ملك المستقبل يصنع الأمل على الرمال الساخنة!
فى إطار تطلعاته الطموحة لرؤية 2030 بتحول المملكة إلى نموذجٍ عالمى رائد، فى مختلف جوانب الحياة، ينثر الأمير محمد بن سلمان “ملك المستقبل السعودي” بذور حلمه الكبير مشروع “نيوم” على الرمال الساخنة، من خلال التركيز على استجلاب سلاسل القيمة فى الصناعات والتقنية داخل هذا المشروع الذى سيتم دعمه بأكثر من نصف تريليون دولار، ويمتد بين المملكة والأردن ومصر، بمساحة 26.5 ألف كلم، وستركز منطقة “نيوم” – بحسب قوله – على تسعة قطاعات استثمارية متخصصة تستهدف مستقبل الحضارة الإنسانية ، وهى مستقبل الطاقة والمياه ، ومستقبل التنقل ، ومستقبل التقنيات الحيوية ، ومستقبل الغذاء ، ومستقبل العلوم التقنية والرقمية ، ومستقبل التصنيع المتطور، ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامى ، ومستقبل الترفيه ، ومستقبل المعيشة الذى يمثل الركيزة الأساسية لباقى القطاعات ؛ وذلك بهدف تحفيز النمو والتنوع الاقتصادي، وتمكين عمليات التصنيع، وابتكار وتحريك الصناعة المحلية على مستوى عالمي.
والهدف الأساسى الذى يسعى له ” بن سلمان ” جراء هذا المشروع الضخم هو خلق فرص عمل والمساهمة فى زيادة إجمالى الناتج المحلى للمملكة، ومن ثم سيعمل مشروع “نيوم” على جذب الاستثمارات الخاصة والاستثمارات والشراكات الحكومية ، وتمتاز منطقة المشروع بخصائص مهمة، أبرزها الموقع الاستراتيجى الذى يتيح لها أن تكون نقطة التقاء تجمع أفضل ما فى المنطقة العربية ، وآسيا ، وإفريقيا، وأوروبا، وأمريكا، وتقع المنطقة شمال غرب المملكة، على مساحة 26.500 كم2، وتطل من الشمال والغرب على البحر الأحمر وخليج العقبة بطول 468 كم، ويحيط بها من الشرق جبال بارتفاع 2.500 متر، يضاف إلى ذلك النسيم العليل الذى يساهم فى اعتدال درجات الحرارة فيها، كما ستتيح الشمس والرياح لمنطقة المشروع الاعتماد الكامل على الطاقة البديلة.
ومن الأساسات التى يقوم عليها الحلم متجسدا فى مشروع “نيوم” إطلالته على ساحل البحر الأحمر، الذى يعد الشريان الاقتصادى الأبرز فى المنطقة بأثرها ، والذى تمرُّ عبره قرابة 10% من حركة التجارة العالمية ، بالإضافة إلى أن الموقع يعد محوراً يربط القارات الثلاث ؛ آسيا وأوروبا وإفريقيا ، إذ يمكن لـ 70% من سكان العالم الوصول للموقع خلال 8 ساعات كحد أقصى، وهذا ما يتيح إمكانية جمع أفضل ما تزخر به مناطق العالم الرئيسة على صعيد المعرفة ، والتقنية ، والأبحاث ، والتعليم، والمعيشة، والعمل، كما سيكون الموقع المدخل الرئيس لجسر الملك سلمان الذى سيربط بين آسيا وإفريقيا، مما يعزز من مكانته وأهميته الاقتصادية، وسيشتمل مشروع “نيوم” على أراضٍ داخل الحدود المصرية والأردنية، حيث سيكون أول منطقة خاصة ممتدة بين ثلاث دول ، هى فى الواقع الجغرافى تشكل حلقة الربط بين قارتى آسيا وأفريقيا من ناحية ، ومن ناحية أخرى تربط القارتين بأوروبا وأمريكا فى نفس الوقت .
عنصر التمويل والقدرة المالية هنا فى هذا المشروع الحلم ، هو أحد أهم مقوماته الأساسية ، والذى سيعتمد على الاقتصاد السعودى بشكل رئيس، ويقف خلفه صندوق الاستثمارات العامة ، والذى تحول مؤخراً إلى صندوق عالمى رئيس بإمكانات استثمارية ضخمة ، والوصول لشبكة واسعة من المستثمرين وكبرى الشركات فى كل أنحاء العالم ، والتى سيتم توظيفها لإنجاح المشروع ، وهذا من شأنه أن يكون بمثابة نقطة ربط للمحاور الاقتصادية ، مما يساهم بدرجة كبيرة فى جذب رؤوس الأموال والاستثمارات العالمية إليه ، وبالتالى حصول الصندوق على المدى الطويل على عوائد ضخمة ستسهم فى تعزيز اقتصاد المملكة العربية السعودية ، وتحقيق أرباح عالية للمستثمرين ، كما سيحد المشروع من تسرب الأموال لخارج المملكة ، ويهدف إلى أن يكون أحد أهم العواصم الاقتصادية والعلمية العالمية ، ويعتبر استقطاب المستثمرين العالميين إلى المنطقة وإشراكهم فى تطويرها وتنميتها وبنائها، من قبلهم ولمصلحتهم، أحد المُمكِّنات الرئيسة لنجاح هذا المشروع وأهم عناصره الجاذبة التى تساعدهم على النمو والازدهار فى أعمالهم، يؤكد ذلك المرونة العالية لصياغة الأنظمة والتشريعات من قبل المستثمرين، التى تعزز الابتكار التقنى والمجتمعى وفق أفضل الممارسات العالمية، حيث إن أنظمة منطقة المشروع مستقلة عن أنظمة المملكة فيما عدا السيادية منها.
تصريحات ولى العهد السعودى فى لحظات كشفه عن المشروع تبشر بالأمل فى منطقة ساخنة بالأحداث، حيث قال: سيتم بناء منطقة “نيوم” من الصفر على أرض خام، وهذا ما يمنحها فرَصاً استثنائية تميزها عن بقية المناطق التى نشأت وتطورت عبر مئات السنين، وسنغتنم هذه الفرصة لبناء طريقة جديدة للحياة بإمكانيات اقتصادية جبارة، وأضاف: تشمل التقنيات المستقبلية لتطوير منطقة “نيوم” مزايا فريدة، يتمثل بعضها في: حلول التنقل الذكية بدءاً من القيادة الذاتية وحتى الطائرات ذاتية القيادة، الأساليب الحديثة للزراعة وإنتاج الغذاء، الرعاية الصحية التى تركز على الإنسان وتحيط به من أجل رفاهيته، الشبكات المجانية للإنترنت الفائق السرعة أو ما يُسمى بـ “الهواء الرقمي”، التعليم المجانى المستمر على الإنترنت بأعلى المعايير العالمية، الخدمات الحكومية الرقمية المتكاملة التى تتيح كل الخدمات للجميع بمجرد اللمس، معايير جديدة لكود البناء من أجل منازل خالية من الكربون، وتصميم إبداعى ومبتكر لمنطقة “نيوم” تحفز على المشى واستخدام الدراجة الهوائية تعززها مصادر الطاقة المتجددة، وكل ذلك سيخلق طريقة جديدة للحياة يأخذ بعين الاعتبار طموحات الإنسان وتطلعاته، وتطبيق أحدث ما توصلت إليه أفضل التقنيات العالمية.
إذن نحن أمام منطقة مغايرة لواقعها المؤلم خلال الثمانى سنوات القادمة حيث تتضمن الخطط بناء مدينة ضخمة على مساحة تزيد عن 25 ألف كيلومتر مربع لتصبح مركزا للتكنولوجيا مرتبط مربوطا بكل من الأردن ومصر، ويتوقع أن تكون المرحلة الأولى من المشروع جاهزة بحلول عام 2025، فى حين يتطلع مشروع “نيوم” لتحقيق أهدافه الطموحة بأن تكون هذه المنطقة من المناطق الأكثر أمناً فى العالم إن لم تكن الأكثر على الإطلاق، وذلك عبر توظيف أحدث التقنيات العالمية فى مجال الأمن والسلامة، وتعزيز كفاءات أنشطة الحياة العامة ؛ من أجل حماية السكان والمرتادين والمستثمرين، وذلك بفضل أتمتة جميع الخدمات المقدمة والإجراءات فيها بنسبة 100% بهدف أن يصبح مشروع “نيوم” الأكثر كفاءة حول العالم ، وبالتالى يتم تطبيقها على كل الأنشطة كالإجراءات القانونية والحكومية والاستثمارية وغيرها، بل إن المنطقة بأكملها ستخضع لأعلى معايير الاستدامة العالمية، وستكون جميع المعاملات والإجراءات والمرافعات فيها إلكترونية دون ورق، وسيتم السعى بقوة لتطبيق مفهوم القوى العاملة للاقتصاد الجديد الذى يعتمد على استقطاب الكفاءات والمهارات البشرية العالية للتفرغ للابتكار وإدارة القرارات وقيادة المنشآت، أما المهام المتكررة والشاقة فسيتولاها عدد هائل من الروبوتات، والتى قد يتجاوز عددها تعداد السكان، مما قد يجعل إجمالى الناتج المحلى للفرد فى المنطقة هو الأعلى عالمياً، وكل تلك المقومات والخصائص ستضع مشروع “نيوم” فى الصدارة من حيث كفاءة الخدمات المقدمة ليصبح الأفضل للعيش فى العالم.
ويقول المراقبون إن ولى العهد يقود توجها لتحضير السعودية لمرحلة ما بعد النفط ، ولتقليل اعتماد الاقتصاد عليه ، لكنه على حد قوله مشروع يستهدف مستقبل الحضارة الإنسانية، وبالتالى فهو سيخلق طريقة جديدة للحياة يأخذ بعين الاعتبار فيها طموحات الإنسان وتطلعاته ، وتطبيق أحدث ما توصلت إليه أفضل التقنيات العالمية ، وفى هذا الصدد أكد ” بن سلمان ” على أن الإرادة السياسية القوية ، والرغبة الشعبية القوية ، تمثلان عناصر نجاح تقود إلى إقامة شيىء كبير وعظيم داخل السعودية،هناك اليوم فرص خيالية فى المشروع ، وقدرة استثمارية ضخمة جداً مستهدفة بحجم 500 مليار دولار ، فلدينا موقع مميز بين ثلاث قارات ، و10 فى المائة من التجارة العالمية تمر من البحر الأحمر بجوار الموقع ، إضافة إلى طبيعة خلابة ؛ جبال ووديان وسهول وشواطئ وجزر ، وفى الشتاء الجبال تكسوها الثلوج ، وفى الصيف الجو معتدل أقل بعشر درجات من بقية العواصم والمدن الخليجية .
وتابع ولى العهد السعودى متحدثا بثقة : بعد وجود كل هذه الفرص والمقومات وأرض شبه خالية بدأنا نفكر لماذا نبنى مدينة بشكل تقليدى ، لدينا فرصة ننتقل بها إلى جيل جديد من طريقة الحياة، فبدأنا نبحث عن العديد من الشركات والمستثمرين ورواد الأعمال لبلورة كل الأفكار واستغلال هذه الفرص والقدرة الهائلة لخلق شيىء جديد فى العالم، وشدد فى الوقت ذاته على أن ” أهم عنصر هو الشعب السعودى ورغبته ، فالشعب الذى يعيش فى هذه الصحراء لديه الكثير من القيم والمبادئ والركائز ” وقال : “سنبنى أكبر من سور الصين العظيم ولكن بألواح شمسية، وأكبر عنصر لدينا فى مشروع “نيوم” الإنسان السعودي، ولديه خصلتان مهمتان، الدهاء وهو ما جعله يعيش فى صحراء صعبة ، والثانية عزيمة جبارة تجعله يقاوم أى شيىء ، ويصل لأى أمر يريد الوصول إليه، واليوم لدينا شعب مقتنع نعمل معه بشكل قوى للوصول بالسعودية ومشاريعها إلى آفاق جديدة فى العالم”.
أكثر ما أعجبنى فى عرض ملك المستقبل السعودي، قوله: “أنا واحد من 20 مليون نسمة، ولا شيء من دونهم، فهم من يحفزونني، وسوف يخلقون بلداً مختلفاً تماما، ويضعون بصمتهم فى العالم، وما يطمئن أن 70 فى المائة من الشعب لديهم شغف وطموح كبير جداً على المستوى الشخصى والوطنى والحرص والدقة والاحترافية والذكاء العالى جداً لتحقيق المستحيل”، وأكد أن العالم لن ينتظر للحاق به، ولا بد من أن نكون جزءاً من صنع التطور، فالمدينة ستقوم على أحدث الأساليب ، والفرصة خيالية ، لأن المنطقة شبه خالية ، وتوجد أحلام كثيرة من القيادة والشعب وشركائنا ، آلاف الأحلام سوف تنشأ فى مشروع “نيوم” ، والجميع يستطيع أن يتخيل كيف ستكون مدينة إذا بدأت من الصفر وألغيت فكرة المدن التقليدية .. أشياء كثيرة يمكن أن تحدث.. وتلك حقيقة مؤكدة تعكس صدق رؤية الأمير محمد بن سلمان ، ولى العهد السعودى ، والذى يستحق منا جميعا التقدير والاحترام لشجاعته وفطنته وجسارته فى تحدى المستحيل فى سبيل صناعة الأمل على الرمال الساخنة .