا تغير الهدف أو المشروع نفسه، فربما ينتظرنا ما هو أفضل ومناسب لنا.
كم من الأشخاص غضبوا في مرحلة معينة في حياتهم، لكن بعد سنوات يشكرون الله كثيراً أن خياراتهم تغيرت وتنوعت وفتحت لهم أبواب رزق وخير الشيء الكثير، هذا يعلمنا ألا نحزن.. ألا نقف، بل يجعل الإرادة قوية جداً في داخلنا وهذه أحد مميزات ذكاء الإنسان.
حياتنا عبارة عن رحلة جميلة وعميقة تسهم في إعمار الأرض، وكل فرد منا يحمل رسالة تنقسم هذه الرسالة إلى: رسالة خاصة في تحقيق الذات، ورسالة خاصة في الترابط والتكامل مع بعضنا كبشر، ورسالة سامية نورانية، وخاصة هي علاقتنا بالله عز وجل، وهذا يعلمنا المعنى الحقيقي لوجود الإنسان من خلال المحبة والتسامح والعطاء.
الحياة كالدائرة في مراحلها متداخلة بين البداية والنهاية، كل شيء له مرحلة يتطور ويتقدم وينمو ثم تنتهي هذه المرحلة ليتقدم إلى مرحلة أخرى أكثر وعياً وتطوراً، هذا ما نلاحظه في مجال العمل، نبدأ في مكان معين ثم نذهب إلى مكان أفضل وأحسن بحسب نمونا وتطورنا المهني، وفي مجال الأسرة نفسها هناك أبناء يكبرون ويستقلون عنا في حياتهم الخاصة، وينطبق ذلك في مجال الوعي الإنساني وما تحويه عقولنا وقلوبنا من المعرفة والعلم والمهارة والحكم، فإننا أيضا نتطور ونتغير للأفضل في مساعدة بعضنا بالكلمة الطيبة وصناعة المعروف، كل بحسب استطاعته، ومن لم يتغير فالتجارب كفيله أن تعلمه ذلك.
جميل أن ندرك أهمية الانتقال بوعي من مرحلة إلى أخرى في كل مجالات الحياة، سواء أكان الجانب الشخصي أم الاجتماعي أم العملي، الانتقال بوعي يجعلنا نحسن وضع الخطط ووضع الأهداف المناسبة لنا بأفضل الاحتمالات، خاصة إذا جعلنا الاحتمالات متعدة وواسعة من دون تضييق نكون تخلصنا من عقدة الخوف من التغير والانتقال.